عادت السلامات بالأيدى. رجعت القبلات على استحياء. غابت الكمامات أو كادت، خاصة بالريف والأماكن الشعبية. توقع العلماء تأثيرا عميقا على سلوك الإنسان بسبب كورونا، لكن يبدو أن الطبع يغلب التطبع.
تعاملنا معه باستهانة فى بداية الأمر، ثم أصابنا الخوف فتشددنا في الالتزام بالإجراءات. وبعد انخفاض الإصابات والوفيات، اعتقدنا أن الغمة انزاحت، فعدنا لسيرتنا الأولى. أصبح الملتزمون أقلية، الذين يستخدمون المواد المطهرة أقلية الأقلية. شعر الناس بأمان، كانوا بحاجة إليه بعد شهور من الرعب. لم يختبروا حقيقة شعورهم. المؤسف، أنه شعور كاذب اختلقناه لأننا أردنا ذلك. فى الواقع ، مازال الوباء يفتك بالبشر. زيادات قياسية فى أوروبا وأمريكا وآسيا، مما أجبر عشرات الدول على إعادة فرض إجراءات كانت قد خففتها.
لسنا وحدنا الذين استهانوا بالفيروس. ففي حمى حديث الحكومات عن الشلل الذي أصاب الحياة، استأنف الناس ممارسة ما حرموا منه. فى رسالة حزينة لصحيفة واشنطن بوست، كتب طبيب أمريكي: عزيزتى أمريكا.. لم تساعدنى خبراتي في الحفاظ على تفاؤلي الفطري. كنت آمل بأننى إذا واصلت تشجيع الناس على الالتزام، ربما سأحدث فرقا، حتى لو استمع لى شخص واحد، لكن كورونا دمر أملى. يبدو أننا استسلمنا له. عندما أقود سيارتى، أرى الناس يتصرفون وكأنهم فى زمن طبيعى. معظمهم لا يرتدى الكمامات، حتى أفراد أسرتى توقفوا عن الاستماع لنصائحى. أشعر بأننى أخاطر بنفسي من أجل بلد لا يبالي، ومع ذلك، لن أتوقف وسأستمر فى الذهاب لعملي انتظارا لمريض يأتي لأعالجه.
فى الأسابيع الماضية، انتشرت أنشودة العودة للحياة. خسرت الحكومات تريليونات الدولارات. روج الإعلام للأنشودة، وكان الناس مشتاقين لكسر الانضباط والتحلل من القواعد. وعلقت الشركات والحكومات آمالا عريضة على اللقاح المنتظر. لكن منظمة الصحة أحبطت الجميع بأن أمامه 6 أشهر ليرى النور.
يبدو العالم فى عجلة من أمره، يريد الناس إغلاق صفحة كورونا السوداء دون أن يكونوا مستعدين، لكن الوباء يضحك ملء شدقيه ساخرا من هؤلاء الحمقى الذين يخاطرون بحياتهم من أجل سهرة أو مصافحة أو كراهية فى كمامة.
نقلا عن بوابة الأهرام