لم أكن أتوقع رد الفعل الكبير؛ الذي تبع الجزء الأول من المقال؛ ولما لا والأمر بمثابة حدث جلل لعموم الناس؛ التي ذهبت إلى البنوك للاقتراض أيًا كان شكله؛ سواء قرض بغرض السكن على سبيل المثال؛ أو استصدار بطاقة دفع "كارت مدين"؛ وفي هذا الشأن تتنافس البنوك؛ لتقدم خدماتها بأشكال مختلفة؛ حتى تحظى بثقة قدر أكبر من العملاء.
فالثابت يقينًا أن البنوك تدير أموال العملاء بين دائنين ومدينين؛ بحرفية تجعلها تحقق أرباحًا لتستمر في تقديم خدماتها اللا محدودة؛ وبما يعنى أن المصلحة بين العملاء والبنوك تبادلية؛ فكل منهم في حاجة للآخر ولا غنى لهم عن بعض.
وكما ذكرنا في الجزء الأول من المقال؛ جاءت مبادرة البنك المركزي للتخفيف على الناس لاسيما بعدما أدمت جائحة كورونا الكثيرين وأرهقتهم ماديًا لدرجة لم تكن محتملة؛ مما كان له وقت إعلان مبادرة البنك المركزي أثر طيب في نفوس المتعاملين؛ لا سيما أن القرار الصادر في 16 مارس إلحاقًا بالقرار الصادر في 15 مارس من البنك المركزي؛ نص على عدم تطبيق عوائد أو غرامات إضافية على التأخر في السداد.
وطرحنا مثالين لنموذجين من البنوك أحدهما كان ملتزمًا بنص المبادرة؛ وأرسل مبكرًا لعملائه قيمة القسط الجديد؛ وكان ملتزمًا نصًا بالتعليمات التي صدرت في 22 مارس 2020؛ والآخر لم يتعامل معها بنفس الانضباط؛ وكانت المفاجأة السارة؛ هي تعديل البنك المشار إليه لآلياته وفق نص البنك المركزي وهذا أمر أراه جيدًا للغاية.
أما ما أود الحديث عنه اليوم؛ فهو خاص بعملاء كثيرين يصعب حصرهم؛ يئنون تمامًا من صلف البنوك في طريقة تنفيذ مبادرة البنك المركزي؛ فعلى سبيل المثال؛ عملاء يشتكون من عدم احتساب القسط الجديد للقرض حتى الآن؛ برغم سؤالهم للبنك أكثر من مرة لترتيب ظروفهم المادية؛ ويكون رد البنك قريبًا سيتم إرسال رسالة نصية بالمبلغ المطلوب برغم مرور عدد من الأشهر على قرار المركزي؛ مما أصاب الناس بحيرة.
بنك آخر؛ احتسب فوائد مبالغًا فيها؛ وحينما سأل عميله عن السبب؛ قال موظف البنك إنه يعمل وفقًا لتعليمات البنك؛ وحينما أخبره العميل عن التعامل الرائع لأحد البنوك الأخرى؛ كان رد الموظف صادمًا؛ حين أخبره بأن البنك الذي أشار إليه العميل؛ صاحب أكبر محفظة ودائع؛ ولا يمكن المقارنة بينهما؛ علمًا بأن التعليمات لم تفرق بين قُدور البنوك؛ ولا بين أحجامها من حيث عدد العملاء!
ليظل الثابت والمؤكد أن هناك تفاوتًا بينًا بين طرائق تعامل البنوك مع العملاء؛ الأمر الذي يستلزم تدخلًا فوريًا وحاسمًا من البنك المركزي؛ لتقويم الأمور؛ بعد إعوجاجها بهذا الشكل السيئ.
ولتعلم البنوك أن اكتساب ثقة العملاء ليس بالأمر الهين؛ وما اكتسبته في عدد من السنوات يضيع الآن بدون داع؛ خاصة أن احتساب فائدة منطقية على فترات التأخير؛ أمر نصت عليه مبادرة المركزي في 22 مارس المنقضي.
فمن يغيث العملاء؟
وهل نحن في حاجة لنشر قائمة سوداء بالبنوك التي لم تنفذ مبادرة البنك المركزي بنصها الواضح؛ وأيضًا قائمة بيضاء بالبنوك الملتزمة؛ وهو ما قد يحدث تلقائيًا؛ حينما يتبادل الناس الأحاديث حول ما أنجزوه في تعاملهم مع البنوك؛ ليكتشفوا لاحقًا من كان أمينًا ومن ثم ملتزمًا؛ ليزداد الإقبال عليه؛ والعكس ليفل منه الناس.
ختامًا؛ لابد من التقرير بأن مبادرة البنك المركزي بنصها الصادر في 22 مارس 2020؛ لم تُحمل البنوك جنيهًا واحدًا؛ وأن من تحمل قيمة التأخير في السداد كان العميل؛ الذي أُحتسبت فائدة تعامله مع البنوك؛ وتم تحميلها على الفترة المتبقية؛ فالأمر أشبه بإعادة الجدولة.
أتمنى أن تلتزم البنوك كلها كبيرها وصغيرها بمبادرة البنك المركزي حرفيًا؛ وأن يراقب المركزي تنفيذ تعليماته نصًا؛ وكذلك يضع آلية من خلالها يستطيع العملاء المتضررون بث شكواهم والتحقيق فيها ليأخذ كل صاحب حق حقه؛ سواء العميل أو البنك.
،،،، والله من وراء القصد
[email protected]