تضن الدول الكبرى بأرواح أبنائها فى حروبها الخارجية. تستخدم أحدث التكنولوجيا العسكرية لتنفيذ العمليات كى لا يسقط الجنود جرحى وقتلى، مما يعرض الحكومات لأزمات داخلية. الآن، استعانت هذه الدول بوسيلة قديمة لحروبها بالوكالة.. المرتزقة الذين يقاتلون بأجر، وليس لهم علاقة بالنزاع. حروب القرن الجديد وقودها جياع وافقوا على أن يكونوا بندقية للإيجار.
قبل أيام، تبادلت أرمينيا وتركيا الاتهامات، على خلفية صراع دموى تجدد بين أذربيجان وأرمينيا، بشأن إقليم ناجورنو قره باغ، الذى أعلنت أنقرة تأييد أذربيجان فيه. أرمينيا اتهمت تركيا باستيراد مرتزقة سوريين للقتال بجانب حليفتها، ونشرت الجارديان أن المرتزقة من إدلب السورية، لترد أنقرة متهمة أرمينيا بالاستعانة بميليشيات حزب العمال الكردستانى، الذى تصنفه أنقرة منظمة إرهابية.
خيط المرتزقة التركى يمتد إلى ليبيا من خلال شركة أمنية خاصة جندت آلاف السوريين للحرب هناك. تقرير للأمم المتحدة، ذكر أنه جرى تتبع 338 رحلة تركية لنقل مقاتلين سوريين إلى ليبيا. أصبح السوريون، كما يقول الكاتب الأمريكى إيشان تارور بيادق فى الحريق الإقليمى المشتعل. يحصل المرتزق على ألفى دولار شهريا ومقدم 500 دولار لأسرته، مع تعهد بدفع آلاف الدولارات عند الوفاة.
الخيط الروسى أكثر سماكة وامتدادا.. من شرق أوكرانيا لسوريا وليبيا ومناطق أخرى، تقوم مجموعة فاجنر الخاصة للأمن، والمرتبطة بالكرملين، بنشر مرتزقة لخوض حروب ترى موسكو أن من مصلحتها توجيهها باتجاه معين. مرتزقة روسيا بليبيا، حسب تقرير للأمم المتحدة أيضا، من بيلاروس وأوكرانيا ومولدوفا وصربيا. هل تذكرون بلاك ووتر، الشركة الأمريكية الخاصة، التى عاث مرتزقتها فسادا وتقتيلا للعراقيين عقب الغزو الأمريكى؟. كانت رأس الرمح فى أن تحظى مهنة المرتزق بحماية رسمية حكومية.
المأساة السورية، التى تجرى أهوالها أمام أعيننا، دفعت بآلاف البشر، الذين أصبح الموت يطاردهم فى بلادهم وفى المنفى، إلى هذه المهنة. سيكون الشيطان، كما تقول سوزى قاسم الكاتبة الأمريكية من أصل مصرى، ضعيفا إذا لم يستطع إغراء الناس بفعل ما يريده، وطالما استمر المال بإغواء الجياع واليائسين والمقهورين والمحتاجين والجشعين، ستكون هناك حروب بين الإخوة.
نقلا عن صحيفة الأهرام