Close ad
3-8-2020 | 14:46

(من الشخصيات النادرة التى تؤكد المعنى الكامل للإنسان المثقف فى العصر الحديث. جمع إلى عقليته ودراسته العلمية المتخصصة ثقافة أديب وفنان تعمق فى الآداب والفنون إلى ما هو أرفع من مستوى الاحتراف، وأعمق من مستوى الهواية).

هكذا وُصف المُبدع الراحل حسين فوزى، الذى يندر مثله فعلا، فى تقرير المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عند منحه جائزة الدولة التقديرية فى الفنون عام 1966. مُبدع يتعين أن نذكره فى العام العشرين بعد المائة لولادته. لم يجامله من قالوا عنه إنه شخصية نادرة. فقد جمع العلم والفن فى أعماله، كما فى مسيرته المهنية. تولى عمادة كلية العلوم فى جامعة الإسكندرية فى أربعينات القرن الماضى، ثم أصبح فى الستينات مديراً لأكاديمية الفنون التى غادرها إلى رئاسة المجمع العلمى المصرى.

درس العلم فى جامعتى السوربون وتولوز، وتخصص فى الأحياء المائية. ولكن معرفته العلمية كانت أوسع من هذا التخصص بكثير. لم يدرس الآداب، ولكن معارفه فيها فاقت ما عرفه ويعرفه معظم دارسيها. ولم يدرس الفنون، ولكنه درَّس لأجيال، وعمل من أجل تنمية الذائقة الفنية فى المجتمع أكثر مما فعل معظم من درسوها.

كان أحد أبرز رواد التعريف بالفنون الرفيعة وتبسيطها. وسعى إلى توسيع نطاق متذوقيها والمهتمين بها. وسيبقى دوره فى إنشاء البرنامج الثانى »الثقافى« فى الإذاعة المصرية شاهدا على ذلك. فقد ساهم هذا البرنامج فى غرس الموسيقى الكلاسيكية فى حياة من تابعوه.

ومن أهم ما نذكره به اليوم أعماله المميزة التى ليست كغيرها فى أدب الرحلات. ولم يكن بلا مغزى اختياره السندباد قاسما مشتركا فى عناوين كتبه فى هذا المجال. ومن أبرزها كتاب »سندباد مصرى جولات فى رحاب التاريخ«، الذى يُقدم فيه قراءة منظمة وممتعة فى آن معا لتاريخ مصر، أو ما أسماه الصورة الذهبية الوجدانية التى طبعها فى نفسه هذا التاريخ، بأسلوبه الساحر.

كان الراحل الكبير واحدا ممن ألهمتهم قصة السندباد الخيالية. ولكنه يتفرد بين من أثارت إلهامهم بأنه سندباد حقيقى جال فى أرجاء المعرفة الإنسانية، ونقلها إلى من يريد أن يعرف.


نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث