ولد حبه بـ «صراع فى الوادي» ثم بدأت «أيامنا الحلوة» وبعد «صراع فى الميناء» أعلنت حبيبته صارخة « لا أنام»، حتى أصبحت «سيدة القصر» وسيدة قلبه الأولى ثم مضيا على «أرض السلام» وصولا الى «نهر الحب» وتوالت الأيام الى أن انفصلا للأبد فى منتصف السبعينيات . وغرق بعدها فى بحور الفن محليا وعالميا وحصد العديد من الجوائز الكبرى مثل جائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل عن دوره فى فيلم «دكتور زيفاجو» ونفس الجائزة عن دور أفضل ممثل مساعد عن فيلم «لورانس العرب»، فى أعماله الأجنبية كان يتبنى شخصية الرجل الغامض اللطيف الجاذب للنساء، بينما مثل فى أفلامه العربية العديد من الأدوار التى جمعت الشخصيات الهزلية والجادة والرومانسية والكلاسيكية .
وكما اشتهر فنيا, جاءت قصة حبه من أعظم وأشهر قصص الحب فى تاريخ السينما المصرية، إنه الفنان الرائع عمر الشريف الذى أحب سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وتزوجا عام 1955 م وأنجبا ولدا يدعى طارق، وقد تحول ميشيل شلهوب الكاثوليكى الى الإسلام ليتزوج من حب حياته وطبعا حدث هذا ما قبل عصور التكفيريين والارهابيين وكانت مصر حينها ترفع شعار الدين لله والوطن للجميع، ثم لم تكن آنذاك مواقع للتواصل الاجتماعى حتى تلغو فى هذه القضية الجدلية، بل كانت الغالبية العظمى من الشعب مبتهجة لأجل هذا الحب ويجدون متعتهم حين يتم اعلان عن فيلم مشترك بين الحبيبين ومن ينسى حوارهما فى فيلم «نهر الحب» حين قال لها: انت ايزيس بس متنكرة فى ملابس مودرن وأنا أوزوريس وده نهر الحب اللى عملته دموعك ودلوقت ايزيس هترقص مع أوزوريس رقصة الحياة .
لم يكن الشريف مجرد «دنجوان» صاحب وسامة ساحرة أو عيون لا تقاوم وحسب ولكن كانت له فلسفة خاصة كما قال : تقوم فلسفتى على أننى حين أغادر غرفتى أكون جاهزا لحب كل من يعترض طريقي، ما لم يكونوا سيئيين، وكان مثقفا عميقا صاحب فكر مختلف وهكذا كان يقول : اريد أن أحيا كل لحظة بعمق، وحتى عندما أجرى مقابلة أو اتحدث إلى الناس ينحصر تفكيرى فى ذلك فقط
بينما جاء دوره فى الفيلم العالمى «لورانس العرب» نموذجا صارخا يعكس لنا قصة الأطماع التركية القديمة وكيف حاولت طيلة تاريخها استعمار ما ليس لها ولم يدم !! ثم جاءت الحرب العالمية الأولى لتحدث طفرات سياسية وتحاول بريطانيا التخلص من العجرفة العثمانية وتندلع الثورات العربية لتلفظ الأتراك بلا رجعة . وفى ظل الاجتياح الكورونى العالمى الآن تحاول تركيا مرة أخرى اختلاس ما لا تستحق فتلقنها مصر درسا فى أدب الجوار .
ولا نملك فى ذكرى رحيله الخامسة عن عالمنا إلا أن نترحم عليه وعلى الفن المصرى الأصيل الذى طالما جاد علينا بكنوز لا تنسي، فلم يكن الفنان مجرد مشخصاتى صاحب تسعيرة مليونية بل مثقف وسياسى ووطنى وإنسان فضلا عن براعتهم فى إعلاء قيمة الحب الذى تحول بفعل عوامل التجريف العاطفى والتعرية الإنسانية الى مجرد «تيك توك « .
نقلا عن صحيفة الأهرام