لا تُصدِّق أى أكاذيب للإخوان عن أنهم يؤمنون بالحريات العامة والخاصة، وعن أنهم ضحايا أعداء الحرية. وتَذَكَّر لهم الظروف التى يحلم بها أى مدافع عن الحريات عندما يصل إلى قمة السلطة ويصير بإمكانه أن يحقق أحلامه له ولغيره، بعد أن تزول من أمامه الصعاب التى كان يشكو منها، وبعد أن يصير فى صلاحياته تسيير ممكنات أجهزة الدولة. أما هم، فما أن تمكنوا من السلطة فى العام الكئيب الذى حكموا فيه، حتى وفروا بأنفسهم كل الأدلة الدامغة ضدهم، ليس فقط على أنهم مدعون للانتماء إلى دعاة الحرية، بل على أنهم من أكبر عراقيلها، بل إنهم من أعدائها، بل إنهم خطر عليها!
وللأسف، فإن معظم النقد المُوَجَّه للإخوان يكاد يقتصر على أخطارهم فى عدائهم المتجذر للديمقراطية، بتدميرهم لمبدأ المنافسة السياسية، وفى تخطيطهم للاستيلاء على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وفى سعيهم للسيطرة على القضاء، وهيمنتهم على قواعد الحكم المحلي، وفى فرضهم الوصاية على إبداعات الأدب والفن، وفى إخلائهم للمشهد العام من غيرهم، وفى ضلوعهم فى جرائم العدوان على قواعد الجيش ومراكز الشرطة، وقتلهم للجنود..إلخ. لأن هناك أخطاراً أخرى تمسّ عموم المواطنين الذين لا يدخلون مباشرة كأطراف فى الصراع السياسي، وهو ما تجلى فى انفضاح نواياهم عن السعى لفرض سيطرتهم على الحياة الخاصة للمواطنين العاديين داخل البيوت، بما يرجع بأوضاع المجتمع إلى العصور البدائية، وإلى أسوأ فترات الحكم الديني، من أى دين فى أى عصر، باقتحام خصوصية الناس وامتهان كرامتهم وتشويه سمعتهم، وإمكانية أن يجرى تلفيق التهمة، وتسليمهم للرعاع ليفعلوا بهم أخسّ الأفعال! وقد انفضحت أفكارهم المتخلفة عندما حذَّر واحد منهم المواطن المصرى على التليفزيون بأشد وأقبح الألفاظ، بقوله: (إوعى تكون فاكر ياحبيبى إنك حر فى بيتك؟! لأ، إحنا هانطبّ عليك فى بيتك ونعلِّمك الأدب)!!
لا ينبغى أن يُنسى هذا الكلام المخيف، بل ينبغى أن نتذكره دائماً وأن نستعيد هذه اللقطة كثيراً على الشاشات التى تعيد تذكير الناس ببث تهديدات الإخوان بحرق البلد وبتفجير السيارات وبالعمليات الانتحارية.
نقلا عن صحيفة الأهرام