Close ad
26-8-2020 | 14:19

فى ليلة صيفية تعود لبداية السبعينيات، تدفق الكبار والصغار على مكان خلف المدرسة الابتدائية لقريتى بريف الدلتا، لمشاهدة فيلم، لم أعد أتذكر اسمه للأسف الشديد، تعرضه إحدى هيئات وزارة الثقافة. الامكانات بسيطة. جهاز عرض موجه لحائط عال، والصورة تظهر على الحائط،. كانت صدمة حضارية. الانبهار لا يوصف بهذا العالم الرائع.. عالم السينما ونجومها ونجماتها. لم نكن نسمع عن عرض بقرية مجاورة إلا وتسابقنا لمشاهدته.

ثم جرت بالنهر مياه ملوثة، فإذا بالريف يتم حرمانه من هذا العالم. أصبحت السينما كائنا خرافيا، يجرى الحديث عنه دون رؤيته. كانت فنا جماهيريا ومازالت بأنحاء العالم، لكنها فى مناطق عديدة بمصر لم تعد كذلك.

مناسبة هذا الكلام، أرقام مفزعة قرأتها فى تقرير لموقع إخبارى عربى عن السينما بصعيد مصر: لم يتبق سوى 4 دور سينما فقط، 2 بالمنيا والثالثة بالأقصر والرابعة فى أسوان. بعد أن كان العدد 42 بداية الثمانينيات، تحالفت عوامل التطرف الدينى والانسحاق المجتمعى والرسمى أمام موجات التشدد لتحرم الناس من فن حضارى هادف وممتع.

قبل أن تقوم دول، وتعرف شعوب عديدة معنى الحضارة، أقام المصرى تادرس مقار دار سينما بأسيوط عام 1908 عقب عودته من فرنسا. حذا حذوه مصريون كثر ببقية الأقاليم لتصبح السينما ثانى أهم سلعة تصديرية بعد القطن. ظل الاتجاه تصاعديا رغم التحول من الملكية للجمهورية والتغيرات الجذرية بالمجتمع. لكن سنوات السبعينيات وما بعدها، أوقفت المسيرة، فإذا بالسينما، والفن عموما، فى عين عاصفة التحريم المطلوب تنقية المجتمع من شرورها، وإذا بشهوة الانفتاح الاقتصادى تستثمر فى الأبراج السكنية والعمارات الفظة مكان دور السينما، تحت شعار المأوى أهم من اللهو والعبث. عمليا، عادت السينما فنا لسكان المدن الكبرى. لا مكان للريف والأقاليم والبدو. تضاءل عدد السينمات الشعبية، وتوقف الاستثمار بهذا المجال تقريبا.

عودة الفن السابع لجمهوره بالريف والأقاليم لا يعنى فقط هزيمة التطرف بل الرقى بالمجتمع وعاداته وتقاليده. الدولة تتحمل دورا أساسيا فى إصلاح ما كسرته موجات العنف والتشدد التى أغارت على مصر طيلة نصف القرن الأخير.

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
بين السياسي والبيروقراطي!

السياسى يستشرف ردود الفعل، يتفاوض ويجس النبض ويساوم ويعدل ثم يخرج بالقرار للعلن. ربما يكون أقل من طموحه لكنه يضع نصب عينيه أن السياسة فن الممكن لا المستحيل.

رسائل الهجوم الأمريكي!

عندما أمر ترامب فى أبريل 2018 بشن هجمات عسكرية على سوريا بعد اتهام النظام السورى باستخدام أسلحة كيماوية فى «دوما»، سارع بايدن ونائبته الحالية كامالا هاريس

أريد عناقا!

في العالم الذي رسمه الروائي البريطاني جورج أورويل بروايته الأشهر «1984»، ينسحق الفرد أمام حكومة خيالية تتحكم في كل حركاته وهمساته. تحسب عليه أنفاسه وأحلامه.

أولياء الأمور والسوبر ماركت!

حتى نهاية الثمانينيات، ظلت الحياة هادئة، إن لم تكن رتيبة، فيما يتعلق بالعملية التعليمية. تدخل الوزارة نادر، والتغييرات طفيفة. اهتمام أولياء الأمور كان

نيتانياهو وعالم اللا معقول!

تابعت الضجة التى أثيرت حول ما ذكره الفنان المصرى الكبير محمد منير فى مكالمته الهاتفية مع لميس الحديدى فى برنامجها المتميز، كلمة أخيرة، حول ماعرض عليه من

زورونا كل سنة مرة!

لست وحدك. تنتخب من يمثلك بالبرلمان أو جهة العمل أو بنقابتك، فإذا به بعد النجاح يقوم بعملية فرار طويلة ولا يعاود الظهور إلا مع استحقاق انتخابي جديد. تبحث

كيف تدمر حزبًا؟!

لأسباب عديدة، تسكن الانقسامات أحزاب اليسار أكثر من اليمين. الانضباط الحزبي حديدي داخل اليمين، بينما التماسك والالتزام ضعيفان لدى اليسار الذي تشله الخلافات

فلاسفة التوك شو!

ليست هذه هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي يمتشق فيها مذيع سيفًا خشبيًا يوجه به طعنات من الإهانات والسخرية والإساءات لفئة من الشعب، هو نفسه فعلها

تركة على حميدة؟!

كيف سيتذكر الجيل الجديد مبدعينا وفنانينا والمشاهير الذين يختارهم الله إلى جواره؟. وماذا سيبقى منهم؟ للأسف، ليست هناك إمكانية أو قدرة من جانب كتابنا وباحثينا

فى مدح الإعلام العام!

أحد أسباب توقف الحروب وسيادة السلم في فترات زمنية معينة أن البشر لم يكونوا يتقاسمون المنافع والخيرات فقط؛ بل الحقائق المشتركة أيضًا. الآن، لم تعد هناك

كلمني شكرًا!

«بيبى.. أنا لا أوافق على أى شىء تقوله، لكنى أحبك». هكذا كتب بايدن ذات مرة عن علاقته مع نيتانياهو. مر نحو شهر على توليه الرئاسة ولم يرفع سماعة التليفون

احذف واعتذر!

هاتان الكلمتان رسالة وجهتها صحيفة الجارديان إلى كاتب عمود بعد نشره تغريدة سخر فيها من السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، واعتبرتها الصحيفة كاذبة بل معادية للسامية، لينتهي الأمر بوقف التعامل معه.