لم يكن لدى دائما أدنى شك فى أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يتقمص شخصية السلطان أو الخليفة العثماني، و يعيش و يستغرق تماما فى هذا الدور، رغم أن الدولة العثمانية و الخلافة العثمانية انتهت منذ زمن طويل. أقول ذلك بمناسبة التصريحات الأخيرة للسيد أردوغان التى ندد فيها بدور مصر فى الصراع داخل ليبيا ووصف الدور المصرى بأنه «غير شرعي»! أى أن الرجل يعتبر تدخله عبر مئات الأميال فى البلد العربى ليبيا تدخلا شرعيا، أما تدخل مصر لحماية أمنها القومى من ناحية حدودها المشتركة مع ليبيا التى تمتد لما يقرب من 1050 كيلو مترا، والتى تهددها المخاطر المعروفة للدنيا كلها.. فهو أمر غير شرعي! بماذا يبرر أردوغان موقفه ذلك..؟ يقول بالنص «علاقتنا مع ليبيا تمتد لأكثر من خمسمائة عام، و لن نترك أشقاءنا الليبيين وحدهم»، أى أن الرجل يتعامل مع ليبيا باعتبار أنها كانت ولا تزال جزءا من الإمبراطورية العثمانية الآفلة! و للأمانة فإن الرجل ثابت على أفكاره أو أوهامه تلك، و متسق تماما مع نفسه، و آماله عريضة فى أن يحيى فى القرن العشرين الخلافة او الإمبراطورية العثمانية...ألم يقم مؤخرا بإعادة الأذان إلى متحف آيا صوفيا فى خطوة فجة لجذب تأييد المسلمين فى أنحاء العالم ، برغم الاستهجان العالمى ؟ هل تتذكرون زيارة أردوغان لمصر بعد ثورة يناير 2011 ثم استقباله الحميم لمحمد مرسى الرئيس الإخوانى فى أنقرة ؟ غير أن الخارجية المصرية كانت محقة فى الرد السريع الذى أعلنه المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ معبرا عن «رفض مصر التدخلات التركية السياسية والعسكرية فى الشأن العربي، و التى تفتقر إلى أى سند شرعى بل وتنتهك قرارات مجلس الأمن ، سواء كان ذلك فى العراق أو فى سوريا أو فى ليبيا..وأن الشعوب العربية تأبى أى مساع أو أطماع لمن يريدون تسيير أمورهم لتحقيق مصالح وأهداف لا علاقة لهم بها».
* نقلًا عن صحيفة الأهرام