حصل المؤرخ المصري، خالد فهمي، أستاذ الدراسات العربية الحديثة، بجامعة كامبريدج علي جائزة أفضل كتاب في التاريخ الاجتماعي من جمعية التاريخ الاجتماعي ببريطانيا، عن كتابه "البحث عن العدالة: القانون والطب الشرعي في مصر الحديثة"، والصادر عن جامعة كاليفورنيا في 2018.
موضوعات مقترحة
وأعلنت الجائزة عبر الإنترنت بعد إلغاء مؤتمر الجمعية السنوي نظرًا لإجراءات الإغلاق التي فرضتها الحكومة البريطانية لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأعرب الدكتور خالد فهمي في اتصال هاتفي مع "بوابة الأهرام"، عن اعتزازه الشديد بمنحه هذه الجائزة كونها جائزة في التاريخ الاجتماعي عموما ويتنافس فيها كل ما كتب في التاريخ الاجتماعي باللغة الإنجليزية وليس فقط مجالات التاريخ الاجتماعي العربي والإسلامي.
خالد فهمي، مؤرخ مصري، حصل علي الدكتوراة من جامعة أكسفورد عام 1993 وأصبح أستاذا مساعدا في قسم دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون بين السنوات " 1999-1994" . ومن 1999-2010 كان أستاذًا مساعدًا في قسم الدراسات الشرقية والاسلامية في جامعة نيويورك، وعاد إلي القاهرة عام 2010 ليتولي رئاسة قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. وفي عام 2015 التحق بجامعة هارفارد. يشغل خالد فهمي الآن منصب أستاذ كرسي جلالة السلطان قابوس بن سعيد للدراسات العربية الحديثة بجامعة كامبريدج منذ 2017.
ومن أبرز كتبه، كل رجال الباشا الصادر في طبعتين عن دار الشروق، والجسد والحداثة الصادر عن دار الوثائق القومية. صدر كتاب البحث عن العدالة In Quest of Justice. Islamic Law and Forensic Medicine in Modern Egypt عن جامعة كاليفورنيا في عام 22018 وتجرى ترجمته إلى اللغة العربية وينتظر أن يصدر الكتاب بحلول آخر العام.
وقالت الجمعية في حيثيات الجائزة، والتي تلتها البروفيسورة نايومي تادمور رئيسة الجمعية، إن عمل خالد فهمي "عمل أصيل، يستد إلي أبحاث مكثفة ودقيقة تلقي الضوء علي تطور الدولة الحديثة في مصر خلال القرن التاسع عشر والتغيرات الثقافية والاجتماعية المصاحبة لذلك التطور وخاصة فيما يتعلق بالطب والقانون. ويركز الكتاب علي موقع الطب الشرعي والتشريح بالتحديد من عملية الحداثة في مصر. ويتحد القناعة السائدة بأن التغيرات التي شهدتها مصر في تلك الحقبة هي نتاج تأثير الاستعمار البريطاني، ويؤصل بدلا من ذلك لتلك التطورات في الثقافة المصرية وفي رغبة الحاكم - محمد علي باشا - في الحصول علي سلطة مستقلة عن الإمبراطورية العثمانية، وفي القانون الشرعي المستخدم في مصر في ذلك الوقت.
كما يركز المحتوي الاجتماعي في الكتاب بشكل خاص علي الطرق التي أصر بها المصريون العاديون على استخدام تلك الطرق الجديدة للحصول علي العدالة، في قضايا القتل علي سبيل المثال، اعتقدوا أن التشريح قد يكون مفيدًا في الوصول للعدالة. إن قاعدة المصادر التي يستخدمها الكتاب مبهرة ومكثفة إذ يرسم الكتاب صورة واضحة حول الطرق المتعددة التي استخدمها المصريون العاديون للاستفادة من أو مقاومة سلطة الدولة المتمثلة في تلك الإجراءات الجديدة التي تتحكم في أجسادهم.
وأضافت الجمعية في حيثيات الإعلان إن الكتاب مرجع هام لكل من يتخصص في التاريخ المصري والثقافة الإسلامية بشكل أوسع، ولكنه متاح أيضًا لجمهور القراء من غير المتخصصين. وعليه قررت اللجنة أن أي قارئ سيستفيد بالكثير من قراءة هذا الكتاب."
وقال فهمي في الفيديو الذي تم بثه باللغة الإنجليزية عقب إعلان فوزه بالجائزة إن وصوله إلي فكرة هذه الكتاب بدأ مع كتابه الأول "كل رجال الباشا" الصادر عن دار الشروق المصرية، والذي لمس قضايا سياسية ولكنه كان بالأساس تاريخ اجتماعي للجيش المصري وكان همه الشاغل ما إذا كان ممكنًا أن نكتب تاريخًا للجيش المصري من منظور جنوده.
وقال "نحن نعرف تاريخ الجيش الرسمي ولكني أردت أن أصل لتجربة الجندي المصري في المعركة ذاتها. ولكن الفصل المحبب لي كان ما بعد المعركة والذي ارتكنت فيه إلي الكثير من السجلات الطبية للجيش والتي حاولت من خلالها الوصول إلي الجنود وإلي أجسادهم لا لفهم عقيدتهم أو أيديولوجياتهم ولكن للوصول إلى تجربتهم الجسدية والأمراض التي عانوا منها. ومن هنا بدأ اهتمامي بالتاريخ الطبي، وحين انتهيت من ذلك المشروع كنت متعلقًا ومهتمًا بتلك المصادر وبدأت في التفكير في أن الطب قد يساعدنا على فهم عملية التحديث في مصر القرن التاسع عشر، وهي قضية كبيرة وغالبا ما يتم النظر إليها من وجهة نظر التاريخ الفكري أو التاريخ السياسي والذي يوفر لنا قصصًا عن المصلحين العظام، وتظهر أوروبا في هذه السردية بقوة عن طريق البعثات التعليمية إلى فرنسا وأجزاء أخري من أوروبا والتي عادت لتنشر ما تعلمته بالخارج وتنوير العامة، وقصصًا عن المصلحين التنويريين، والحكام وعائلاتهم."
وأضاف أنه يقدر كل هذه المادة التاريخية، ولكنه أراد فهم كيف تقبل الناس هذه الإجراءات الجديدة وبدأ في التفكير في أن الطب سيمكنه من فهم هذا أكثر من أي مجال آخر، لأن الطب علم حديث في جوهره وبطبيعته يلمس الناس بشكل حرفي.
في ذلك الوقت تغيرت الحياة في القاهرة بالضبط كما تغيرت لندن وباريس عبر الإصلاحات الصحية الجديدة، والتطعيم ضد الجدري، وأخذ تعداد السكان وإنشاء المستشفيات الجديدة وهي كلها إجراءات كان من الصعب على المواطن العادي أن يتفاداها. وتوجد لدينا الرواية الرسمية حول كيف تفاعل الناس مع هذه الإجراءات من الأطباء وأغلبهم أوربيون ومنهم مصريون، ومن أنفقوا على هذه المستشفيات الجديدة وترسم هذه السردية صورة سيئة للعامة إذا كانوا عادة ما يظهرون علي أنهم جهلاء أو متخلفون أو غارقون في خرافاتهم وإما مرضى جاحدون لما تلقوه من علاج رائع فأردت أن أمنح هؤلاء الناس الفرصة للرد، ومن هنا وصلت إلي كتابي هذا."
أطلقت الجائزة في عام 2016 ومنحت لأول مرة في 2018، وتمنح الجائزة بناءً علي قرار من لجنة التحكيم التي تختار أفضل عمل أصلي مكتوب باللغة الإنجليزية لباحث مقيم في المملكة المتحدة وأن يكون الكتاب، هو ثاني كتاب له في مجال التاريخ، ويتم ترشيح الكتب للجائزة عن طريق الناشرين.
وفازت بالجائزة في 2019 المؤرخة هانا باركر عن كتابها "العائلة والعمل خلال الثورة الصناعية، والصادر عن جامعة أكسفورد في 2017، وحل ثانيًا سابين لي، عن كتابها "أطفال مولودون في الحروب في القرن العشرين، والصادر عن جامعة مانشستر في 2017.
أما في 2018 أول سنة تمنح فيها الجائزة فحصلت عليها شاشا هادلي عن كتابها "النوم في بدايات بريطانيا الحديثة" الصادر عن جامعة يال في 2016، وحل ثانيًا في العام نفسه جون ستوبارت ومارك روثيري عن كتابهما "الاستهلاك وبيوت الأرستقراطيين الريفية"، والصادر عن جامعة أكسفورد عام 2016.