بدا مكفهر الوجه، زائغ العينين، يستشرف مجهولا مخيفا. الإرهاق ترك تجاعيد على وجهه زادت من سنوات عمره 10 على الأقل. يشعر رئيس الوزراء البريطانى جونسون أن كورونا يتربص به، وعازم على إنهاء مستقبله السياسى بعد أن كان قبل شهورعلى شفا الموت بسببه.
من فرط تعبير الصورة عن حالة جونسون، نشرتها الصحف البريطانية اليومية على صدر صفحاتها الأولى، وهو أمر نادر الحدوث لصحف متنوعة الاتجاهات والمدارس الصحفية. لم يعد يعرف ماذا يفعل؟. شدد الإجراءات لتبدو البلاد، كما لو كانت تحت حظر التجول خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، لكن ذلك لم ينفع بعد أن بات عدد الذين تم نقلهم للمستشفيات فى إنجلترا أعلى مما كان عليه فى ذروة تفشى كورونا مارس الماضى.
جونسون أعلن تقسيم إنجلترا إلى 3 مستويات بحسب انتشار الفيروس: متوسط ومرتفع ومرتفع للغاية، وحدد إجراءات المواجهة طبقا لذلك، فهناك إغلاق كامل وحظر تنقل، وهناك إجراءات أقل. عادت الأمور للمربع الأول، بما يعنى أن النتيجة فشل كامل، والأخطر تلاشى اليقين بشأن ما إذا كانت القيود الجديدة ستنجح أم لا، فالوباء يتفشى ويصيب ويقتل بلا رحمة، والقادم أسوأ ما لم تحدث معجزة تتمثل بلقاح يتحدث الجميع عنه لكنه لم يظهر بعد.
الاستكانة والاستهانة وخداع النفس بأن كورونا أصبح من الماضى، كما يحدث عندنا، من شأنه تعريضنا لسيناريوهات شبيهة لا قدر الله مع قدوم الشتاء. أدرك أن الظروف مختلفة لكن كورونا واحد، وما لم نتعلم من تجارب الآخرين، سيكون علينا للأسف تكرار أخطائهم. مناشدة الناس وتذكيرهم بدورهم وبخطورة الأمر، لا تكفى ولن تغير من الواقع. نحتاج لإعادة تفعيل الإجراءات ومعاقبة من يخترقها، والأهم إشعار الجميع بأن المسألة ليست حرية شخصية على الإطلاق.
بريطانيا بذلت جهودا هائلة .. والنتيجة «وكأنك يا أبوزيد ما غزيت». نحن لسنا محصنين ضد عدوان كورونا بل ربما كان الوضع أخطر بالنظر لحالة اللامبالاة والثقة الزائدة، وأخشى أن تنطبق علينا غزوة أبو زيد. حمى الله مصر والمصريين.
نقلا عن صحيفة الأهرام