Close ad

لو كان نيكسون على قيد الحياة؟!

24-8-2020 | 00:54

هنيئا لشعوب الدول الفقيرة والنامية، حيث تبدأ كوبا اليوم، 24 أغسطس، التجارب السريرية للقاحها ضد كوفيد-19، والتي ستكون نتائجها متاحة في يناير المقبل.

سوف تشارك كوبا - بكل تأكيد - الدول الفقيرة والنامية، بما لديها من إنتاج اللقاح المرشح، Soberana 01، وبما تتمتع به من سمعة عالمية في مجالي التكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية والوقائية، التزامًا بما أوصى به زعيمها الراحل فيدل كاسترو بأن هذه الدولة الكاريبية الصغيرة، لا تمنح فقط ما يتبقى من احتياجاتها.

في 13 يونيو الماضي - كتبت هنا في بوابة الأهرام - أن كوبا تتصدر الجيوش البيضاء في الحرب العالمية ضد فيروس كورونا؛ بالرغم من أنها تتعرض لنقص حاد في الغذاء والوقود، ولحصار أمريكي ظالم منذ 6 عقود، ولضغوط اقتصادية غير مسبوقة من إدارة ترامب، خلافا للسياسات التصالحية التي اتبعها سلفه أوباما.

يوم الإثنين الماضي، أكد الرئيس الكوبي ميجيل دياز كانيل، التقدم المحرز في اللقاح المرشح، الذي سيجري تجريبه على 676 شخصا، تتراوح أعمارهم بين 19 و 80 عاما، حتى لو كانت الدول الأخرى لديها العقار الخاص بها، فهي مسألة سيادة.

حتى كتابة هذه السطور، بلغت حصيلة المصابين بفيروس كورونا في مختلف بلدان العالم نحو 22 مليونًا، فيما اقترب عدد الوفيات من ثلاثة أرباع المليون، وتتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول المتفشي فيها الفيروس، بنحو 5.6 مليون مصاب، وحوالي 175 ألف حالة وفاة، وقد ترتفع الوفيات في أمريكا إلى 300 ألف بحلول ديسمبر المقبل، في حين سجلت كوبا أدنى المعدلات في الإصابات والوفيات بالقائمة.

الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لم يأخذ بتوصية المذكرة السرية التي وضعها في عقد الستينيات نائب مساعد وزير الخارجية الأسبق ليستر د. مالورى، وقد أعادت إدارة ترامب تفعيلها، باستخدام جميع الوسائل الممكنة من خلال خطة عمل ماهرة وحصيفة للإطاحة بالحكومة الكوبية، في ذروة احتدام الحرب الباردة.

يبدو أن التاريخ يعيد نفسه - مرة أخرى - في الولايات المتحدة، بافتعال حرب باردة جديدة، نتيجة للفشل الذريع في التصدي لفيروس كورونا من ناحية، ولأسباب دعائية تتعلق بالحملة الانتخابية للرئيس ترامب، بإحياء ما ورد من مضمون، بمذكرة ليستر د. مالوري السرية، سيئة الذكر، والسعي الماكر والخبيث لإسقاط حكومات ودول من خلال تضييق الخناق المالي والاقتصادي ليس فقط في كوبا؛ بل أيضا تجاه الصين وغيرها من بلدان العالم!!

السياسة التصالحية التي اتبعها الرئيس السابق أوباما تجاه كوبا، بدءا من زيارته التاريخية لـ هافانا في شهر مارس من عام 2016، وكادت أن تنهى عقودا من العداء منذ إعلان الثورة الكوبية في عام 1959، سبقه في النهج التصالحي نفسه الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون تجاه الصين، عندما قررت واشنطن إذابة الجليد عن علاقاتها مع بكين في عام 1972 بسبب المصالح الجيوسياسية المشتركة الهائلة بين البلدين.

في كلمته بمكتبة ومتحف ريتشارد نيكسون الرئاسي، زعم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن انخراط واشنطن في علاقات طبيعية مع بكين كان توجهًا خاطئًا منذ البداية في عهد نيكسون، وفشل في إحداث التغيير المنشود بالصين!!

فهل سياسة أوباما تجاه كوبا كانت خاطئة؟ وهل مبادرة نيكسون تجاه الصين كانت – أيضًا - خاطئة وفاشلة؟ وهل كان الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، هو الآخر، على خطأ، عندما قال في خطاب سياسي عام 2000 إن الطريق الذي تسلكه الصين نحو المستقبل هو خيار تتخذه الصين، وماذا تغير في الدنيا إلى حد إعلان ترامب - في تصريحاته الأخيرة - بأن الصين ستكون مالكة للولايات المتحدة في حال انتخاب جو بايدن.. والأمريكيون لن يسمحوا بذلك؟

بالنسبة لكوبا تكفي الإشارة إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومواقف الغالبية العظمى من دول العالم المؤيدة لحق هافانا المشروع في رفع الحصار الاقتصادي الأمريكي الظالم، وكذلك الإشارة إلى إقرار الرئيس أوباما نفسه بفشل السياسات الأمريكية التقليدية تجاه كوبا على مدار ستة عقود.

في الوقت نفسه، وبالعودة إلى الوثائق التاريخية بين بكين وواشنطن، وفى مقدمتها بيان شنغهاى الذي تم التوقيع عليه في عام 1972، أقر الجانبان أنه بينما هناك اختلافات جوهرية بين الصين والولايات المتحدة في أنظمتهما الاجتماعية وسياستهما الخارجية، فإنه على الجانبين - بغض النظر عن أنظمتهما الاجتماعية - أن يقوما بإدارة علاقاتهما على أساس مبادئ احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول، وعدم الاعتداء على الدول الأخرى، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي.

من المؤكد أن عالم اليوم الذي يعانى من جائحة كورونا المدمرة، في حل عن التلويح بحرب باردة جديدة، وكذلك فإن الأمر لا يتحمل - بتاتا وفي هذا التوقيت بالذات - التراجع عن اتفاقيات، تستهدف إسقاط أنظمة اجتماعية وحكومات ودول.
 
وفقا لتوقعات الأمم المتحدة في تقرير منتصف عام 2020، من المتوقع أن يخسر الاقتصاد العالمي ما يقرب من 8.5 تريليون دولار أمريكي في الناتج خلال العامين المقبلين بسبب جائحة كوفيد-19، وهو ما سيؤدي إلى محو جميع المكاسب تقريبا التي تحققت في السنوات الأربع السابقة.

ويأتي الانكماش الاقتصادي الحاد، والذي يمثل أكبر انكماش منذ الكساد العظيم الذي حدث في ثلاثينيات القرن الماضي، على رأس توقعات اقتصادية هزيلة بلغت نسبتها 2.1 في المائة فقط في بداية العام.

ويقدر التقرير بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات المتقدمة من المتوقع أن ينخفض إلى سالب 5 في المائة في عام 2020. ومن المتوقع تسجيل نمو متواضع تصل نسبته إلى 3.4 في المائة - وهو يكفي بالكاد لتعويض الناتج المفقود - في عام 2021.

ومن المتوقع أن تنكمش التجارة العالمية بما يقرب من 15 في المائة في عام 2020 وسط انخفاض حاد في الطلب العالمي واضطراب في سلاسل التوريد العالمية.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة