ليست هناك مهنة معصومة من الخناقات بين أبنائها، المشاحنات بين أبناء الكار الواحد أشد وأقسى من النزاعات مع الآخرين، وفي زمن كورونا، الذي أجلس كثيرين ببيوتهم وضيق عليهم فرص العمل، لم نعد نسمع سوى جعجعة ولا نرى طحنًا، كما يقول المأثور العربي عمن يكثرون الكلام ولا ينجزون شيئًا.
الأيام الماضية، سمعنا وشاهدنا جعجعة كثيرة.. شتائم وألفاظًا خارجة وخناقات ولقطات فيديو حول أمور لا تهم أحدًا سوى أطرافها، لكن السوشيال ميديا والمواقع الإخبارية حولتها إلى قضية قومية من المهم متابعة تطوراتها، وإلا ستشعر أنك فاتك الكثير.
فنان التقى مصادفة لاعب كرة، ليتحول الأمر من عتاب لشتائم، فخناقة تسيطر تداعياتها على الوسطين الفني والرياضي. تبحث عن جوهر القضية، لا تجد شيئًا ذا بال. عليك فقط أن تتابع الأحداث الدرامية، طالما لم يعد هناك فن ولا رياضة نستمتع بهما.
الخناقات بين الفنانين قديمة منذ الأربعينيات وأبطالها نجوم كبار، لكن على الأقل كان هناك قضية يختلفون حولها. الآن، عشرات الخناقات بين فنانين تندلع دون أن تعثر على سبب أو مبرر. فقط أمور شخصية وحساسيات لا تهم الجمهور فى شيء، وتعطى انطباعًا بأنه فى وقت يكابد فيه غالبية المصريين مشاكل الحياة ويواجهون الوباء المميت، هناك فئة غير مبالية إلا بحياتها وحفلاتها وصخبها.
بالطبع، التعميم جريمة، فهناك نماذج مضيئة لفنانين نفخر بوجودهم فى حياتنا، لكن أصواتهم للأسف خفتت وتركوا الساحة لبعض ممن لا يقدرون معنى أن تكون فنانا.
هذه الفئة موجودة أيضا بالصحافة والإعلام ومهن أخرى، وتعطي انطباعا سيئا يستقر فى أذهان الناس بأن هذه هي المهنة والمنتمون إليها.
إلى كل هؤلاء الذين يأخذون اللقطة دون هدف أو قدرة أو موهبة، أُهدى إليهم هذه الكلمات الخالدة لبيرم التونسي، مع ملاحظة أنه قالها، عندما لم تعجبه نصوص بعض الأغاني، فماذا لوكان بيننا وسمع ورأى أن المسألة لم تعد عملا فنيا بل مجرد خناقة وشتيمة؟.. يا أهل المغنى دماغنا وجعنا دقيقة سكوت لله. داحنا شبعنا كلام ماله معني، ياليل وياعين ويا آه.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام