Close ad

حلم الرئيس .. كيف يتحقق؟

28-7-2020 | 18:20

في عالم اليوم تقاس أوزان الدول بحجم إنتاجها، وتقدم الأمم بقوة صناعتها بل تحدد مصائر الشعوب بقدراتها الإنتاجية والاقتصاية.. ومصر لن تدرك النهضة المنشودة إلا إذا امتلكت الصناعة القوية، وتحولت إلى دولة إنتاج لا سوقا للاستهلاك، ولعل مجمع الصناعات النسيجية الذى افتتحه الرئيس السيسي بمنطقة الروبيكى الصناعية يؤكد أن دولة 30 يونيو تسير على خطى التقدم وتعمل على أن تستعيد مصر دورها على خريطة الصناعة العالمية، ومكانتها اللائقة بين الأمم.

وفي كلمته اليوم خلال حفل افتتاح مجمع الصناعات والتي حملت العديد من الرسائل المهمة قال الرئيس إنه يحلم بأن تحقق مصر صادرات بقيمة 100 مليار دولار خلال عدة سنوات قادمة، ويقينا أن مصر تمتلك من الإمكانات والموارد ما يؤهلها لتحقيق هذا المستهدف؛ بل ويزيد إذا ما توافرت عوامل النجاح.

وهنا ألتقط من كلمات الرئيس السيسي حديثه عن "الإدارة" وتشديده على أن المصانع الجديدة بشكلها الجميل وتكنولوجياتها المتقدمة تبقى رهن الإدارة الناجحة التي تحفز الهمم وتستحث العزائم بين العاملين على الإجادة ومواصلة العمل والإنتاج.

وأظن أنه ليست صدفة أن يأتي حديث الرئيس عن دور الإدارة في تحقيق النجاح في هذه المناسبة التي يتم فيها ما يمكن وصفه بإعادة بعث صناعة الغزل والنسيج، فلا شك أن هذا القطاع الذي كان في يوم من الأيام يشار إليه عانى كثيرًا بسبب الإدارة السيئة التي وصلت به إلى حد الإنهيار.

فعلى مر العصور كانت صناعة الغزل والنسيج قاطرة للتنمية ففي العصر الفرعوني صنع المصريون الأقمشة من نبات البردي، وفي العصر القبطي صنعوها من الكتان، وفى العصر الإسلامي صنعوا المنسوجات من الأقطان والحرير، ومنها كسوة الكعبة، ولعل ما حققته هذه الصناعة العريقة على مر هذه العقود جعل من مصر موطنا لها، حتى إن بعض الدول كانت تستغل سمعة القطن المصري في تسويق منتجاتها القطنية، وقال لي الدكتور يوسف بطرس غالي وزير التجارة السابق منذ سنوات خلال زيارة تسويقية إلى كينيا - ضمت وفدًا من رجال الصناعة - إن مصر اكتشفت أن دولة كوبا تكتب على منتجاتها من الأقطان أنها مصنوعة من قطن مصري على غير الحقيقة، وحينها قال الوزير إن مصر ستتقدم بشكوى لمنظمة التجارة العالمية بهذا الخصوص.

ولم تكن سمعة القطن المصري التي اكتسبها عبر عقود طويلة من فراغ؛ بل نتيجة لأن هذه الصناعة تضرب فى جذور هذا الوطن منذ آلاف السنين، واشتهرت مصر عالميًا بالقطن طويل التيلة الممتاز، ودشنت أول شركة وطنية للغزل والنسيج في القرن التاسع عشر وبعد ثورة يوليو أصبحت مصر في طليعة الدول المصدرة للأقطان، وأقامت في عهد الزعيم جمال عبدالناصر قلاعًا صناعية كبرى للغزل والنسيج في المحلة الكبرى وكفر الدوار وغيرها، وأصبح لدى مصر نحو 12 ألف مصنع ومنشأة تعمل في هذا القطاع.

ومع مرور الوقت لم تصمد صناعة الغزل والنسيج مع تراجع زراعة القطن المصري الذي كان موسم جمعه مهرجانًا اجتماعيًا تمتلئ فيه جيوب المزارعين وتقام بعده أفراح الزفاف، إلا أنه عام بعد عام مرت هذه الصناعة بأزمات كبرى وتدهورت سمعتها وتوارت أهميتها، وتوقفت مصانعها، وذلك بعد أن انخفض إنتاج القطن من 10 ملايين قنطار سنويًا إلى مليوني فقط، والمساحة المنزرعة من مليون فدان إلى 30 ألفًا فقط، وبسبب فشل الإدارة وغياب السياسات ارتفعت ديون الشركات إلى 50 مليار جنيه، مما حرمها من خطط التطوير وبرامج التحديث وخرجت من ركب الصناعة.

إذن هي الإدارة ولا غير، وحين يؤكد رأس الدولة عليها في هذه المرحلة التي تمر بمصر وتشهد تحديات كبيرة فإننا أمام تعاط جديد مع القضايا الاقتصادية القومية وأولها قضية الإنتاج والتصدير التي يحلم الرئيس السيسي بتحقيق طفرة فيها تعيد مصر على خريطة الصادرات العالمية، وما يدعو للتفاؤل أن الاهتمام الرئاسي بقطاع الغزل والنسيج بافتتاح مجمعات صناعية متطورة مع تنفيذ خطة إحلال وتجديد لمصانع المحلة سيفتح آفاقًا كبرى أمام صناعات وطنية واعدة تحقق حلم الرئيس.

حفظ الله مصر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة