Close ad
5-7-2020 | 16:47

للأسف الشديد، فإن تقاليد الخصوصية الأسرية، التى يحميها المجتمع والقانون، قد تكون ستاراً لانتهاكات الحقوق الأساسية لبعض أفراد الأسرة بيد بعض الأطراف الأقوياء الذين يَحلّون أنفسهم من واجباتهم كمسئولين عن الأسرة، بل إنهم يستبيحون لأنفسهم السطو على حقوق بعض من يعولونهم، بل وهدر بعض الحقوق الأساسية فى حرمة الجسد، وفى التعذيب بالضرب والتجويع، والحرمان من الحدود الدنيا الأساسية بعدم توفير إمكانية النوم واستخدام دورات المياه..إلخ!

وأما أخطر ما فى القضية، فإنه ليس هنالك آلية تضمن اكتشاف هذه الجرائم الصارخة فى بداياتها وقبل أن تتفاقم، وإنما الصدفة وحدها هى التى تكشف بعضها. أنظر إلى هذا الخبر المخيف، الذى تكشف الأسبوع الماضى فى إحدى قرى المنيا، عن رجل حبس شقيقته لمدة 22 عاماً فى ركن غير آدمى بالمنزل، بلا سقف ولا دورة مياه، وتعمد تجويعها، ومنع عنها أى زيارة، ولم يسع أحد من الأسرة لحماية الضحية، بل إن الأمر كان معروفاً لدى الجيران، ولكن لم يتدخل أحد لدى الأسرة، كما لم يتقدم أحد ببلاغ إلى السلطات، إلا بعد أن صار من الصعب السكوت على استمرار الجريمة، التى لا تزال أسبابها ودوافعها غامضة!

لا يجوز التهوين من خطورة هذه الجرائم واعتبارها حالات استثنائية نادرة، لأن مجرد وقوع حالات قليلة منها يعنى أن هناك عدداً من الضحايا مروا بأسوأ المحن التى تتسبب فى تدمير حياتهم وشخصياتهم، كما أن الأخبار المتواترة تؤكد أن مثل هذه الجرائم ليست نادرة، إذا نظرنا نظرة شاملة على هذه النوعية من الأدمغة المنتشرة التى تفرض سطوتها داخل الأسرة على من يقعون تحت سطوتهم، ومن جرائمهم فرض الختان على الفتيات، واعتماد ضرب الأطفال تحت شعار التربية، وإذلالهم أمام نظرائهم، وحرمان الطفل من اللعب، ومن مخالطة أقرانه..إلخ.

مكافحة هذه النوعية من الجرائم تتطلب جهوداً جبارة، لنشر الوعي، ولتحفيز الناس على الإيجابية فى التصدي، ولسن تشريعات تلزم الجيران بإخطار أجهزة الدولة، وتشريعات أخرى تحدد مسئولية أفراد الأسرة المشاهدين للجريمة، حتى إذا لم يكونوا أطرافاً فاعلين..إلخ.

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
الأكثر قراءة