ألقت جائحة فيروس كورونا المستجد، بظلالها على مظاهر عيد الفطر المبارك في محافظة قنا بصعيد مصر، فلأول مرة تظهر الكمامة الطبية مع ارتداء جلباب العيد، ذلك الجلباب الذي كان يتم إعداده قبل دخول العيد بمدة شهر، ولأول مرة منذ وباء الطاعون الذي ضرب الصعيد منذ 220 سنة لا يصدح المسجد العمري بقوص الذي يضم أقدم منبر في العالم الإسلامي بتكبيرات العيد.
موضوعات مقترحة
في وباء الطاعون القديم الذي ضرب الصعيد عام 1801م ، في شهر شعبان وامتد لعدة شهور هجرية لما بعد عيد الفطر المبارك توقفت الشعائر الدينية وأغلقت المساجد وأدى الطاعون لموت ستمائة شخص يوميا، واشتغال الناس ممن بقي منهم حيا بالمشي في الجنائز والسهر في الشوارع بأسيوط، فيما امتد الوباء الذي استمر لما بعد عيد الفطر المبارك لمدن جرجا وقنا وأدى لإصابة 1500 شخص، في وباء وصفه المؤرخون بالعنيف والشرس لكثرة ضحاياه.
الشاب محمد يسير في الشوارع يرتدي مثل أبناء جيله الجلباب "تفصيل سكة حديد" أحدث موضات الجلباب في الصعيد، ويكون أكثر احترازاً من وباء كورونا ويرتدي الكمامة الطبية لأول مرة، حسب الإرشادات الصحية التي أكدت فاعلية الكمامة الطبية في محاصرة الوباء.
ويقول الباحث التاريخي والصحفي محمد عبداللطيف سرحان في تصريح لــ"بوابة الأهرام"، إنه لأول مرة في الصعيد يتم ارتداء الكمامة على جلباب العيد، مؤكداً أن الصعيد عانى من الأوبئة القديمة ورغم ذلك لم تظهر السجلات التاريخية القديمة ارتداء الكمامة على جلباب العيد، مثلما حدث في جائحة كورونا والتي تقلق دول العالم حاليا، حيث لم تكن الكمامة ظهرت فاعليتها وأهميتها في الأوبئة القديمة مثل قانون الحظر المنزلي.
وأعلن أشرف الداودي محافظ قنا، عن بدء بيع الكمامات في منافذ بيع السلع التابعة للمحافظة والوحدات المحلية للمدن والقرى قبل عيد الفطر بعدة أيام، مؤكداً في بيان إعلامي، أن الكمامات المتوفرة بجميع المنافذ بسعر التكلفة وهو ٢.٢٥ جنيه، كمبادرة من المحافظة لدعم المواطنين والتيسير عليهم فى الحصول على الكمامة بسعر مخفض لاسيما وأننا مُقبلون على مرحلة تقتضى مننا جميعا الالتزام بقرارات الدولة الخاصة بارتداء الكمامات فى المواصلات العامة وفي المؤسسات الحكومية للحفاظ على سلامتنا والحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
كانت مدينة قوص هي العاصمة الثانية لمصر في عهد الفاطمي، وهي من أقدم المدن في مصر سواء في العصر الفرعوني القديم أو ما بعده، كما أنها تضم أقدم منبر في العالم الإسلامي في المسجد العمري، حيث أعلنت زارة الأوقاف، استمرار غلق المساجد وتعليق صلاة الجمع والجماعات والعيد وإذاعة بث مباشر لصلاة العيد من مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها وأرضاها بحضور ٢٠ مصليا فقط، كإجراء احترازي ضد انتشار فيروس كورونا المستجد.
ويضيف الباحث التاريخي سرحان أن في أوبئة الكوليرا القديمة التي ضربت الصعيد لم تتوقف صلاة العيد فيها بسبب قدوم الكوليرا في مواسم الحج بعد عيد الأضحي خلاف كورونا، مؤكداً أن عدداً من المؤرخين ومن بينهم المقريزي رصد الكوارث الطبيعية التي ضربت مدينة قوص في العصر المملوكي منها تدمير العواصف الترابية للنخيل في قوص وتدمير أخميم، وهطول أمطار عنيفة في شهر رمضان أدت لاحمرار السماء وشيوع الفزع والخوف لدى المواطنين
ويحمل المسجد العمري بقوص العديد من القيم التاريخية والأثرية والمعمارية والجمالية والدينية والاجتماعية، ويعد أحد أكبر المساجد الأثرية الموجودة بالصعيد من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحته 4000 متر مربع.
ويعتبر منبر المسجد العمري على جانب كبير من الأهمية إذ أنه يعتبر من أقدم منابر مصر المؤرخة، وهو مصنوع من الخشب الساج الهندي المحفور حفرا بارزا والمزخرف بالحشوات المجمعة التي بدأت تظهر في أواخر العصر الفاطمي في القرن السادس الهجري ولا يوجد له مثيل إلا منبر سانت كاترين.
وأكد محمد عبداللطيف سرحان، أن مدينة قوص كانت تضاهي كبريات مدن العالم بغداد والقاهرة وقرطبة ووظيفة المسجد في وقت بنائـه كان جامعا ومسجدا، لذلك أطلق عليه أزهر الصعيد بل إن طلاب الأزهر لم يرحلوا من تحت أعمدته إلا بعد بناء المعاهد الدينية وانتشارها في محافظات الصعيد فى سبعينيـات القرن الماضي، مؤكدا أنه فى العصر الفاطمى تتداعى بناء الجامع العمرى فقام بتجديده أمير المؤمنين الفائز بنصر الله وأقام فيه منبرا وفى العصر المملوكى أُطلق عليه مسجد جامع قوص، حيث كانت قوص فى ذلك العصر ملتقى التجار من الشرق العربى، من بلاد الحجاز وإفريقيا واستمر المسجد في وظيفته حتى تم ترميمه من قبل وزارة الآثار في ثمانينات القرن الماضي على نظامه القديم.
منبر