أمس مضى عشناه بما له وما عليه.. ويوم نعيشه ولن يدوم.. والغد لا نعلم كيف سيكون، ولكن علينا أن نعمل وليس علينا إدراك النجاح لأنه فى علم الله وحده، هذه هى فلسفة الحياة التى نحياها.
وبعد هذه الضجة التى هزت العالم كبيره وصغيره إثر تفشى فيروس كوفيد 19 اللعين، مازال البعض مرتبكا دون جدوى، رغم أن الحقيقة واضحة، فقد تعرضنا للمراحل المفروضة عالميا من حظر جزئى لعزل منزلى لتخفيض العمالة فى المؤسسات والهيئات والشركات ثم احتضر الاقتصاد العالمى، وبالتأكيد أكثر الدول تضررا هى دول العالم الثالث.
لهذا كان لزاما على الحكومات أن تمهد الطرق للمواطنين حتى ترجع الحياة الى وضعها الطبيعى كـ «الأمس» الذى عشناه، بعد العيد إن شاء المولى عزوجل، ولكن بشروط جديدة للحياة تفرض علينا مسافات مكانية وليست إنسانية، فضلا عن ارتداء كمامة «وكأن الكمامة عليك هى المكتوب يا ولدى» وطبعا استخدام أدوات النظافة الشخصية والمطهرات، ولو تريثنا قليلا سنجد أن الحياة الطبيعية كانت ينبغى أن تعاش بهذه الشروط ولكننا تناسيناها وتغافلنا عنها وسط زهو الحياة وزحامها.
أعلم أن الفم امتلأ بالمرارات فى هذه الفترة العصيبة ولكن هذه هى الحياة، ولا نملك إلا أن نتعايش ونتكيف عن رضا كامل؛ بل وبمحبة فالأوبئة اجتاحت العالم كثيرا فى سنوات عدة، ولم يكن التطور العلمى والطبى والتكنولوجى على نفس المستوى آنذاك، والصبار رغم مرارته وخشونته وأشواكه إلا أن فوائده لا تعد ولا تحصى فليس كل مر قاتلا، فلابد أن نحب ما نعمل لتطيب لنا الحياة طالت أو قصرت، وتأكد أنك حين تتوقف عن المساهمة فى الحياة فأنت تحتضر.
وقال الإمام الحسن البصرى عن الدنيا: الدنيا أحلام نوم أو كظل، زائل وإن اللبيب بمثلها لا يخدع.
وقال الفنان الراحل يوسف بك وهبى «ما الدنيا إلا مسرح كبير» والحقيقة أننا جميعا على خشبة المسرح دون متفرجين، ويبقى السبيل الوحيد للخروج من هذا الحدث الجلل أن نتعلم محبة الله وليس الخوف منه، فأنت حين تحب تبذل قصارى جهدك لترضي من تحب دون أن تشعر بأعباء أو ضجر أما حين تبذل كل جهودك خوفا فسوف تخور قواك دون أن تصل لحالة الرضا وهى حالة لو تعلمون عظيمة.
فمحبة الله تزيد من يقينك وهذا اليقين يقيك من كل الوساوس والشرور مهما تكالبت عليك، وأذكركم ونفسى بإعادة ترتيب أوراقنا، فمن سيكتب له الله الخروج من هذه الأزمة سليما دون أن يستفيد من هذه الدروس الربانية والحياتية وكأنه بلا فؤاد ومنزوع البصيرة وربما ميت إكلينيكيا!!
ويبقى العمل عبادة حتى فى أحلك الظروف، فقد دقت ساعات العمل - وربما أوشكت - وعلينا أن نمتثل جميعا لأسلوب الحياة الجديد فى محاولة لتعزيز ثقافتنا الخاملة حتى تواكب العصر الراهن..
وكل عام والأمة الإسلامية بكل خير بمناسبة عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا باليمن والبركات.
نقلا عن صحيفة الأهرام