Close ad

يحيى الفخراني.. "مغامر" زهد في ادعاءات الشهرة الزائفة.. والمشاهد مشروعه الحقيقي | صور

7-4-2020 | 10:02
يحيى الفخراني مغامر زهد في ادعاءات الشهرة الزائفة والمشاهد مشروعه الحقيقي | صور يحيى الفخراني
سارة نعمة الله

مغامر لا يكترث بما حوله.. لم يسابق أحدًا سعيًا وراء الشهرة واكتساب نجومية زائفة حتى وإن كان سيحصد من ورائها المزيد من المكاسب.. رفع شعار الذكاء في اختيار أعماله وكان المواطن ذو الطبقة المتوسطة هو هدفه الأسمى فحصد جماهيرية ومحبة تزداد بتقدم العمر ومرور السنوات.

موضوعات مقترحة

يحيى الفخراني الذي يدخل عامه الجديد اليوم، ليستكمل رحلة جديدة من المتعة والعطاء الذي اعتاد أن يمنحه لجمهوره منذ انطلاقته على الشاشة وحتى من قبل ذلك منذ ذلك اليوم الذي قرأ فيه عن فرق التمثيل الجامعية خلال دراسته بكلية الطب، ليقرر حينها أن يكون الفن هو خيار حياته التي يعيش من أجلها ويسخر طاقته الإبداعية كاملة للكشف عما بداخله من موهبة تتجدد بمرور السنوات.
يحيى الفخرانى فى "ليالى الحلمية"


اختار النجم المخضرم أن يكون المشاهد هو مشروعه، وأن يلتحم معه لأجل فنه فقط لا من أجل شكله واهتمامه بمظهره، لذلك كان الفخراني على مدار حياته في أغلبها ممتلئ الجسم وغير مهندم الشعر حتى يجعل تركيز ووعي المشاهد مع الشخصية التي يقدمها وليس مع كاركتر وشكل من الممكن أن يتلاشى من ذهنه بمرور الزمن.
يحيى الفخرانى فى مسلسل "شيخ العرب همام"


واستكمل الفخراني رحلة متعة للمشاهد بالمنحنى التدريجي الذي بدأ به رحلته الفنية التي استهلها بتقديم الأدوار الكوميدية ومن قلب واحد من أصعب الفنون "المسرح"، بداية من المسرح الجامعي مرورًا بالعمل مع الراحل كرم مطاوع، والذي لعب فيها دور رجل عجوز بديلًا للفنان محمود المليجي، ونال إعجاب الجمهور حينها ليكرر التجربة ثانية مع المخرج المخضرم ويقدمان معًا مسرحية "حب وفركشة" بطولة صلاح السعدني، والتي كانت بداية التعارف الحقيقية بينه وبين الجمهور ليعمل بعدها مع أشهر الكوميدينات الراحلين مثل عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس.
يحيى الفخرانى فى فيلم "الكيف" مع محمود عبدالعزيز


ومن ذلك المنحنى التصاعدي يبدأ الفخراني رحلة الإبداع الحقيقية في "التقمص" وهي المرحلة الثانية في مشواره، والتقمص لدى الفخراني يعني إدارة الشخصية للحد الذي يجعله مصدّقًا وقريبًا ممن يشاهده، وهنا تأتي مهمة الاحترافية التي كلما زاد تقمص الفنان فيها لدوره شعر المشاهد أنه على طبيعته وفطرته.

تأتي المرحلة الثالثة في المنحنى التصاعدي للفنان مجسدة في "الاختيار"، وهو أمر شديد الصعوبة، خصوصًا وأنت تختار أن تكون نجمًا تليفزيونياً من الطراز الأول والرفيع وهو ما حدث في رحلة الفخراني، ففي الوقت الذي كان ينشغل به زملاء جيله بالعمل السينمائي اختار هو أن يكون نجمًا في منطقة أخرى أكثر جماهيرية "التليفزيون" لذلك حرص على أن يكون على قدر جرأة قراره في هذا الاختيار، وأن يحرص على انتقاء شخصيات غير نمطية أيضًا أو استهلالية لمجرد التواجد فقط على الساحة، وكان وعي الفخراني في هذا الأمر منذ أولى بطولاته المطلقة في التليفزيون "صيام صيام".
يحيى الفخرانى فى مسرحية "الملك لير"


وبرغم أن حلم البطولة المطلقة ينشغل به الصاعدون على الساحة دائمًا، إلا أن الأمر كان مختلفًا لدى الفخراني، والذي كاد أن يترك هذه الفرصة رغم كونه في احتياج لها، فخلال التحضير لمسلسل "صيام صيام" مع الراحل صالح مرسي نشب خلاف بين الطرفين بسبب عدم اقتناع الفنان بالحلقتين الأوليين، ورفض حينها استكمال العمل لكن مخرج العمل محمد فاضل صمم على أن يكون الفخراني هو بطل العمل، وبعد هدنة عاد بالفعل لتصوير العمل ونشبت بعدها صداقة بينه وبين مؤلفه.
يحيى الفخرانى فى مسلسل "حمادة عزو"


تعتبر مرحلة منتصف الثمانينيات وصولًا إلى التسعينيات من القرن المنصرم هي الوهج الحقيقي لدى الفنان، تلك الفترة التي توالت فيها نجاحاته وأفسحت المجال أمامه لاجتياز كثير من الاختبارات أمام جمهوره في تقديم شخصيات مركبة ودقيقة التفاصيل بدى فيها روحه ومجهوده في إضفاء هالة خاصة لها، بدأها بالملحمة الشهيرة "ليالي الحلمية" مرورًا بمسلسلات "الخروج من المأزق"، "لما التعلب فات"، "نصف ربيع الآخر"، "زيزينيا"، "أوبرا عايدة" تلك الأدوار التي حجز بها مساحته على الشاشة الرمضانية ليصبح نجم الدراما الأول بالتليفزيون بلا منازع.
مجموعة من الشخصيات التى قدمها يحيى الفخرانى


تزاوج المال بالسلطة

ومن هذه القاعدة يقفز المنحنى الفني لدى الفخراني ويصل لأوج ازدهاره وبريقه، تلك المرحلة التي استحق فيها لقب "الجوكر" وكأنه يختار اللعب بالورقة الرابحة، في تلك الفترة والتي تمثل العقد الأول من الألفية الجديدة نجح في المزج بين شخصيات الطبقة المتوسطة وغيرها من أهل القمة، بل إن المميز في رحلة هذا العقد تقديمه لأدوار تترجم الواقع الاجتماعي المتمثل في فكرة تزاوج رأس المال والسلطة.

ومن هذه الفكرة قدم الفخراني الكثير من الشخصيات ما بين الصاعدين إلى القمة والمتحولين إليها، وكان خير نموذج على تلك المسألة تحديدًا مسلسلي "سكة الهلالي" حيث الأستاذ الجامعي الذي تزغلل عينه حب المال رغم مناداته بالمبادئ في بداية الرحلة، أو هذا الموظف المتدين الذي انتهى به الحال إلى الرشوة، كما هو في مسلسل "شرف فتح الباب".

أما العقد الثاني من الألفية الجديدة فلا يوجد له لقب أو وصف يمكن إطلاقه على هذا الفنان، لكن يمكن أن نسميه بـ "الإبداع" الذي يجعله يقرر تقديم اثنين من أهم أدواره ترصد للصراع الإنساني الخاص بين العبد وخالقه، ففي "الخواجة عبدالقادر" نعيش رحلة ذلك الكاهل الأجنبي الزاهد في حياته الذي يتحول في لحظة تصوف إلى عاشق ومحب لمناجاة خالقه، ليعيش معه المشاهد في تجربة شديد القسوة على الصعيد النفسي عندما ينجح في تجسيد شخصية الشيطان "ونوس" ويجعل من الشر صراعًا لاستكمال رحلة أبطاله.

وبين هذا وذاك يخرج علينا النجم المخضرم برائعة شكسبير "الملك لير" التي لم يكتف بتقديمها على خشبة المسرح بل حولها إلى تجربة درامية مميزة كما هي في مسلسله "دهشة"، وهو ما يعد تحديا أكبر في رحلة الفنان مزج فيها بين الأداء المسرحي وأسلوب الدراما التليفزيونية باللهجة الصعيدية.

غامر الفخراني في رحلته السينمائية بإنتاج فيلمين "عودة مواطن" و"مبروك وبلبل"، وحينما أقدم على هذه الخطوة في مشروعه الأول كان بسبب أمنيته في كسب المال نظرًا لأجره الضعيف حينها، أما العمل الثاني فكانت شخصية "بلبل" هي فاتحة خير عليه، حصد من خلاله العديد من الجوائز والاهتمام والتقدير على الصعيد السينمائي الذي لم يحصد فيه هذا النجاح الذي قدمه بالتليفزيون.

الرحلة الفنية للفخراني والتي يتربع فيها الآن على القمة يمكن تلخيصها في أمرين، الأول وهو ثقافته التي تبدو في طريقة تفكيره ليس فقط لاختيار الشخصية بل طريقة تقديمه لها، بالإضافة إلى نجاحه في خلق حالة أداء خاصة تمزج بين دوافع الشخصية الداخلية ممزوجة بحركات جسدية تتغير من حالة إلى أخرى بين الحزن والفرح.

وليس هذا فقط بل إن الفخراني منذ ظهوره وحتى اللحظة الآنية ظل منشغلاً بمشروعه الفني والإبداعي لا يهمه الظهور الإعلامي كثيرًا، ولم يخرج للتعبير عن رأيه في أزمات مجتمعية معينة لكونه يرى أن أبلغ ما يعبر به ويتحدث به لجمهوره هو فنه الذي يعيش من أجله ويتنفس به.

يحيى الفخراني حالة فنية استثنائية لا يمكن الحديث عنها في تلك السطور، لكن المؤكد أن وجوده في الفن المصري يمثل علامة الجودة بوجود فنان أصيل استخدم طاقته وموهبته وتأملها لتكون منهل الإبداع والخبرة لأجيال خرجت وأخرى قادمة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: