أيام كانت مبهرة في كل تفاصيلها، فقد انتابني الأمل والتفاؤل بمجرد وصولي إلى مدينة شرم الشيخ لحضور جلسات المنتدى العالمي الثالث للشباب الذي أقيم برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، شعور رائع أن تجلس بين نحو 5 آلاف شاب من 196 دولة حول العالم وهم يتناقشون ويتبادلون الأفكار، ومعهم يتواجد عدد من القادة والمسئولين الكبار والملهمين في مُختلَف المجالات، وبالإضافة للقضايا المهمة التي ركزت عليها جلسات المنتدى، فإن أكثر ما لفت انتباهي هو التجارب البشرية الرائعة التي تأملتها عن قرب.
وقد أعجبتني كثيرًا طريقة اختيار الملهمين من الشباب ليمنحوا ضيوف المنتدى الأمل والنموذج، بداية من جلوس "جون منوت"، طالب جنوب السودان "ضحية التنمر"، بجانب الرئيس في رسالة واضحة للعالم بأن مصر تفتح ذراعيها لكل العالم، كما شاهدنا "كاميليا" رائدة الأعمال البرازيلية في مجال العشوائيات، والتي تعتبر نموذجًا للتفكير خارج الصندوق، وكذلك "نيشال بانينو" الشاب الكونغولي الذي تعرض لتجربة صعبة في طفولته؛ بسبب الحرب الأهلية في بلاده، وأصبح اليوم من أهم المدافعين عن حقوق الأطفال في العالم، وأيضًا "حليمة أدن" أول عارضة أزياء سمراء ومسلمة محجبة تظهر على غلاف أشهر مجلات الموضة في العالم.
أما الشباب الذين قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بتكريمهم فهم ملهمون بالفعل، بداية من "جراتشي أناندن" التي أسست منظمة تعمل لصالح أطفال الشوارع لمنحهم فرصة جديدة من أجل حياة أفضل، و"دنيا زيد" التي تجولت حول العالم لمدة 7 سنوات لتعليم الأطفال من ضحايا الحروب كتابة القصص القصيرة، و"لُما عمرو" التي أنشأت منصة "ابني فلسطين" الهادفة لتمويل المشروعات الثقافية والإبداعية، وعالمة المصريات "نورا خضر" بطلة فيلم المسلة الذي استمتعنا بعرضه في افتتاح المنتدى، وأدهشني من المكرمين "جوشوا بيترورند"، وهو أصغر من التحق بجامعة أوكسفورد، وهو في السادسة من عمره، برغم إصابته بالتوحد.
وتأثرت كثيرًا وأنا أتابع تكريم الرئيس لـ"جيسيكا كوكس"، وهي مثال حي للإرادة والمثابرة، فقد ولدت بدون ذراعين، إلا أنها رفضت أن تعيقها أي إعاقة جسدية من تحقيق أحلامها لتصبح أول قائد طيران في العالم بدون ذراعين.
وكان مشهدًا رائعًا عندما قام الرئيس عقب تكريمها، وفي لفتة إنسانية ليست غريبة عليه، بالنزول من على المنصة وإيصالها إلى مكانها، كما شعرت بامتنان كبير وأنا أشاهد الرئيس السيسي يلقي كلمة الختام وتوصيات المنتدى، وإلى جواره الطفل زين يوسف، الذي استطاع أن يقهر مرض السرطان بكل إصرار وعزيمة.
أيضًا من الملاحظات التي أثارت إعجابي كثيرًا في المنتدى النشاط الكبير الذي بذله الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، فالرجل مع مشاركته في فعاليات المنتدى، لم يفوت الفرصة لدقيقة واحدة، وواصل كذلك أنشطته الوزارية ليؤكد جدارته بثقة القيادة السياسية في استمراره بمنصبه في التعديل الوزاري الأخير، فقبل انطلاق المنتدى تواجد في شرم الشيخ وحضر نهائي كأس العالم للبلياردو، ومع انطلاق المنتدى التقى بوفد مركز الشباب العربي بالإمارات وتفقد منصة حاضنة الأعمال "WYFLABS"، وجناح مبادرة "حرفتك مشروعك" التي مثلت وزارة الشباب في المنتدى، كما قابل وفد شركة Google بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا المشارك بالمنتدى.
وفي نهاية شهادتي على أيام المنتدى أؤكد بأن السطور لم تكف للحديث عن أيقونات كثيرة منحت المنتدى هذا العام نجاحًا فاق أي توقعات، تفاصيل كثيرة تستحق أن نتكلم عنها التنظيم المتميز وفعاليات المنتدى الذي جاء في ٩٠ ساعة عمل تضمنت ٢٠ جلسة و١٢ ورشة عمل بمشاركة ١٥٠ متحدثًا من جنسيات مختلفة، وكذلك "ماراثون السلام" الذي شارك فيه الرئيس والنصب التذكاري للأعمدة السبعة للهوية المصرية، وافتتاح مسرح شباب العالم وتجربة المخرج المبدع خالد جلال في مسرحية المحاكمة، وحكاية الطفل الأسترالي "يوما سوريانتو" الذي تحدث أمام الرئيس في جلسة الذكاء الاصطناعي، و"الروبوت صوفيا" ذات الملامح البشرية، وهي الأكثر تطورًا في مجال الذكاء الاصطناعي، والشابة الأردنية "آيات خليل" وهي واحدة من أفضل 30 سيدة بمجال العلوم والهندسة، ونجم الراب العالمي "بانكي دبليو"، الذي تحدث عن دور الفنون في التعامل مع القضايا الإنسانية.
حكايات إنسانية كثيرة عشتها في شرم الشيخ وخرجت منها مع توصيات المنتدى –الختامية- بخلاصة واحدة وهي أن: مثل هذه الفعاليات هي أكبر دعاية عالمية عن قوة مصر الناعمة، ومدى اهتمام ورعاية قيادتها السياسية للشباب، كما أن مصر أصبحت حاضنة لشباب العالم الذين يملكون الحلم والإرادة والتصميم على إحداث تغيير حقيقي في عالمهم، وهؤلاء الشباب بمجرد عودتهم لبلادهم يصبحون سفراء لمصر في كل أنحاء العالم.
كاتب المقال:
رئيس تحرير مجلة الشباب