Close ad

بين "الزعيم".. و"حروب الهوانم"

5-5-2020 | 13:32

وسط حصار " كرونا" الإجبارى لأصحاب مهنة البحث عن المتاعب أمثالي، وجدت نفسي مقسماً بين قراءة القرآن الكريم ، الذي أتعلم منه يوميا ودائما كل جديد، فالقراءة والتطواف بين كلماته مدرسة علم ومعرفة تقصر إلى جوارها أعتى وأعظم جامعات العالم ووجدت وقتا للمشاهدة ومتابعة الشاشة؛ حيث الغث والسمين، والتنقل بين ضفاف المكتبات وما تصدره من كتب، كالمسلسلات أحياناً، منها "المسلوق" وفيها المطبوخ بحرفية.

أبدأ بالمشاهدة؛ فبالرغم من أن كورونا ضربت معظم نواحى الحياة، إلا أن عالم الفن كان" محصناً" ضد هذا الفيروس، وإلا ما شاهدنا هذا العدد الكبير من المسلسلات، ومن بينها أتوقف عند "الزعيم" عادل إمام، الذى يمثل ظاهرة فنية جديرة بالبحث والدراسة، فهو لا يزال يأتى فى مقدمة النجوم المتصدرين السباق الرمضانى، دائم الحيوية والتجدد، نعم كبرت ملامحه، وهذا شيء طبيعى، ولكنه فنياً شاب كله حركة وحيوية، يملأ مكانه على الشاشة، كل لفتة من لفتاته، وكل حرف من حروفه محسوب بدقة، نعم يضحكنا ولكن بأدب وحياء، عكس ما نشاهده فى أعمال أخرى اعتمدت على "الشقلبة" والافتعال، والألفاظ الخادشة للحياء، هو بحق يقدم عملاً لا تخجل الأسرة كبيرها وصغيرها من الالتفاف حول الشاشة والاستمتاع به ومعه، وهو يؤكد فى كل مشهد أن الزعامة ليست بلطجة أو" فتح صدر"، وإنما أستاذية ومعلمة، واختيار فكرة تلمس مع الناس، ومقدرة على اختيار حبات عقد السبحة التى تكمل العمل وتزيد من روعته، فتجد نفسك تستمع إلى سيمفونية ضحك يعزف كل عازف فيها على الآلة التى يجيدها، فتنساب إلى القلب والوجدان أنغاماً شجية، كتب كلماتها وريث عائلة " قمر" أيمن بهجت قمر، وأشرف على عزفها وريث عائلة "إمام" رامي عادل إمام، بحق "فلانتينو" هو الزعيم.

** ومن المشاهدة إلى القراءة، ودائمًا أقول لطلابى "من قرأ كتب"، ولذلك عندما أبحث عن كتاب يشدنى إليه ميزات فى مؤلفه أولها أن يكون باحثاً ينقب عن الأفكار، وينبش تحت الأحجار، ليخرج لنا كل ما خفى عنا من أسرار.

وهذا ما وجدته ولمسته فى كتاب "حروب الهوانم" للكاتب الصحفي د. ياسر ثابت،المعروف بأنه باحث فى التاريخ وعاشق للوثائق، ومن هنا وجدت فى الكتاب قراءة موسعة في الأدوار المختلفة التي لعبتها المرأة في مصر عبر تاريخها الحديث، بدءًا من دور السيدة الأولى إلى المناضلة السياسية، فالسجينة، فقاتلات أزواجهن. كما يُلقي الكتاب الصادر عن دار أكتب، الضوء على تفاصيل تتعلق بالتطور التاريخي لأزياء المرأة المصرية وملابسها في مصر ودلالات ذلك وفق سياق المجتمع والتغيرات التي طرأت على ثقافته وتقاليده.

تطرق الكتاب أيضـًا إلى قضايا مسكوتٍ عنها، مثل عمليات تحويل الجنس، وقصص مهملة مثل حياة السجينات، وجرائمهن التي هزت الرأي العام، والثمن الذي تدفعه رائدات التحرر السياسي والاجتماعي في مجتمع ذكوري يجعل للتاريخ شاربـًا ولحية ويطرد المرأة من جنة المواقف الوطنية والحركات الاجتماعية.

وفي تاريخ مصر الحديث، عرفت البلاد 18 حاكمـًا لكنهم تزوجوا ما لا يقل عن 74 امرأة، فكان القرن الـ19 يشهد نكاح صاحب السُلطة لمثنى وثلاث ورباع، ولا بأس من أن يضيف لهن ما ملكت يمينه في عصر كانت تجارة الرقيق والجواري مباحة ومتاحة لمن يملك النفوذ.

وكما احتل محمد علي باشا المرتبة الأولى في سنوات الحُكم لنحو 43 عامـًا، كان الأول من بين الحكام في عدد زوجاته وما ملكت يمينه، حيث جمع منهن 29 وأنجب 30 ابنـًا منهم 17 ولدًا و13 بنتـًا.
وربما باستثناء الملكة ناريمان، فإن أغلب زوجات حكام مصر قبل ثورة يوليو 1952 كُن يحملن جنسيات أجنبية بجوار جنسياتهن المصرية، مثل "ماي" التي كانت مجرية أبـًا عن جد، والملكة نازلي ذات الأصول الفرنسية اليونانية، وإقبال هانم والسلطانة ملك من الأتراك.

ومن بين حكاوى النساء حكاية "عباسية أحمد فرغلي" أول سيدة مصرية تحصل على رخصة قيادة سيارة، تنحدر أصول عباسية من مدينة أبو تيج في صعيد مصر، وهي ابنة أحد أكبر التجار في جنوب الوادي، وشقيقة صغرى لملك القطن في مصر محمد باشا فرغلي.

في منتصف العقد الأول من القرن العشرين، انتقلت "عباسية" إلى محافظة الإسكندرية، لتلتحق بمدرسة الجيزويت الفرنسية الابتدائية، ثم التحقت بفيكتوريا كوليج، لتسافر منها إلى انجلترا، وينتهي بها المطاف إلى الاستقرار مع شقيقها لسنوات في فرنسا، وهناك حصلت على رخصة قيادة، بتاريخ 24 يوليو عام 1920، أي بعد أكثر من 20 سنة من استخراج أول سيدة في العالم لرخصة قيادة، وهي الدوقة أوزيس Uzès، عام 1898، أي بعد خمس سنوات من تاريخ استصدار رخص القيادة بشكل عام.

عباسية، التي أقامت في شارع الرصافة بالإسكندرية، حصلت من وزارة الداخلية المصرية على رخصة القيادة رقم 12703، في 25 يوليو 1929، لتكون أول سيدة مصرية تحصل على رخصة قيادة.

بدأت القصة حينما انبهرت الطفلة الصغيرة "عباسية"، بتلك الآلة التي يستخدمها والدها، في التنقل بين الحقول الخضراء، وكانت كلما خرج من المنزل تطلب منه أن يأخذها معه، لترى الحقول والناس السائرين على شط الترعة من نافذتها، ثم أفصحت عن ذلك الحُلم الذي راودها، بأن تقود بنفسها تلك الآلة، ليُعلِّمها شقيقها "محمد" فن قيادة السيارات.

تفاصيل كثيرة ممتعة يضمها الكتاب الجديد للمؤلف الذي قدم للمكتبة العربية نحو 80 مؤلفـًا تُعنى في معظمها بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، لعل أهمها: قصة الثروة في مصر، دين مصر، شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي، عشاق وشياطين: التاريخ الممنوع للسينما.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
بدون الخبير والأكاديمي سينهار إعلامنا!!

فى تطوير الدراسات الإعلامية تأتى المناهج أو المقررات الدراسية فى المقدمة، والمناهج مرتبطة بلوائح الدراسة فى كليات وأقسام الإعلام، وقد أجمعت آراء كبار أساتذة

إعلامنا والحاجة إلى فكر واع وإرادة فاعلة

مازلنا نسير على طريق البحث عن إعلام مصري حقيقى يسهم بفعالية في خطط التنمية. في إشارة إلى سلسلة مقالاتى عن الإعلام، قال د. أسامة الغزالى حرب: "على بوابة

كلمتي لوجه الله ومن أجل إعلام أفضل

من واقع خبرتي العلمية والعملية وجمعي بين العمل الإعلامي والعمل الأكاديمي أقول شهادتي لوجه الله سبحانه وتعالى، وسعيًا لمزيد من التطور والرقى للمهنة والرسالة

الخبراء يطالبون برؤية جديدة لكليات الإعلام

الخبراء يطالبون برؤية جديدة لكليات الإعلام

كليات وأقسام الإعلام تخرج أعدادا كبيرة غير مؤهلة

في الأسبوع الماضي بدأنا الحديث عن الخطوات التي يجب أن نسلكها ليكون عندنا إعلام مصري حقيقي يحقق طموحاتنا ويستعيد ريادتنا الإعلامية في المنطقة في ظل التحديات

نحو إعلام مصري حقيقي

كثيرا ما تحدثنا وتحدث الكثيرون عن أهمية الإعلام ودوره المحوري والهام فى بناء جسور الثقة المتبادلة بين الشعوب والحكومات، ودوره في عمليات التنمية وإحداث التغيير الاجتماعي والاقتصادي المنشود.

"أمل" الإمارات .. وجشع المستشفيات الخاصة

تعرضت الأسبوع الماضي لأزمة صحية مفاجئة تؤكد أهمية وضرورة رقابة وزارة الصحة المصرية على المستشفيات الخاصة، وأهمية أن يكون هناك جهة مسئولة عن تنفيذ توجيهات

حق وليست مِنة!!

في الوقت الذي كنا نتحدث فيه عن أهمية الإعلام الحقيقي والموضوعي في إقامة جسور الثقة بين الشعب وقيادته، وأهمية هذا الدور في جعل إنجازات تلك القيادة الرشيدة

الإعلام وجسور الثقة بين الشعب وقيادته

الإعلام الحقيقي والموضوعي هو الإعلام الذي يرى بعين الجماهير ويتحدث بلسانها، ويعبر عن طموحاتهم، ويجسد آمالهم وتطلعاتهم نحو المستقبل، وفى ذات الوقت الذى

ضرورات التعايش مع "كورونا"

بعد الاتجاه لعودة الحياة إلى طبيعتها، ليس في مصر وحدها وإنما في غالبية دول العالم بعد فترة الحظر والإجراءات الاحترازية إثر جائحة كورونا، أصبح من الضروري

عندما هدد ثروت أباظة بالاستقالة من "الأهرام"

خلال رحلة عملي في جريدة "الأهرام" التي بدأت عام 1976، تعلمت وعملت مع مجموعة من كبار المفكرين فى مصر، ورواد مهنة القلم، تأثرت بهم وتعلمت منهم خلال العديد

دراما الغابة!!

بعيداً عن مسلسل "الاختيار" الذى قدم لنا نموذج التضحية والفداء والعطاء لمصر، ممثلاً في بطولة العقيد أركان حرب "أحمد منسي"، وبعض المسلسلات الكوميدية والرومانسية