«وفاة الدكتور طه حسين، الذي أصبحت كتبه من كلاسيكيات الأدب العربي الحديث، بعد يوم من تسلمه جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن عمر يناهز الـ 84 عامًا ولم يكشف الإعلان الرسمي عن سبب الوفاة»، هكذا بدأت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرها الذي نعت فيه الأديب الكبير طه حسين في اليوم التالي لوفاته.
موضوعات مقترحة
وتنشر «بوابة الأهرام» تقرير «نيويورك تايمز» الذي نشر في 29 أكتوبر من عام 1973، وتصدر صفحة الجريدة ليقص أبرز محطات عميد الأدب العربي والذي جاء على النحو التالي:
حصل على أعلى درجات التقدير
إن د. حسين كان واحدا من أعظم رجال الأدب في العالم العربي. على الرغم من كونه ضريرا منذ سن الثالثة، فقد ارتقى في المراتب الأكاديمية لينال أعلى درجات الشرف، فمنحته جامعة السوربون في باريس درجة الدكتوراه في الفلسفة في عام 1918. ومنحته كلية ترينيتي بجامعة أكسفورد درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب عام 1951.
في بلده، شغل الدكتور حسين عدة مناصب أكاديمية وشغل منصب وزير التربية والتعليم المصري من عام 1950 إلى عام 1952. أنتج أكثر من 40 مجلدًا، وشملت أعماله الروايات والمقالات النقدية والتاريخ وكتب الفلسفة والتعليم.
على الرغم من تقاعده من الحياة الرسمية بعد ثورة عبد الناصر عام 1952، فقد حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1958، وظل أحد محرري صحيفة الجمهورية المملوكة للحكومة.
ككاتب، ربما اشتهر الدكتور حسين بسلسلة من مجلدات سيرته الذاتية، بدءًا من كتاب "الأيام"، فبعد أن روى قصة طفولته المبكرة في إحدى قرى صعيد مصر وإصابته بالعمى بعد مرض، قدم سردًا واضحًا بشكل ملحوظ عن مغادرته لمنزله لمتابعة الدراسة في مسجد وكلية إسلامية في القاهرة عمرها ألف عام.
كعالم ومعلم، كان الدكتور حسين مناضلًا وثوريًا، حيث دعى بمجانية التعليم لكل الأطفال، قبل وقت طويل من إقرار الرئيس جمال عبد الناصر "الاشتراكية العربية" كمبدأ.
دعم خلط الثقافات
آمن الدكتور حسين بأنه مهما كانت الثقافة الشرقية غنية في حد ذاتها، إلا أن اختلاطها بثقافة الغرب إذا كان العرب، كشعب، يريدون أن يكتسبوا مكانهم الصحيح في العالم ويحافظوا عليه.
عندما عاد للتدريس في الجامعة المصرية، القاهرة الآن، بعد حصوله على درجة السوربون، ألقى الدكتور حسين محاضرات في التاريخ اليوناني والروماني الكلاسيكي، وهي موضوعات كانت غير مألوفة للطلاب. وتساءل: لماذا يجب أن يظل أبناء وطنه، المتحمسون جدًا لتأكيد حرياتهم، معتمدين على شعوب أوروبا في كل ما يغذي العقل والمشاعر في العلوم والفلسفة والأدب والفنون.
لم يكن خلط التاريخ الأوروبي والعلم والفلسفة بالفكر العربي في ذلك الوقت مفهومًا كمعارضة للدكتور حسين، فتعرض لهجوم مرير في كل من الأماكن الأكاديمية والرسمية. لكن في النهاية كان لحجته وتعاليمه تأثير كبير، وسادت وجهة نظره: لا يمكن فهم أوروبا وأمريكا بشكل صحيح إلا من خلال استكشاف مصادر الثقافة الأوروبية، وأنه يمكن تطبيق المبادئ النقدية الغربية وطرق الدراسة الليبرالية بشكل مثمر في الدول العربية.
لتقريب الأدب الأوروبي من مصر والأراضي العربية الأخرى، أصبح الدكتور حسين مترجما غزير الإنتاج. كان يعرف الفرنسية والإنجليزية والألمانية بطلاقة، وترجم العديد من الأعمال من تلك اللغات إلى العربية. ربما كان أعظم إنجازاته في السنوات اللاحقة هو الإشراف على الترجمة إلى العربية لجميع أعمال شكسبير.
فضول فكري
ولد الدكتور حسين عام 1889 في مغاغة بصعيد مصر. لم يهزم فضوله الفكري بعمى مبكر. كان على والديه إرساله إلى الأزهر، الذي ظل لقرون وجهة الطلاب المكفوفين ليصبواعلماء ومعلمين للإسلام. حكى الدكتور حسين في سيرته الذاتية كيف أن "استنارة" المعرفة أعطته "رؤية" جديدة.
بعد خروجه من الأزهر التحق بالجامعة المصرية للدراسات العليا ثم إلى جامعة السوربون. خلال القرن التاسع عشر، درس التاريخ والأدب والفلسفة والتعليم في جامعة القاهرة. وفي عام 1930 أصبح عميد كلية الفنون الجميلة.
كان للدكتور حسين الفضل الأكبر في إنشاء جامعة الإسكندرية، التي أصبح أول رئيس لها في عام 1943.
كتب «مستقبل الثقافة» وهي خطة شاملة للتعليم في مصر، وقد أدى ذلك إلى تعيينه وزيرا للتعليم في عام 1950. عمل كوزير على إتاحة التعليم لكل طفل في مصر. وقال إن هذه هي الطريقة الوحيدة لتوفير فرص متساوية لجميع المصريين.
في أواخر الخمسينيات ومنذ ذلك الحين، قامت الجمهورية العربية المتحدة، من خلال وزارة خارجيتها، بترشيح الدكتور حسين مرارًا وتكرارًا لجائزة نوبل للآداب.
كيف نعت النيويورك تايمز عميد الأدب العربي