Close ad
9-7-2020 | 13:59

أعتقد أنه حان الوقت الذي تتحدد فيه نظرتنا إلي تركيا مستلهمين في ذلك السوابق واللواحق من تاريخ علاقتنا مع أهل الأناضول حتي تجيء نظرتنا في ثوب موضوعي يخلو من أية عواطف إيجابية أو سلبية وبما يمكننا من أن نفتح عيوننا علي نظرة جديدة للفضاء الإقليمي المحيط بنا!

ولعلي بداية استرجع سطورا بالغة الأهمية للمؤرخ المصري العظيم الراحل الدكتور جمال حمدان يقول فيها:»ليس أكثر من تركيا نقيضا تاريخيا وحضاريا لمصر.. هي بلا تاريخ.. بلا جذور جغرافية.. انتزعت من الأناضول كقوة شيطانية مترجلة واتخذت لنفسها من الأناضول وطنا بالتبني وبلا حضارة.. بل كانت طفيلة حضارية خلاسية استعارت حتي كتابتها من العرب.. ولكن أهم من ذلك تمثل قمة الضياع الحضاري والجغرافي.. غيرت جلدها أكثر من مرة.. الشكل الغربي استعارته ثم بدلته باللاتيني.. والمظهر الحضاري الآسيوي نبذته وادعت الوجهة الأوروبية.. ولعلها بين الدول كما مثل الدول التي تذكر بالغراب يقلد مشية الطاووس»!

وأستعيد من ذكرياتي الشخصية عندما عقدنا مؤتمرا طلابيا في جامعة القاهرة في منتصف أكتوبر عام 1961 لمناقشة أسباب انفصال سوريا عن مصر وانهيار أحلامنا في الوحدة العربية وكيف كانت دهشتنا وقتها من أن تركيا التي ترفع رايات الصداقة للعرب وترتدي ثياب الدفاع عن الإسلام والمسلمين كانت أشد شراسة في العداء لمصر ولمشروع الوحدة العربية بأكثر من الدول الاستعمارية المعادية لنا حيث كانت تركيا أول دولة في العالم تعلن اعترافها بالانقلاب العسكري في دمشق يوم 28 سبتمبر 1961 الذي قام به عدد من صغار الضباط بقيادة العقيد عبد الكريم النحلاوي وراحت تركيا تدق الطبول المحرضة علي سرعة إعلان الانفصال والمجاهرة باستعداد تركيا للتدخل العسكري لدعم الانفصاليين نكاية في مصر!

واليوم نري أن تركيا لم تتحرك للتحرش بالأمن القومي المصري بالذهاب العسكري إلي ليبيا واستخدام الفصائل الإرهابية هناك فجأة من أجل إزعاج مصر، وإنما يتم ذلك وفق مخطط مرسوم بدأ علانية وبفجور منذ أن استعادت مصر هويتها المخطوفة بإسقاط حكم الجماعة بعد ثورة 30 يونيو 2013 حيث تحولت اسطنبول إلي ملاذ لإيواء الفلول الهاربة من مصر وتمكينها من إقامة فضائيات للفتنة والتحريض بهدف زعزعة الاستقرار في مصر... ولكن سعيهم خاب والحمد لله!

وليس خروجا عن سياق هذا المقال ومبتغاه في كشف جذور العداء التركي لمصر أن أقول: إن اجتماع مجلس الأمن مساء أمس الأربعاء لبحث الأزمة الليبية لن يكون مجديا إلا بوقفة دولية حاسمة ضد التدخل العسكري التركي الذي لا يكشف فقط عن مطامع في الثروة الليبية أو اكتساب أوراق ابتزاز جديدة ضد أوروبا، وإنما يكشف أساسا عن عمق جذور العداء لمصر!

خير الكلام:

<< اجعل عدوك أمام عينك واسبقه ولا تدعه خلف ظهرك!

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
الأكثر قراءة