Close ad
26-9-2020 | 15:52

تعيشى وتفتكرى.. قالتها لى قريبتي في سياق عابر لم يستغرق ثوان بمناسبة مرور خمسين عاماً على وفاة الوالدة.. ومن بعدها أكملت ما جاء من قبل جملتها الاعتراضية خلال حديث الزيارة التليفونية الروتينية التى لابد فيها أن شكت وبكت وقطّعت فراوى الخلق ونقدت وحللت وتجاوزت وعظّمت وقزّمت وحسبنت وقاضت وحكمت وأقسمت وحنثت وتملصت وخلّصت وسلّمت.. و..قفلت.. وهى لا تدرى ماذا فعلت بى عبارتها المقتضبة وسط سيلها الهادر.. أعيش وأفتكر؟! وهو أنا كنت نسيت.. أنا ابنة الأمس.. أنا عجينة ذكريات.. أنا أمى ماتت من خمسين سنة ومن يومها للآن شاعرة باليُتم.. أنا.. لم أبك على أمى حتى الآن كما ينبغي.. أنا.. لم أصرخ حتى اللحظة من هول الفراق بمثل حجم الألم.. أنا أمى واحشانى موت.. الموت يا أمى علينا حق وحقك علىّ يا ابني إذا ما حان الأجل، ولو كان بخاطرى أو مِلك أمرى ما كان غالبية الأحبة والصحاب من حولى يتساقطون بفعل المكتوب الذى دنا إلى حد الباب والشباك بفعل درجة حرارة زائدة وعطسة كورونا تخرج معها الروح المتعبة لبارئها.

ياه لو كنا نعرف وقت أن كانت الأم بالجوار حجم الظلال الوارفة.. قدر النعيم في العيش تحت الأجنحة.. جنة الصدر الحنون يلملم خوف العِظام الراجفة.. لو كان للصدر خلود مسندًا وملجئًا.. لو كنا نعرف أن نهر العطاء بدونها سوف يجف لنُترك في العراء يتامى يتشقق عرينا.. لو كان وعى بالعقول وكان في القلب نور لوعينا ونحن فى زمن التلاهى أن لا شيء يدوم والأم ليست كالأزل والكل في سكة سفر.. لو.. لشبعت منها فى شبابى وشبابها وارتوى بعض من جوعي الدائم لها.. لحفظت خاتمها وشعر مشطها وحجر كعبها وثنية الدانتيل في فستانها وثمالة زجاجة عطرها وشنبر نظارة عينها ودلاية صدرها وفردة قرط أذنها وغطاء زجاجة دوائها وماكينة خياطتها وملاحتها وسبرتاية قهوتها ومفرش طرزت ورداته واصفر لونه وتداعت أطرافه.. وسجادة صلاتها.. لو.. لعاملتها كأيقونة مقدسة.. كقطعة من قماش الكعبة المشرفة.. لعززتها ملكة متوّجة وتماهيت فى خدمة هانم البيت وسيدة القصر وحاكمة إقليم القلب والعقل وقائدة جماهير الشرايين وأميرة مجرى الدماء في العروق وقاضي قضاة متتاليات الشهيق والزفير.. لحفظت نبرتها لأزمان الجدب.. لحفرت كلماتها على شرائط الزمن.. لأخذت لها ألف ألف ألف لقطة ولقطة ورجوتها فيها أن ترسم على وجهها ادعاء غضبة وابتسامة فرحة ونظرة تحمل زجرة وأن ترفع أصبعها للعدسة فى إشارة اتجاه أو فحوى تهديد.. وأن تأخذ وضعها المعهود عندما تدعو ووجهها النورانى للسماء.. لو.. لو عادت بى خمسون عامًا للوراء لصحبتها إلى من تحب وقت تحب.. لزينت يديها بثعابين الذهب البندقى وعقدت حول جيّدها عناقيد ماس ونثرت من أذنيها رخّات لؤلؤ وشبكت فوق جبينها عناقيد العقيق وقصائد الفيروز ومعلقات الزبرجد وتوجتها بتاج صاحبة الجلالة والطهارة والتفاني والعطاء.. لخلعت عنها ثوبها الزاهد وألبستها دوما نعومة الحرير.. لأضأت فى سقفها الثريا طبقات.. لفتحت في حائطها كنزًا لا ينضب.. لأصبت عدوها في مقتل.. لأتيت لها بما لم تره عين ولم يخطر ببال بشر.. لامتطيت من أجلها ظهر المستحيل.. لذهبت حيث تشير لي وعدت وقت تريدنى، والتزمت بأوامر إصبعها ورمش عينها ولفتة جيّدها وتقطيبة جبينها وحِدّة صوتها وجلال صرامتها وشموخ أنفها وغمازة خدها حين تلين على مشارف ابتسامة.. لصعدت فوق دولابها لآتيها بالصندوق البعيد ورقدت تحت سريرها بحثًا عن فردة جوربها التائهة منذ شهور، وسجدت بجوار ركعتها في ضريح الأولياء، وصحبتها لزيارة بيت اللـه وقبر الرسول، وجلست بالبال الطويل أمام دكان العطارة أنتقى معها أعشابًا وبذورًا وبخورًا وننتظر الدق المتأنى بالهون العتيق لوصفة تبدّد السِحر وتمنع السُعال وتروّق البال وتحفّز شهية العيال.. لأخذتها إلى مسرح نجمها المفضل الذى يرجرج صدرها بفيض الضحك واللـه يخزيك يا شيطان.. لتركتها بأريحية ترفع صوت التليفزيون لنهاية المدى ليصل إلى معدل خفوت سمعها.. لو.. لأضأت لها قرص الشمس في منتصف الليل وسلطت شعاع الدفء إلى برودة الأطراف الواهنة.. لزرعت وسط نافذتها قرص القمر ليغازلها عبدالوهاب عندما يأتي المساء.. لأتيت لها بالربيع في عز الشتاء وجبت لها البرارى والقفار لآتيها بفاكهة نفسها راحت لها فى غير أوانها، وقطّرت لها عطرها المفضل من أزاهير الجنان وأعالى الجبال ومتاهات الأرخبيل.

يا من رحلتِ.. لو بقيتِ.. لما كان ما كان.. لتغيرت خريطة الكون وأحداث نصف قرن من الزمان.. يا من قضيت وقصيت فى البعد القصى عنى لو كنت الآن معى لما كان المصير كما استدرجنى المصير.. يامن ذهبتِ.. لو مكثتِ لامتثلتُ لثاقب رأيك واهتديت بنصحك المستشرف ولم أجازف باندفاعة القرار.. لو لم تتعجل أمى بالرحيل لأقسمت أن أسهر الدهر لتنام هى قدر ما سهرت حتى انحنت رأسها الفضية لتُحقق لى سبل راحتى وتتيبس فى انتظار عودتي.. في أواخرها معى رسمت فرشاة الكِبر تغضن الجبهة بثنيات العمر، وثقل السمع عن همس الكـلام، وارتعشت اليد في لقاء السلام، واصطكت عظام الرئات في ضمة الاشتياق، وذابت فى مقلة العين نظرة اللوم وساد تعبير الوئام مع كل البشر، ورحل سواد الكحل لتسكن المآقى ضبابية البصر.. ويظل قرص الدواء في كفها وتظنها ابتلعته.. وتُعيد نفس الحكاية من البداية وفي منتصف الكـلام ومع الختام.. قد تكون هذه صورتها الأخيرة منذ خمسين عامًا، لكنها بعدما رحلت عادت حسناء في شرخ الشباب.. في حياتها كبرنا لنظل عندها أطفالها، ورحلت فى كبرها لتعود في الذهن صبية وكأنها بالذكرى تفتح طاقة على المشهد الفردوسى حيث الكل فى عمر الزهور.

فى مسامعى يا أمى تلاوتك لآيات سورة يس عندما تتهدج نبراتك عند «وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين..» واحتفظ بمصحفك إلى جوار رأسى مفتوحًا على «يس» لتصافح العين منه كل صباح «إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون» وعلى صفحات الذاكرة نشاطك المذهل لحل قضية الوقف تبعًا للشريعة الإسلامية، أى أن يكون ميراث البنت بقدر نصف الولد، وليس كما حرم الأجداد الظلمة بناتهم كلية بحجة أنهن في كنف الأزواج.. ذهبت يا أمى للقاء كبار المسئولين ودفعتك حجتك الدامغة للدخول علي الشيخ الباقوري وزير الأوقاف آنذاك لشرح مدى الجور الذى نال نساء مصر وجلست إلى عبدالناصر في صالون بيته المتواضع في منشية البكرى ليعدك بالنظر، وجاء لبيتنا البرنس عباس حليم والمحامى الشهير موريس أرقش ومساعده وتلميذه لطفي الخولى ـ الذى استشعرت يا أمى بوادر نبوغه الأدبى المبكر ــ وذلك لمناقشة أوجه الظلم البيّن الذى حاق بالمرأة في مسألة وقف الأجداد الذي تم حلّه مع ثورة يوليو بمنطق يبقي الحال كما هو عليه.. ولم تزل المرأة خاصة في صعيد مصر للآن لا تستطيع المجاهرة بطلب إرثها الشرعى الطبيعى حتى لا تغدو مارقة على العرف كافرة بالتقاليد، خارجة عن حدود الأدب، ضاربة بشرف العيلة وهيبة الأعمام والأخوال عرض الحائط.

ومازلت أذكر يا أمى قولك بأن صحبة السوء هى من أودت بعرش فاروق لتأتى ثورة يوليو بشعار الاتحاد والنظام والعمل، وكانت بسمة محمد نجيب الساحرة الودود بمثابة إعلان ناصع البياض عن ثورة أبوية دمثة تحنو على الأطفال وتنحنى لتستقبل أكاليل زهورهم في حفلات مدارسهم، وتشجع المليونير عبود، وتفتتح مشروع سفينته الجديدة مكة، وتأخذ في حسبانها مشورة أحمد ماهر رئيس الوزراء.. ومازلت أذكر نجيب فى نهاياته ــ بعدما انفك حصاره وخرج من عزلة تحجيمه وتحديد إقامته في المرج دهرًا بين جبال مكتبته المبعثرة حول منامته فوق الأرض ــ وهو يزورنا في الأهرام لنلتقى به في الممرات متعثر الخطى بحكم السن المتقدمة فنصحبه إلى مكاتبنا ليُشاركنا فنجانا من القهوة ونأخذ لأنفسنا معه لقطات لصاحب التاريخ الهام والتقليص التام إلى أن شيدت قاعدة محمد نجيب وحاملتا طائرات تحملان اسمى ناصر والسادات في زمن النبل والوفاء.. في عهد الرئيس الإنسان عبدالفتاح السيسي..

وعمرى بالعمر يا أمى لم يسقط قلبي في صدرى ولم أستطع استرداد أنفاسى من دوي طرقاته بين أضلعى مثلما حدث لي عند زيارة عبدالناصر للأهرام عند افتتاحه في شارع الجلاء.. يومها تجول الأستاذ هيكل قبل دقائق من وصول الضيف الكبير لإلقاء نظرة أخيرة علينا في مكاتبنا ذات الواجهات الزجاجية بالدور الرابع.. سألته يومها بسذاجة فيما إذا لزم ترك سطح مكتبى شاغرًا من الأوراق أو أننى أمضى منهمكة في عملى إلى أن يطل ناصر علينا؟! ابتسم الأستاذ قائلا ــ وكأن كـلا الأمرين لا يعنيه رغم تجواله القلق للتأكد من أن كل شيء تمام ــ اجعلوا الأمر يمر طبيعيًا.. كيف باللـه يا سيدي هذا الطبيعي وقد استشعرت إطلالة ناصر علي موقعى قبل ظهوره من خلال تلك الكوكبة التى سبقته تهروّل إلي يمين شباك الباب الزجاجى مع ضوى فلاشات التصوير تلمع وينعكس ليشرق الوجه الناصرى المميز بينها الذى أتحدى من كان في استطاعته المكوث طويلا ثابتًا أمام نفاذ عينين تتجمع فى مقلتيها بريق جميع ألوان الطيف تخترقان الكيان والنفس والجدار.. يومها كان فى الحاشية خلفه وجه مبتسم أسمر الجبهة تعرفت على لمحة منه كنت قد رصدتها من خلال تجميعى للقطات الضباط الأحرار في خلفية قفص الاتهام في قضية مقتل أمين عثمان.. أنور السادات..

عبدالناصر دخل مكتبى وقلبى.. وقع قلبى ولم أنتشله من بعد مصافحته والانصهار في فلكه.. القلب المختوم بختم ذلك العصر.. جامعة ناصر.. سد ناصر.. مدينة نصر.. منشية ناصر.. بحيرة ناصر.. كلنا بنحبك ناصر.. هذا القلب تفتت وانسحق من وطأة الهزيمة بلقبها المصرى المخفف «النكسة» من بعد هد حيل الحلم الكبير وعودة الأبناء حفاة يلملمهم البدو يسقونهم جرعة ماء على أرض سيناء، وإخفاء فلول دباباتنا تحت الشجر فى الشوارع الخلفية والتي مكثت إحداهن قرابة الشهر تحت بلكونة منزلنا بالمهندسين يلهو العيال حولها بلعبة الاستغماية.. نكسة قالوا سببها حرص حارس وزير الحربية شمس بدران على راحته وخشية إيقاظه تخوفًا من بطشه رغم أهمية يقظة سيادته لإنقاذ البلاد فقد وصلته برقية عاجلة من عبدالمنعم رياض قائد جبهة الأردن تفيد بتحركات الجيوش الإسرائيلية للـهجوم علينا. ولكن الوزير نام والحارس الأمين قام بمهمته لحراسته حتى أدرك شهر زاد الصباح واحتلت إسرائيل المباح.

في وداع ناصر طعنت مقاومتى جلطة ساقى وأنا أدور فى زخم جنازته اليائسة البائسة النائحة.. زلزال الرحيل.. وكان قد أوكل إلينا مدير التحرير مكرم محمد أحمد أنا والكاتب الكبير يوسف إدريس مهمة وصف الجنازة فخذلتنى الشرايين.. ما لا يصدق قد وقع.. الهامة تداعت والحزن فدان والقلم عاجز عجز تعبير اللسان.. الرجل الصلب كان في نهاية اجتماع مؤتمر القمة العربى من أجل فلسطين يجر قدميه إرهاقًا في وداع الملوك والرؤساء.. مصر خرجت عن بكرة أبيها.. خرجت عن وعيها.. رحل ناصر رمز التحرير في العالم الثالث.. الفارس المغوار.. قطب التأميم الحامل شعار «ما أُخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة» و«ارفع راسك يا أخى».. ورغم صهد الطعنات والافتراءات يظل يوليو يحمل شذاه الخاص.. ورغم مضي أكثر من سبعين عامًا علي انبثاق ثورته علي أرض مصر مازال فى الطى الكثير وفي الجعبة ما لم يقل، وفي الأدراج تختفي أسرار وأسرار.. رحل ناصر في الذكرى الأربعين لوفاة أمى ليظل كـلاهما له في القلب ارتباطًا حميمًا وحنينًا.

أفتكر إيه ولا إيه يا أمى.. في أخبار اليوم تدربت طالبة فى قسم الصحافة على يد مصطفى وعلي أمين.. دخلت أودة عندهم بالدور الأول وعمرى 17 سنة وفضلت أكتب وأكتب وأكتب، بعدها رحت لأودة ثانية في الأهرام للعمل مع الأستاذ هيكل وفضلت أكتب وأكتب وأكتب، وما بين الجدران الأربعة هنا وهنا ضاع عمرى.. انحنيت على الأوراق في شرخ الشباب ومرت آلاف الشموس، وتعاقبت ملايين الساعات، وفاتت مئات الأشهر، وهطلت الأمطار رذاذًا ومدرارًا وسيولا، وتفجرت الرعود وزلزلت الأرض زلزالها، وتفتحت زهور الربيع لتسقط ذابلة، والعيال كبرت وعروس إمبارح بقت جدة وعندما رفعت ظهرى أتمطى لقيته متخشبًا من طول الجلوس وتلزمه عملية جراحية غير مأمونة نتائجها خاصة ولي سوابق في القلب المفتوح والدعامات والغدة والضغط وثقب المرئ.. أفنيت عمرى يا أمى ما بين بنايتين على جانبى حوائط الصحافة التي تأكلك لحمًا وترميك عظمًا وأنت منوم بسحر الكلمة التي تشكلها بدماء قلمك لتجدها مطبوعة على آلاف الصفحات بين يدى آلاف القراء، وتظن أنك بسطورك قد دككت الأرض دكًا، وبلغت الجبال طولا.. وأنك بثاقب جملتك قد حولت مجرى النهر وصددت نحر البحر، وأنك امتطيت ظهر المريخ، وزججت حواجب الزهرة، وسددت خروم الأوزون، ولخصت عصور الإنسانية الخمس في خمس كلمات، وإنك استنسخت من أينشتين عشرات، وقمت بتأليف الإلياذة وحددت إقامة هوميروس، وأنك وضعت الفيل في المنديل.. وحقيقة أمرك يا ولدي أنك في مهنة الصحافة مطحون مهدور مذعور موروط موقوف مركون معزول ممسوح باسمك ورسمك الزجاج آخر النهار أو مبقع بالزيت فى قرطاس طرطور.. ويظل زقاق ما بين المؤسستين يحمل لى أطياف ذكرى زوجية كان فيها زوجى يعمل فى أخبار اليوم وأنا فى الأهرام وعندما يقترب موعد المرواح نكلّم بعضنا بالتليفون عن طريق السويتش لأنتظره ع الناصية ومع مضى الزمن الزوجى خلصنا الكـلام كله وأصبحنا على شفا مراحل الخرس الشرعى لتختصر المكالمة على مجرد نونوات وآآت: آه.. إيى. طب..أوه.. بما يعنى إنزلى علطول.. وأنتظره صاغرة بحكم موقعى الشرعى المزمن المتخثر لكننى فى المرة التي انتظرته فيها عبثًا أكثر من ساعتين أنوء بحمل أوراقى وحقيبتى زحفت لأخبار اليوم فلم أجد عربته هناك، وعندما توجهت لأحادثه من الاستعلامات لأتعجله لاقتنى الزميلة الراحلة فاطمة سعيد هاشة باشة لتقول لى بابتسامة مغرّدة أنها رأته يا حبيبتى من شوية يقود سيارته وبجانبه الزميلة الحسناء.. إيّاها.. يومها لم أجد تاكسيًا يوصلني لبيتنا إلا في التاسعة مساء.. يومها دخلت أنا ولم يخرج هو إلا بعدها بأسبوع.. كعابى!!

وإذا ما كان الأستاذ هيكل قد فتح لعبدالناصر باب مكتبى ليصافحنى فقد زارني مرارًا وفي صحبته عمالقة مثل الأستاذ محمد التابعى والرئيس معمر القذافي الذى استفسر منى عن حجم مرتبى ومازلت أذكر لقائى بالأستاذ هيكل وفي صحبته الملك حسين يتمشيان أمام مكتبى كما لو كانا في تراك نادى الجزيرة وما كان من الأستاذ إلا أن قام بتقديمي للملك بموجز التلخيص المذهل: سناء.. الملك حسين.. وعلي سيرة الناس الكبار فى الأهرام لن تضيع تلك العبارة من أذنى التى قالها لى يومًا الدكتور بطرس غالى جار الغرفة المقابلة بالدور الخامس.. قال لي أنا نازل دلوقت أسجل اسمى في الجهاز السياسى الحكومى كخطوة سياسية أولى على طريقي لأكون وزير خارجية مصر.. تركته يومها معلقة على قوله لزوجى: الراجل النهاردة عقله راح لبعيد قوى قوى.. وتذكرت قول الدكتور بطرس الطموح هذا وأنا في منزله أجرى معه حوارًا متفردًا ليلة انتخابه سكرتيرًا عامًا للأمم المتحدة، وأدركت جيدًا لماذا كان الكشك المقام أمام بيت غالي مشيدًا بالأسمنت لا بالخشب لضمان أهل البيت أن هناك على الدوام واحدًا منهم في كرسى الوزارة.. وتمضي الأيام وتتأجج الاتصالات والترنكات داخل مستشفى القلب فى كليفلاند فسكرتير الأمم المتحدة الدكتور بطرس غالى على التليفون يريد محادثة مسز البيسى شخصيًا للاطمئنان على جراحة القلب المفتوح.. ولاستمرار السؤال والاطمئنان ارتفع معدل الاهتمام الطبى بي لأنال شهرة توسّع لى مكانة المقدمة للكشف دون الانتظار الروتينى، ويأتى دكتور لوب عملاق جراحات القلب لزيارتي مرتين للاطمئنان على سير الجراحة وهو الذي لا يرى عادة إلا خلال الإفاقة المبدئية في حجرة التحضير.

وأبدًا لن أنسى توفيق الحكيم الذى باح لي يومًا بأدق مشاعره عند فقده لشريكة حياته، فقد كان الحدث أكثر مشقة على نفسه من فقده لوحيده إسماعيل، لأنها كانت وقتها بجواره لم تزل على قيد الحياة تربت علي آلامه بيدها الحانية التى تمسح دموعها خفية لتبقى أمامه صامدة فيجرفهما التوحد معًا فى المواساة والاستسلام.. روى لى الحكيم يومها عن اختلال توازن الزوج عندما ترحل الرفيقة.. عن الشعور ببرودة العراء في مهب الريح وقت أن يخلو البيت من ربة البيت.. عن معصرة الآلام حين تموت من كانت تخفف الآلام.. عن انقطاع الوصل والتراحم والسؤال والجواب وتذوق الحياة ونكهة الطعام والصلح والخصام.. عن النصف الآخر والشريك والحليف والنصير.. حكى لى الحكيم وكأنه نادانى فى ذلك اليوم لكى أكتب عن دور الراحلة فى حياته كشهادة موثقة منه يشكرها فيها ويثنى عليها ويرثيها ويعتذر لها إن كان يومًا قد تجاوز الحد معها فآلمها.. واستجبت يومها لأنقل وحشته ودمعته وافتقاده الشديد لها وأملنا معًا أن تسمعه وتراه وتغفر له في حياتها السرمدية.. وصعدت بعدها للبرج أتلمس صدى ما كتبت وتم نشره، فلاقيت في حضرته من توجست خيفة من ملاقاته وبالذات يومها.. صديقه الصدوق الدكتور حسين فوزى، فأخذت أضع قدمًا وأؤخرها تخوفًا من الوقوع فى مغبة اللوم من صاحب الوجه الصارم والتقطيبة المتروكة عفوًا بحكم تجاعيد الملامح والرأى الدوغرى.. لكنى.. فوجئت بأن خلف ظاهر الجمود دانتيللا مشاعر رقيقة رهيفة حانية مذهلة.. لقد أقسم لى الدكتور حسين فوزى وقتها أنه لم يبك في حياته قدر بكائه مرتين.. يوم وفاة أمه ويوم قرأ حوارى مع الحكيم حول رحيل زوجته أم إسماعيل.. ومن بعدها تعاملت بود بالغ مع السندباد الرحالة الرومانسى عاشق الموسيقى الغربية رغم نشأته في خضم البيئة الشعبية فى درب الوطاويط.. ولن أنسى حوارًا شيقًا حضرته بعدها بين العملاقين في حجرة الحكيم حول إمكانية استمرار النبي يونس حيًا في بطن الحوت، حيث ساق الدكتور فوزى من الدلائل والبراهين ما يجيز ذلك علميًا بما يتفق مع ما جاء في القرآن الكريم.

وعلى ذِكر بكاء العمالقة تأثرًا بصدق الكلمات قال لي الأستاذ هيكل من بعد ما كتبت له برجاء حار بألا يعتزل ويترك الميدان شاغرًا.. قالها وعجبت وأعجبت بها عندما قال: «لقد أبكتنى كلماتك».. طيب يا أستاذ هيكل ماذا بيدى الآن وقد اعتزلتنا نهائيًا لتترك لنا نحن أمر البكاء.

وهذه الأيام يعاد من جديد عرض مسلسل «ليالى الحلمية» بلحن البداية موسيقى ميشيل المصرى وأداء محمد الحلو لتحيطنى من جديد روايح أمى لأعيش وأفتكر مراتع الصبا والأيام الخوالي وأزمنة الطفولة ومريلة التلمذة والطربوش وليلي مراد وفارسات غزل البنات ومسابقة ملكة جمال القطن وقرنفلة عبود باشا في ميدان السباق واليشمك الشفيف على وجوه الأميرات فايزة وفوزية ونسل شاه وهانزادة ومبّرة محمد علي وسلاملك مدخل الأوبرا ومواكب العربات الباركار والشيفورليه والفساتين السواريه والبدل الشاركسين البيضاء والبوليس السياسى والوزارة صيفها فى بولكلى وزينب هانم الوكيل ويوميات العقاد وإذاعيات فكرى أباظة ونكت رخا وصاروخان وناصية الأمريكين وقهوة البن البرازيلى، وسلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها، والعيب فى الذات الملكية، وأغنية عبدالوهاب التي غناها للحصول على البكوية فلم يفز بها: «إنت اللى أكرمت الفنان ورعيت فنه رجعت عزّه بعدما كان محروم منه».. و«نورا نورا يا نورا اسمك على رسمك صورة يا قمراية يا أمورة» الأغنية التى لم تحقق حلم فريد الأطرش بالفوز بقلب ناريمان.. و..حريق القاهرة وأيها المواطنون ودقت ساعة العمل الثورى واللجنة النقابية وأول وزيرة في الوزارة حكمت أبوزيد ونسبة العمال والفلاحين والطغاة الأسبقين ولجان الجرد والنهب والسلب وكلنا كده عايزين صورة وآدى احنا بنينا السد العالى وقناة السويس شركة مساهمة مصرية واوعى يا ضنايا امش جنب الحيط الحيطان لها ودان واربطوا الحزام وقلع نيكيتا خروشوف فردة حذائه آتيًا من خلف الستار الحديدى تصحبه حرمه السيدة نينا وراجعين راجعين في إيدنا سلاح وجيفارا مات والوداع يا حبيب الملايين وتصفية مراكز القوى وحرق الشرائط والانفتاح وبورسعيد وخوليو، والوفاء والأمل والشواربى والطلاء البمبى لحوائط مقابرنا في سكة ضيفنا نيكسون والصديق كارتر وشاه إيران وطواويس الحفل الإمبراطورى ومعرض الملكة فريدة وباسبور مواطن للأمير أحمد فؤاد والوفود المصاحبة في الذهاب والعودة والعيب والمسطبة والعزيزة همت مصطفى وأخلاق القرية ونسبة الـ99٫9٪ و..العبور.. والكرامة.. والانتفاضة.. و..المنصة.. واللعب في الأسواق وحرامية الأرزاق.. وخليهم يلعبوا. والفساد فى المحليات للرُكب..... ويدب لحن ليالى الحلمية في الصدر يقلّب المواجع القديمة ويحيي موات اللى مات ويأتينى بأبى ليمسح على رأسى وتأخذنى أمى إلى حضنها وألهو مع الشقيقات ونسكن العباسية الشرقية أيام البيوت العريقة والسرايات.. بيت القلماوى والحسينى والكازاروني والمهيلمي وفرحات ونركب الكارتة بحصان منفرد تطرقع حوافره ساعة الأصيل علي أسفلت طريق فاضى إلا من ثنائيات الأحبة تتعانق أشجاره فتميل رءوسها ثملة مع نسمة هواء لا تعرف التلوث تحت سماء لم يخرقها بعد ثقب الأوزون.. الذكريات بحلوها ومرّها شتى مع لحن المقدمة الخالد لتثبت الليالي أنه لا صحة للمثل السائد بأن «ريسين فى المركب تغرق» فقد كان فى إبحار الكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ في بحور سلاسة السهل الممتنع خير دليل على أن لكل لؤلؤة صدفتها ولكل عطر قنينته ولكل موسيقى أوتارها ولكل حقيقة جوهرها ولكل لسان أذنٌ تسمعه ولكل كاتب مخرجه.. ولكل امرئ ما نوى.. ولفين ياخدنا الحنين؟.. لواحة الحيرانين!!

ويأخذنى الحنين لضيافة السادات عندما جمعنا في عام 81 للاحتفال بإصدار جريدة مايو فأمضينا معه يوما كاملا في منزله المتواضع بالاسماعيلية الواقع على شط القنال لنتناول معه بحضور عثمان أحمد عثمان الطعام والحوار والجوار والسماحة والبساطة والألفة وكأننا في بيت الخال، حيث اصطحبنا شلة للتريض على رمال الشاطئ لنشاركه متعة مشاهدة السفن الضخمة العابرة للشريان العائد للحياة من بعد طول موات، موجهًا أنظارنا بتكرار يعلم الحمار إلى فنون عمارة تلك السفن وتصميماتها الحديثة ودرجات ألوانها المتجانسة.. وشربنا الشاى بصحبة حديث الخال على أنغام التاريخ والحاضر والمستقبل، شارحًا محللا معظمًا مقرظًا الملك مينا موحد القطرين وقناطر محمد على وأوبرا الخديو إسماعيل ورسالة الإمام محمد عبده، ووطنية عرابى الذى أرسل لصديقه المنشاوى باشا أول شتلة مانجو وموز من منفاه في جزيرة سيلان والاكتتاب الوطني كى ينحت المثّال مختار تمثاله نهضة مصر، وعبقريات العقاد، وأيام طه حسين، ومواقف أنيس منصور.. وقال السادات يومها لعثمان أحمد عثمان: هات لكل واحد من أسرة تحرير مايو فيللا يا عثمان.. وانشكحنا جميعنا، ولكن أبدًا لم ينفذ عثمان الأوامر الرئاسية فقد كانت من قبيل «طق الحنك» وربما لو كان قد أصدرها للكفراوي لتبدل الحال غير الحال.. ولن أنسى السادات بعدما ظل يسرد لنا فى ساعات تجاوزات إسرائيل وسوء نيّة وتعنت مناحم بيجن بالذات فأتاه سؤال إبراهيم سعدة معقبًا ــ وربما متصيدًاــ عن موقفه إذا ما فاز بيجن فى الانتخابات الإسرائيلية القادمة؟!! فأتى جواب السادات وكأنه كان حاضرًا على طرف اللسان: «صديقى» وإزاء تلك الإجابة غير المتوقعة انفجرنا جميعًا فى الضحك، فابتسم الرجل المحنك قائلا: السياسة كده يا أولاد.. وكثيرًا ما كان يتخذ من الأصدقاء.. عثمان أحمد عثمان صديقًا وكيسنجر صديقًا وجيمى كارتر صديقًا وشاه إيران صديقًا والعتال الذى شاركه العمل على عربة النقل أيام الهروب صديقًا، والمستشار الألمانى هيلموت شميت صديقًا وصدوقًا حتى أن شميت كتب فى مذكراته فصلا كاملا يقرّظ فيه صديقه أنور السادات الذى لم يمثل لون بشرته الداكنة لديه أى عقبة لتخطي السدود إلى قمم الأناقة والوجاهة والجاذبية حتى أن مجلة «لايف» نشرت صورته إلى جانب النجم جريجورى بيك وأمير موناكو كواحد من أكثر رجالات العالم أناقة تلك الأناقة التي قد تكون جزءا من أسباب اغتياله عندما رفض ارتداء الجاكت الواقي من الرصاص تحت البدلة العسكرية الألمانية المحبكة الطراز فى حضور العرض العسكري ليظل محتفظًا بوزنه المثالى ومظهر رشاقته التى داوم من أجلهما على الريجيم والجبن القريش، وبقي قوامه حتى النهاية بدون كرش أو سنتيمتر زائد من الشحم.

وعلى مدى الخمسين عاما توقف القلم بين أصابعى مرتين.. فى «الأولى» كانت السكينة سرقانى في دوامة العمل فلم أعمل لها حسابى ولم أدرك حتى الآن كنة ذلك الحساب ولا البنك الذى يتعامل معه ولا دفتر الشيكات المحول إليه، وكان ذنبي أننى اخترت مهنة لها آخر، وكان ظنى أن الصحافة في بلدنا مجال مالوش آخر.. ذنبي أننى كنت ما بين الشباب لا أعيش عمرى واختلط بي العمر واختلط بأعمارهم عمرى.. وها قد تم التغيير وصدر القرار بالعزل لبلوغ السن القانونية وخرجت كما ولدتنى الصحافة: يد هنا وقلم هناك جسد هنا وعقل هناك، شرخ هنا وصدع هناك و..مشاعر العزل عديدة فكأنهم يقوموك من ع الأكل.. يخيطوا لك بقك ويقولوا لك اتكلم.. يغسلوا مخك ويقولوا إيه رأيك.. يسحبوا ورقتك ويقولوا لك جاوب.. يقطعوا إيدك ويقولوا لك سلم.. يدخلوك الثلاجة ولسّه فيك الروح.. يهزروا معاك وانت بتعيط.. يغلّسوا عليك وانت مش ناقص.. يخرموا عينك ويقولوا عندك التانية.. يوقفوك على عرفات وانت فى جمادى.. يشيلوا من تحتك الكرسى وانت راجع بضهرك.. يشربوك لبان ذكر وانت طالب شاي.. ومشاعر ما بعد العزل حاولت فيها كالببغاء ترديد ما قاله الأستاذ هيكل بأن الحياة مراحل وحيوات وأنه أبدًا لم ينظر خلفه فى أى من مراحل حياته وبالتالي فأمامى السكة لمرحلة قادمة..

ثانى وقفات القلم أن تبتر قلمك باختيارك.. أن تحجم تعبيرك وتكبح إرسالك وتسحب سفراءك وتشفر قنواتك وتعتم شاشاتك وتنزع أسلاكك، وتستبعد سلمًا يقود زائره إليك فيكون الأمر.. بيدي لا بيد عمرو.. أن تدّعيها استراحة محارب.. إلى.. إلى أجل غير مسمى، ومرحبًا بالعزلة إذا ما تعارضت مسيرة القلم مع مَن لا يبغى سلاماً ولا تفهمًًا لمعنى حفظ الكرامة ولقد مررت بتلك المحنة المريرة على مدى عام بأكمله وعندما انقشعت الغمامة وصفيت الأجواء عدت طواعية موقنة بالمكتوب على الجبين.. عدت إليه.. قلمى..

وأنا كبرت يا أمى وخايفة موت مافتكرشى.. الشاشة عريضة يا غالية بملء فضاء الكون والقماشة واسعة والرجوع فضفاض والوجوه ياما والأحداث فيضان والكـلام فدان وبعض المهام طواها الزمان والمقابلات وحواراتها طارت بمجرد ما حطت ع الورق وملاحظات تم شطبها لاستحالة تحقيق المراد وبلاد سافرت إليها وكأنى ما سافرت وبلاد كل حجر فيها كان تحته زهرة رسمت على الفؤاد ذكرى والقلب شيّال والقهر موال والفرحة يادوب تبتدئ تنتهى والقلم في مهنتنا الحرجة سايق الدلال.. وعموما يا أمى دول خمسين سنة مش شوية سقطت منها صفحات كثيرة وذابت العناوين والتليفونات أضافوا لها أصفار زيادة، لكن من المؤكد أنه كانت هناك كتب ومؤلفات ومعارض ومسلسلات وترجمات وناس كتيرة قابلتها وكلمتها وحضرت أفراحها وشاركت أحزانها وصاحبتى ماتت وزوجى يا أمى رحل علي غير انتظار وأزواج شقيقتىّ واحد من وراء الثانى ومات يوسف إدريس وهيكل ونجيب وفاتن وشادية وحليم وناصر والسادات وإبراهيم نافع وسِعدة ومها عبدالفتاح وزويل ونادية صالح ورجاء النقاش وأحمد بهاء الدين.. خمسين سنة اللى افتكرته قلته وعايزين زيادة شدوا الخيط، فقديما قال عنى المؤرخ جمال حمدان أفكارها كما شغل التريكو لو شددت منها غرزة تُكر السطور!

و..لا مؤاخذة يا دكتور جمال حمدان يا صاحب «شخصية مصر» فى هذا الوصف الذى يُعطى انطباعًا بأن المحتوى ينضب فى النهاية فتركيبة نسيجى خمسة وخميسة أنه كلما كرّت غرزة من التريكو تعاظمت وتنامت وطرحت عشرات فمهما يكن الكر شغالا فليس سوى نقطة من محيط..!

* نقلًا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
ربيــع العمر!

مكثت أحمل سنين عمرى بلا معاناة بمفهوم أكبر منك بيوم يعرف أكثر منك بسنة، وأبدًا لم أقل يومًا ليوم مولدى جئت أيها الشقى، وإنما ألقاه دومًا بترحاب قد يكون

مايسترو الحياة!

لحظة أنجبت ابنى شعرت بعدها بمدى أهمية الطبيب فى حياتى.. أصبح يمثل لى مركز الكون ونافذة النور وموسوعة المعارف وباب الفرج ومفتاح السعادة وقبطان القيادة وترنيمة

في زمن الكورونا

إلى متى سيظل يرفع كفه الحانية عن بُعد فى رسالة قاطعة كافية لردع الحنان المنذر بالتدفق من حنايا شوقى الدائم إليه؟!.. إلى متى لن أستطيع ضم ابنى إلى صدرى؟!..

الأكثر قراءة