لديه 6 أطفال، أصغرهم عمره ستة شهور. يدفع نفقة شهرية لزوجته السابقة. إذا أدخل نجله الصغير المدرسة، التى تعلم هو فيها، عليه دفع 42 ألف جنيه إسترلينى سنويا. راتبه الشهرى 15 ألفا. لا يستطيع العيش به، لذا يعتزم الاستقالة.
الوظيفة رئاسة الحكومة البريطانية، والمتضرر بوريس جونسون، الذى تحدث نواب فى حزبه عن مغادرته منصبه بعد 6 شهور. إنه يشعر بالغيرة من رؤساء حكومات سابقين يجمعون الملايين من المحاضرات والاستشارات. يعتقد أنه ليس أقل منهم بل أفضل.
قيود المنصب المشددة تحد من قدرته على تحسين دخله. أتذكر، عندما كنت فى لندن مراسلًا للأهرام قبل 22 عامًا، أن وزير دولة للشئون الخارجية، دعا صحفيين للحديث معهم، ولما طال الوقت، فكر الوزير بتقديم شيء لنا، فإذا به بسكويت «ناشف» وشاي. عندما لاحظ استغرابنا، قال: غير مسموح لى بأكثر من ذلك.
الاستقالة ليست أمرًا استثنائيًا بـالديمقراطيات الغربية. لا يستدعي الأمر أسبابًا كارثية. يكفى تنغيص نواب الحزب على رئيس الوزراء كى يغادر. فعلتها تريزا ماي، التى سبقت جونسون قبل سنة، وفعلها من قبلها كاميرون وهكذا.
قليلون من يتمسكون بالمنصب، وأشهرهم ثاتشر، التي تآمر وزراؤها عليها لإخراجها من 10 داوننج ستريت، فغادرت دامعة باكية. بالمقابل، يتذكر البريطانيون «اللحظة الويلسونية»، عندما فاجأ رئيس الوزراء هارولد ويلسون الجميع عام 1975 بالاستقالة دون سبب واضح، ليتبين فيما بعد أنه فقد شهيته للمنصب.
إذ قال بمذكرة سرية لوزرائه: ولت الأيام الخوالي، التي كان للمنصب فيها مزايا ومكانة اجتماعية دون بذل جهد. أعمل 7 أيام بالأسبوع و14 ساعة يوميا، ومع ذلك المشاكل لا تنتهي.
جونسون لديه نفس اللحظة. أيامه بالحكم صعبة جدا.. خروج من أوروبا وتفشي كورونا، الذي كاد يودي بحياته فى مارس الماضي. عاد للعمل فورًا، الأمر الذى علق عليه رياضى سابق: إذا أعدت حصانًا للسباق بعد إصابته بجروح، فلن يتعافى أبدًا.
ربما يستقيل جونسون، وربما يتراجع، لكنه يعتقد أن ترك السلطة ليس نهاية العالم. هناك حياة أخرى، أكثر هدوءًا وراحةً، والأهم تحقيقًا للمكاسب المادية.
[email protected]
* نقلًا عن صحيفة الأهرام