هذا العالم نشيده، فينهار ثم نشيده ثانية، فننهار نحن.. هكذا يعبر الشاعر الألمانى ريلكه (1875-1926)، عن معركة الإنسان مع الحياة.
ننظر للدنيا من منظور ضيق خاص بنا فقط، غير مدركين أنها أكثر تعقيدًا من رؤيتنا الأحادية. كل ما يعنينا أنفسنا وأسرتنا. تأتى الحياة لتقول لنا: هناك بشر آخرون وكائنات أخرى بل مشاعر مختلفة غير تلك التي تسكن جوارحنا.
الإنسان يحاول أن ينتقي ما يريد. يسعى للسعادة والنجاح والصحة، بينما الحياة يتساكن فيها الحب مع الرعب والمرض مع العافية والفشل مع التحقق والخوف مع الرجاء.
ليس مطلوبا أن نتوقف عندما يظهر جانب مظلم وقت شعورنا بالفرح، علينا أن نستمر في التقدم؛ لأن هذه هي الحياة. إنها كبطارية شحن كهربائية بها قطبان موجب وسالب. الاثنان لا غنى عنهما.
كثيرًا ما يستعصي علينا فهم مغزى الحياة. خلق الله الكائنات جميعها، بعضها نعتقد أنه مفيد كالنحل، وبعضها ضار وجالب للأمراض كالناموس مثلا.
نخطئ كثيرًا عندما نحاول فصل هذا عن ذاك. إنها حكمة الخالق الذي ربط الأشياء بعضها ببعض، وهي تتعايش في سيمفونية لا نسمع نغماتها أحيانًا ولا نقدر مدى إبداعها.
الأسوأ أن بعضنا عندما يربط الأمور ببعضها، كما هي موجودة بالطبيعة، لا يثق بما منحه الله من نعم، كالجمال مثلا. هناك من يتشكك فى كونه جميلًا رغم أن الله خلقنا بأبهى صورة، كما أعطانا جمالًا أفضل كثيرًا من الشكل، هو جمال الروح. هذا البعض يتذكر المرض، وهو فى قمة الصحة، وينتابه قلق شديد وقت النجاح، فيفسد اللحظة السعيدة وينغص على حياته.
فى قصيدة لريلكه (من ترجمة الشاعر الراحل محمد عيد إبراهيم) يقول: لا يجب أن تفهم الحياة. عندئذ يبدو كل يوم سهرة. دع كل يوم بسيطًا، كوليد وهو يمر. يتلقى أزهارًا من الرياح، لا تجمعها الحياة أو توفرها. ويقول في قصيدة أخرى: دع كل شيء يحدث من الجمال إلى الرعب. ليس من السهل الفصل بينها. فى هذا البلد الذي يسمونه الحياة، هناك تجاور بين كل الأشياء.
[email protected]