إصابة إنسان بكورونا مأساة. أن يكون المصاب رئيسا ومقبلا بعد أقل من شهر على انتخابات مصيرية مأساة مضاعفة. مع ترامب، المسألة أعقد من ذلك. إنها، كما تقول تعليقات أمريكيين كثيرين،إثارة وربما سخرية أيضا. احتقر كورونا واعتبره خدعة، وأشبعه تريقة واستخفافا، فما هو المتوقع عندما يصاب هو وزوجته وأقرب مساعديه؟.
قبل 48 ساعة من إعلان الإصابة، سخر ترامب فى المناظرة الرئاسية من كمامة بايدن قائلا: إنها أكبر قناع رأيته بحياتى. وفى تجمع حاشد الشهر الماضى، قال: ارتداء الكمامة علامة ضعف، وكورونا لا يصيب أحدا تقريبا. بل إنه فى خطاب له الخميس الماضى، أكد: نهاية الوباء وشيكة، وسيكون العام المقبل أحد أعظم السنوات بتاريخنا. هل تستطيع منع أحد من التفكير فى هذه المفارقات المازجة بين الملهاة والمأساة؟.
الأسابيع الماضية، سيطر الحديث عما يسمى مفاجأة أكتوبر.. وهى تراث طويل للرؤساء الأمريكيين يأتون بأفعال غير متوقعة فى الشهر الذى يسبق الانتخابات، للفوز بها.. الكل تساءل: ما هى مفاجأة ترامب؟ هل يهاجم إيران؟. كورونا أعفته، وقامت بالواجب.
التعاطف حتمى، فلا شماتة بالمرض، خاصة أنه يبلغ 74 عاما، والإحصاءات تقول إن 8 من كل 10 توفوا بكورونا فى أمريكا يزيدون على 65 عاما، كما أنه عبر حدود السمنة (110 كيلو جرامات). ويخشى الأطباء من أن تعرضه الكثير والطويل للناس دون احتياطات يجعل المرض أشد وطأة.
لكن مرض ترامب ليس عاديا ولا سياسيا على طريقة العالم الثالث، إنه يتعلق بالأمن القومى للقوة العظمى، فما هى الخطورة الحقيقية للمرض؟، وهل تستدعى تسليم الصلاحيات لنائبه بنس؟ شخصية ترامب تقول إنه لن يفعل ذلك مهما تكن الظروف. ثم ماذا عن الحملة الانتخابية والانتخابات نفسها.. هل تمضى كالمعتاد؟.
2020 كانت، حسب الكاتب الأمريكى جون هاريس، غير عادية أمريكيا.. أعمال شغب وعنصرية وحرائق لملايين الأفدنة وأزمة وشيكة بالمحكمة الدستورية وبالطبع كورونا. يبدو كما لو كان الكون يتلاعب بأمريكا مثل قط يطارد فأرا مرعوبا.. إنها سنة مأساوية أخذت أبعادا تهريجية.. ألا يكون الضحك رد الفعل الطبيعى؟!.
نقلا عن صحيفة الأهرام