Close ad

هل ستختار حياتك؟

4-7-2020 | 00:23

سؤال مهم نتمنى الإجابة عنه بأمانة تامة؛ هل إذا أتيحت لنا الفرصة لنختار حياتنا؛ هل سنختارها؟ أم سنسارع بالقفز بعيدًا عنها ونغلق كل أبواب العودة إليها؟ أم سنختار بعضا منها فقط، ونتقبل الباقي على مضض أو نحاول الرضا به؟

نؤكد أن السؤال لا يحرض مطلقا على التمرد على حياتنا أو زرع ولو قليل من كراهيتنا لها؛ فمن يكره أي جزيء بحياته يسرق أجزاء غالية من طاقاته ومن صحته النفسية وربما الجسدية ولو بعد حين، متعكم ربي بالخير وبالفرح..

البعض سيسارع بالرد على السؤال سلبًا أو إيجابا؛ وكلا الردين يضران بصاحبهما..

المطلوب التأني والانفراد بالنفس "والغوص" بتفاصيل الحياة؛ والأحلام وما تحقق منها بالواقع، ودورنا في إجهاض أو "وأد" بعض الأحلام، بعدم بذل المجهود الكافي أو تعجل النتائج والمسارعة بالاستسلام عند تأخرها، أو ببعثرتها على الناس بالحديث عنها والاستماع للسخرية أو للكلمات المحبطة "والسماح" لها بالنيل من عزيمتنا..

وما أكثر من يحبطون أحلام الآخرين..

ننبه للعقبات التي لم نستطع تجاوزها - برغم بذل أقصى الجهد - ولابد من التسامح "الذكي" مع النفس؛ فنطرد القسوة ونصنع أحلامًا بديلة..

يختار الكثيرون حياتهم ليس لأنها "أفضل" ما يمكنهم فعله؛ ولكن بمبدأ "اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش" وهو مبدأ يؤذي صاحبه كثيرًا؛ فما أضيق الحياة التي تخلو من التجديد وقدر "محسوب" من المغامرة للفوز بالأفضل الذي نستحقه جميعًا والذي يذيب الجمود ويقتل الروتين وهو أكبر صانع للملل والاكتئاب في حالات كثيرة..

اختيار الحياة لا يقتصر على الأحلام بالعمل وبالحياة الشخصية؛ كما قد يتبادر للذهن؛ ويتعداهم لكيفية قضاء أوقاتنا وعلاقتنا بأنفسنا وبمن نحب وبمن نتعامل معهم؛ وهل تسير بطريقة تجعلنا "أقرب" للرضا؛ فلا أحد راض عن كل علاقاته ولا عن كل تفاصيل حياته؛ فلابد من بعض الانزعاج وقدر من المضايقات؛ فلا نعيش بالجنة ولسنا ملائكة ولا من نعرف أيضا..

قد يختار البعض نفس الحياة؛ تهربًا من دفع "فواتير" التغيير؛ فكثيرون يرون التغيير مكلفًا ومجهدًا ويؤثرون ما يرونه السلامة "بإبقاء" الوضع على ما هو عليه أو كما يقال محلك سر؛ وهذا وهم شائع؛ فالأصدق أننا إذا لم نزد سننقص؛ وما لم نكن بوعي تام بما يؤلمنا بحياتنا "فسيتوحش" وينمو بعيدًا عن سيطرتنا وهذا يفسر طلاق زوجين بعد سنوات طويلة من الزواج؛ وأحيانا تنفجر العداوات بشراسة بينهما..

ويوضح أيضا إصابة البعض بأزمات قلبية إثر خلاف بسيط بالعمل أو التشاجر بحدة وبعدوانية فظة بعد إبداء رأي مخالف بين صديقين؛ والسبب الاحتفاظ بتراكمات سلبية "والخوف" من مناقشتها؛ منعا للضيق أو تهربًا من جدال؛ فيتمادى الطرف الآخر؛ فلم تصله أية رسائل "واضحة" بأن ما يفعله مرفوض؛ ويتصاعد الغضب الداخلي حتى ينفجر وتنتشر شظاياه لتؤلم الجميع..

تشير القراءة الأمينة لحياة البعض إلى أنه بالإمكان إعادة اختيار الحياة مع بعض التحفظات؛ التي تستوجب إدخال بعض التغييرات لينعم أصحابها بالأحسن؛ شريطة ألا نقع بالفخ الشائع؛ وهو محاولة تغيير من نشاركهم الحياة؛ ليكونوا أكثر لطفا وليحترموا خصوصياتنا أكثر؛ وليتوقفوا عن مضايقتنا وليقدروا أحلامنا ويمنحوننا الوقت الكافي لتحويلها لحقائق تنير أعمارنا، وليتوقفوا عن شغلنا بأمور تافهة ولا يحكوا لنا عن صغائر الآخرين التي تلتهم أوقاتنا وتصدر لنا طاقات سلبية؛ نحن في غنى عنها؛ ففي الواقع وفي وسائل التواصل الاجتماعي كم رهيب منها ولا نحتاج للمزيد ... ووو.

من يريد أن يغير الآخرين ليعيش حياة أفضل؛ يؤذي نفسه وسيدخل في معارك خاسرة تستنزفه وتؤلمه ويكتشف "متأخرًا" أنه مثل من يريد الذهاب لمدينة، ولكنه سار بسيارته آلاف الكيلومترات في الاتجاه المعاكس!.

والحل يكمن في تغيير ردود أفعالنا تجاه كل ما يفعله الآخرون ويعطلنا أو يؤذينا؛ فنتوقف عن رؤيته، كارثة لا تحتمل أو عدوانا بشعًا وأيضًا لا نهون منه؛ فنحرضهم على التمادي..

ولنفرق بين الحزم والعدوانية؛ فالأول رائع ومطلوب ومفيد؛ فنمنع الأذى بهدوء وبأقل قدر من الكلمات والثانية مجهدة ومرفوضة وضارة جدا؛ فهي تحرض الآخرين على التمادي بالخطأ ويتحولون من مخطئين إلى ضحايا ونستنزف طاقات في ترميم ما أفسدناه بالصراخ الذي يذهب "بالهيبة" ويتسبب في الخسائر وقد يجبرنا على الاعتذار..

تتسع الحياة الأفضل لتشمل العناية بالمظهر داخل البيت وخارجه - والكلام للجنسين - والاهتمام بالرشاقة وباللياقة البدنية وبالطعام الصحي ولا ننسى الرفاهية الروحية أي ممارسة العبادات بهدوء وبتعمق في جوهرها وتجنب أدائها كواجب نسارع بفعله؛ بل نؤديه بحب وبتأن والحصول على قدر يومي من الترفيه وممارسة الهوايات؛ لما في ذلك من تأثير رائع على جودة الحياة وما يتبع ذلك من تحسين للصحة النفسية ومضاعفة قدراتنا على السعي لامتلاك أفضل تعامل ممكن مع الضغوط التي تحاصرنا جميعًا والتي لا تخلو منها أي حياة.

أما إذا قادتنا الإجابة الأمينة للسؤال لرفض شبه كامل لحياتنا؛ فلابد من الانتباه ووضع الخطط والسعي بتدرج إلى إحداث بعض التغييرات والاحتفال بأي نجاح واعتباره "مقدمة" للأفضل وعدم الاكتفاء به.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: