** سيسجل التاريخ أن النجم الفرنسي جزائري الأصل زين الدين زيدان هو أفضل من قاد نادي ريال مدريد إلى تحقيق البطولات والألقاب خلال فترة قصيرة لم تتجاوز السنوات الأربع، إذ إنه خلال تلك الفترة القصيرة نوعًا ما نجح في تحقيق إنجاز لم يسبقه إليه أي مدرب آخر في تاريخ النادي الملكي، ألا وهو الفوز في جميع المباريات النهائية التي خاضها في البطولات المختلفة، حيث لعب منذ مجيئه في فترة ولايته الأولى، 9 نهائيات بطولات وفاز بها جميعًا..
وكان نهائي كأس السوبر الإسبانية الذي أقيم يوم 12 يناير الماضي في ملعب الجوهرة المشعة بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، بين ريال مدريد وجاره اللدود أتلتيكو مدريد هو النهائي التاسع الذي حسمه "زيزو" بالفوز، وهي مسيرة بلا أخطاء كما وصفتها مجلة فرانس فوتبول والتي كتبت عنوانًا تقول فيه: "زيدان.. 9 على 9" في إشارة إلى النهائيات التسعة التي أحرزها مع الميرينجي.
وإذا كان المدرب الإسباني الأسطورة ميجيل مونيوز هو من فاز بأكبر عدد من الألقاب والبطولات مع الريال عبر تاريخه الطويل (14 بطولة) إلا أنه لم يفز في كل المباريات النهائية التي خاضها خلال مسيرته الحافلة مع الميرينجي على امتداد 14 سنة، ومن أشهر المدربين الآخرين الذي جاءوا بعد زيدان في عدد البطولات والألقاب التي حصلوا عليها مع الريال، الإسباني لويس مولوني (8 بطولات) ومواطنه فينسينتي ديل بوسكي (7 بطولات)، والمعروف أن الإسباني بيب جوارديولا هو صاحب أكبر عدد من البطولات مع الغريم التقليدي برشلونة خلال فترة تدريبه له حيث فاز وقتها بـ 14 بطولة.
وبدأت قصة "زيزو" مع هذه السلسلة من الانتصارات المتتالية في المباريات النهائية للبطولات المختلفة، عام 2016 عندما فاز الملكي بأول بطولة تحت قيادته وهي دوري الأبطال الأوروبي "الشامبيونزليج" بعد أن تغلب على فريق أتلتيكو مدريد نفس منافسه الأخير في السوبر الإسبانى، وبنفس الطريقة وهي الفوز بركلات الترجيح 5/3 بعد أن كان الشوطان الأصليان والإضافيان قد انتهوا بالتعادل 1/1.
وفي نفس العام 2016، فاز زيدان بالنهائي الثاني له وكان في السوبر الإسباني إذ نجح في التغلب علي فريق أشبيلية 3/2 في الوقتين الإضافيين بعد أن انتهت المباراة بالتعادل، ولم ينته عام 2016، إلا وكان زيدان قد فاز في نهائي كأس العالم للأندية بعد تغلبه على فريق كاشيما الياباني 4/2 سجل منها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو ثلاثة أهداف "هاتريك".
وواصل زيزو إنجازه التاريخي مع الريال في عام 2017 عندما كرر الفوز مرة أخرى ببطولة دوري الأبطال "الشامبيونزليج" إذ أطاح بفريق يوفنتوس تورينو 4/1 في المباراة النهائية لهذه البطولة، وأعقبها في نفس العام بالفوز بكأس السوبر الأوروبي علي مانشستر يونايتد 2/1، وأيضًا الفوز على منافسه الأول برشلونة في مجموع مباراتي الذهاب والعودة في نهائي السوبر الإسباني 3/1 و2/صفر.
واختتم النجم الفرنسي الكبير ــ لاعبًا ومدربًا ــ عام 2017 بالفوز مرة أخرى بكأس العالم للأندية، بعد التغلب على فريق جريميو البرازيلي 1/صفر، وشهد عام 2018 فوز زيدان والميرينجي بدوري الأبطال "الشامبيونزليج" للمرة الثالثة على التوالي، بعد تغلبه على فريق ليفربول الإنجليزي 3/1، وهي المباراة التي أصيب فيها نجمنا المصري محمد صلاح إصابة متعمدة من سيرجيو راموس مدافع الريال، ليصل العدد إلى 8 نهائيات بـ8 بطولات، ثم أضاف البطولة التاسعة بالفوز على أتلتيكو مدريد في السوبر الإسباني الأخير بجدة بركلات الترجيح 4/1 بعد أن انتهت المباراة وشوطاها الإضافيان بالتعادل صفر/صفر.
الطريف أن زيدان خرج بعد يومين من الفوز بالسوبر الإسباني الذي أقيم في جدة بالمملكة العربية السعودية، بتصريحات قال فيها: إنه ربما يكون مدربًا محظوظًا بدرجة أو بأخرى، وهو تصريح لا يصدر إلا من مدرب واثق من نفسه ومن إمكاناته التي عرفناها جميعًا كلاعب، فلماذا نستكثر عليه ملكاته الرائعة كمدرب، وإذا كان التوفيق قد لازمه في أكثر من مناسبة، فليس من المعقول أن يقف الحظ معه طوال 9 نهائيات خاضها بتسع بطولات مختلفة، إذن هناك عمل دءوب وجهد متواصل من أجل الإجادة والتفوق، والأهم من ذلك إيمانه بفريقه الملكي الذي يمكنه تحقيق الفوز بمن حضر، ويكفي أنه لعب مباراة السوبر الإسباني الأخيرة ضد أتلتيكو مدريد، في غياب هدافه الأول كريم بنزيمة ونجم خط وسطه إيدن هازارد وجناحه الويلزي جاريث بيل، بل إنه بدأ اللقاء ــ ربما لأول مرة ــ بخمسة لاعبين في خط الوسط (توني كروس وكاسيميرو ومودريتش وإيسكو وفالفيردي) وجميعهم تم تكليفهم بأدوار دفاعية وأخرى هجومية، وأعطي حرية كبيرة لفالفيردي الذي كان نجم المباراة، وأيضًا لإيسكو فظهرت خطورة هذا الخماسي القادم من الخلف إلى الأمام، واكتفى برأس حربة صريح هو يوفيتش ولكنه لم يكن على المستوى المطلوب ولو كان بدأ اللقاء بماريانو دياز، ربما كان نجح في تسجيل أهداف خلال وقت المباراة الأصلي، لأن هذا الأخير سريع الحركة ويجيد التعامل مع الكرات العرضية العالية برأسه، ويقيني أنه لم يأخذ فرصته كاملة مع الريال، رغم أنه عندما لعب موسمًا في نادي ليون الفرنسي كإعارة تألق هناك وسجل الكثير من الأهداف.
..............................
** وبمناسبة السوبر الإسباني الذي أقيم في مدينة جدة السعودية، فقد شرفت بدعوة لحضوره من خلال رابطة النقاد الرياضيين المصرية برئاسة الأخ العزيز حسن خلف الله، وكنت شاهدًا على التنظيم الرائع من جانب هيئة الرياضة السعودية، وأيضًا من جانب الاتحاد الإسباني لكرة القدم، والذي تعاقد مع الجانب السعودي على إقامة هذه البطولة في المملكة خلال العامين المقبلين أيضًا، مقابل 120 مليون يورو للجانب الإسباني عن النسخ الثلاث. ومن المفارقات العجيبة في هذه البطولة التي أقيمت من أربعة فرق لأول مرة (أول وثاني الدوري وبطل الكأس والوصيف) أن بطل الدوري (برشلونة) وبطل الكأس (فالنسيا) لم يصعد أي منهما للمباراة النهائية!!، وإنما صعد إليها ثاني الدوري (أتلتيكو مدريد) وثالث الدوري (ريال مدريد) بدلًا من برشلونة وصيف بطل الكأس لأنه كان بطل الدوري أيضًا.. وكأن الحظ ابتسم للنادي الملكي مثلما يبتسم دومًا لمديره الفني الفرنسي زين الدين زيدان "المحظوظ" على حد تعبيره.