Close ad
16-5-2020 | 13:06

الفساد هنا، فى حالة العمارات المخالِفة التى تكاد تتلاصق مع أحد كبارى المشروع الضخم، محور ترعة الزمر، ليس مجرد فكرة مطروحة للمجادلة، ولا هو حديث عن عالم افتراضى، وإنما هو تجسيد بالتفصيل لكيف تقع جرائم مدمرة فى بر مصر، والتى يستهين به بعض هواة استنزاف الرأى العام الذين لا يكترثون بإعاقتهم التوصل لاتفاق عام، بمثل حجة أن المتورطين فيه لا يحققون الأرباح الفلكية التى يحققها كبار الفاسدين! فى حين أن الفساد الصغير لا يقل خطورة، لعدة أسباب، منها أنه أكثر انتشاراً فى طول البلاد وعرضها، ومنها أن كثيراً من نتائجه يصعب تغييرها بعد أن تُشَكِّل أمراً واقعاً مُجَسَّداً، وبعد أن تتكون حقوق قانونية أو اعتبارية لأطراف أخرى، مثل سكان هذه العمارات المخالِفة فى هذه الحالة.

وأما الأخطر فهو أن اقتراف هذا النوع من الفساد يجرى ببساطة، من كل الأطراف المتعاملة معه، وبشكل يومى، ثم إنهم يجدون من يشتت الجهود الرامية للإصلاح، بالدفاع عنهم بأنهم (غلابة)، وبأنهم مضطرون لهذه الجرائم فى ظل الحياة الصعبة، كما أن هناك دائماً أصواتاً زاعقة على استعداد لإغماض العين عن الفساد الصغير، بزعم أنه يجب القضاء أولاً على الفساد الكبير، ويعجز هؤلاء عن رؤية القرابة بين الاثنين!

لذلك، ينبغى ألا تتبدد فرصة اكتشاف هذه الأخطاء الجسيمة فى محور ترعة الزمر، بل يجب أن تكون بداية للتدقيق فيها وحصر كل أسبابها، وكل أطرافها، وآليات تمريرها، والنتائج المترتبة عليها، ثم اقتراح التوصيات التى تستهدف وضع قواعد إجرائية تدرأ الأسباب وطرح فرض عقوبات رادعة على المخالفين..إلخ.

لاحِظ أن الحل الجذرى، حتى فى حدود هذه الواقعة، لا يتحقق بمجرد إزالة العمارات التى أثارت ضجة طوال الأيام الماضية، لأن هناك مبانى أخرى كانت السبب فى تضييق التصميم الأساسى لمسار الكوبرى، بما سوف يترتب عليه اختناقات مرورية مؤكدة بعد التشغيل، بما يقلل من الجدوى العملية للإنجاز! وهذه أيضاً من التبعات الخطيرة للفساد الذى يقترفه بعض الموظفين بإصدارهم تراخيص تتهاون فى الشروط القانونية المنصوص عليها!

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
الأكثر قراءة