Close ad
7-6-2020 | 16:18

قصص سيدنا موسى عليه السلام وبني إسرائيل بوجه عام ذكرت مئات المرات في الكتب المقدسة، وليس هنا مكان حصرها، ولكن سوف اكتفي بذكر هذه الأرقام للدلالة على مكانة مصر في الأديان؛ حيث ذكرت كلمات مصر ومصري ومصريين في الكتب السماوية الثلاث 698؛ منها 465 كلمة مصر و112 كلمة مصري، ومنها 670 مرة في العهد القديم وذكرت مصر صراحة في القرآن الكريم خمس مرات، ونحو عشرين مرة أو أكثر بشكل ضمني مثل عند الحديث عن فرعون.

ومن هنا هناك مئات المرات في التوراة تتحدث عن مصر وننهي هذا الحديث بمقولة إن مصر خزائن الأرض فمن أرادها بسوء كبه الله على وجهه يوم القيامة، وفى موضع آخر ما يريدها أحد بسوء إلا هلكه الله، وتضيف بعض المقولات المنتشرة أن اسم مصر يرجع إلى مصرايم ابن حام ابن سيدنا نوح عليه السلام؛ وأن سيدنا نوح عليه السلام قال لحفيده اسكن هذه الأرض مصر فهذه هي الأرض المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد والتي بها أفضل أنهار الدنيا وخزائن الأرض والقرآن الكريم، قال ادخلوها بسلام آمنين فصفة الأمن والسلام وخزائن الأرض مشتركة وسمة خاصة لمصر تحديدا.

كما كانت للمسيح عليه السلام وأمه مريم مكانا آمنا؛ حيث ورد في الإنجيل أن ملاك الرب قد ظهر ليوسف في الحلم قائلا قم وخد الصبي (المسيح عليه السلام) واهرب به إلى مصر إنجيل متى.

وفى موضع آخر مبارك شعب مصر سفر أشعياء 19، وتقدر فترة إقامة ستنا مريم والمسيح عليهما السلام بمصر بسبع سنوات؛ ولذلك يفسر العالم جلال الدين السيوطي قوله سبحانه وتعالى في القرآن:

(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) المؤمنون 50 إن هذه الربوة هي أرض مرتفعة سهلة مزروعة ومعين يعني الماء الجاري هي أرض مصر، ويتفق بعض العلماء على أنها مصر.

والخلاصة أرض مصر اختصها المولى الكريم بكثير من كرمه ونعمه بشكل لم يتوافر لأي أرض أو مكان آخر؛ حيث خص القرآن الكريم أرض مصر بالعديد من آيات التكريم؛ حيث يقول الله سبحانه وتعالى (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) الزخرف 51 أي أن مصر بلاد خير تجرى من تحتها الأنهار، وقال المولى الكريم عن أرض مصر (فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) وإنها أرض نعيم والخروج منها نقمة، وفي هذا يقول المولى الكريم (أَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٥٧ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ) الشعراء 56 وفي سورة الدخان يقول المولى الكريم (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ) 25-27

وفى هذا يقول السيوطي لا يوجد بلد في الأرض أثنى الله عليها في القرآن مثل مصر، ويتفق في هذا الرأي مع الكندي، فمصر وصفها المولى الكريم بأرض الخير والعطاء والأمن والأمان وبالأرض المقدسة ونادى الله تعالى فيها سيدنا:  (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) وهي التي تجلى فيها المولى الكريم وتحدث فيها، وهي ملاذ ومأوى للأنبياء.

وفي مصر شجرة الزيتون التي باركها الله وضرب بها لنوره الأمثال (للَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) النور 35.

أين تكون هذه الشجرة المباركة الإجابة في قوله تعالى (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) التين1و2، ويقول المولى الكريم: (أَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) المؤمنون 18-20 كما ذكر عن أرض مصر تمتعها بالكثير من الخيرات من بقول وفول وعدس وبصل وقثاء وثوم وخلافه، بجانب نيلها وعيون الماء ونتذكر هنا عيون موسى في سيناء وغير ذلك والآبار وكنوز الدنيا المتنوعة، كما جاء في القرآن الكريم بجانب مصادر الثروة المعدنية وغاز وبترول وخلافه.. ومنها خير جند الأرض.

الخلاصة مصر وحدها دون سائر بلدان الدنيا خصها الله سبحانه وتعالى بنعم كثيرة روحانية ومادية معا فهي الأرض الوحيدة التي كلم فيها سيدنا موسى وخصها مع مكة بالأمن والأمان، ثم أعطاها خزائن وكنوز الأرض وكثير من خيراتها ومن يعيش فيها ينعم بالخيرات والأمان ومن يخرج منها خاسر، وهى في رعاية رب العالمين بإجماع كل الكتب السماوية فاطمئنوا يا أهل مصر وانهضوا لرفعة هذا البلد الأمين لمكانته المقدسة منذ فجر لتاريخ، فهذا البلد صنع وصدر التاريخ والحضارة للعالم أجمع والله المعين!!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة