يؤمن نيتانياهو بأن القضاء على حلم الدولة الفلسطينية حرب ممتدة، وأن ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية مجرد معركة، ولذلك لديه استعداد للالتفاف والتراجع المدروس، إذا كانت الرياح عاتية. ومع الضغوط الدولية المتصاعدة، ابتكر حيلة مفادها أن الضم سيقتصر على كتل استيطانية صغيرة، ولن يشمل غور الأردن الشديد الأهمية استراتيجيا.
حسب مصادر إسرائيلية، جرى إبلاغ الأردن والسلطة الفلسطينية بهذه الحيلة، التى تبدو كتنازل، على أمل الحصول على موافقة أمريكا على قرار الضم بصيغته الجديدة. المطلوب تمرير فكرة ضم أراض يعترف العالم بأنها محتلة، للسيادة الإسرائيلية، ليكون الأمر سابقة يتم تكرارها، ولتقول إسرائيل للمعارضين مستقبلا إن الضم ليس جديدا. لم يكن غريبا، إذن، أن يتحدث مسئولوها، عن أن ما سيحدث خلال أيام من ضم ليس سوى مرحلة، ستتلوها أخرى بالتأكيد.
الهدف، كما يقول السفير الإسرائيلى بواشنطن رون ديرمر، تحطيم وهم الدولة الفلسطينية وإجبار الفلسطينيين على الاعتراف بأن مائة عام من الرفض انتهت بهم لهذا الوضع، وعليهم الانصياع لخطة ترامب، المسماة خطة السلام، وإلا فمكتوب عليهم مواصلة الخسارة ولو بعد مائة عام أخرى. المفارقة أنه بينما يستخدم المسئولون الإسرائيليون وقادة الاستيطان مبررات تاريخية ويلوون عنق الحقيقة بالحديث عن وعد إلهى، لا يجادلهم العالم، فى تفاهة ذلك، بل تتركز حجج الرفض على الخشية من اشتعال الأوضاع بالأراضى الفلسطينية، وكأن الأمر لو مر بهدوء، فإن ذلك يعنى أن القرار لا غبار عليه. العالم يريد هدوءا فى منطقة لا تتوقف حرائقها عن الاشتعال. وللأسف، بعض العرب يعولون على الخلافات داخل إسرائيل لوقف القرار أو تأجيله مع أن الاختلافات حول مدى المواءمة السياسية للضم فى اللحظة الراهنة، وليس حول القرار ذاته. وفى ظل التهييج الشعبى الذى يقوده نيتانياهو، يستحيل على أى سياسى رفض الضم علانية.
قبل عقود، كان الشعار الفلسطينى، دولة من النهر للبحر. الآن، سرقت إسرائيل الشعار وحولته إلى واقع. ولأنها تريد أن يبصم العالم عليه، فلا بأس ببعض حيل وتلاعبات لن تغير من الأمر شيئا.
نقلا عن صحيفة الأهرام