أكد الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي أنه توصل إلى لون جديد من ألوان الاقتصاد" وهو اللون الأصفر" ويعتبر من أفضل وأهم الألوان التي سوف تؤثر بشكل كبير على العالم خلال الفترة القادمة، حيث سعى علماء الاقتصاد إلى تصنيف الاقتصاد إلى ألوان فظهر لنا خلال الأعوام الماضية سبع ألوان تجسدت في "الرمادي، الأسود، الأحمر، الأبيض، البني، الأخضر، والأزرق"، تتعدد معها القضايا والمبادئ – فيما أظهر لنا "شوقي" خلال العام الماضي لونين آخرين وهما: الفضي، والبنفسجي.
موضوعات مقترحة
لعل من أوائل الألوان التي استخدمت لوصف الاقتصاد هو الأسود، ومع أن الأسود، وهو يشير إلى الاقتصاد الذي يتداول تحت الأرض، أو خلف أعين الحكومات ورقابتها وتشريعاتها، أما الاقتصاد الأبيض، فهو مصطلح حديث كان أول من استخدمه الاقتصادي البريطاني «دوغلاس ماك ويليامز»، في كتاب «الاقتصاد الأبيض المستوي، وكيف نقل لندن ومدناً أخرى إلى المستقبل»، أما الاقتصاد الأخضر وهو يشير إلى حسابات الدخل القومي الصافية بعد اقتطاع نسبة الأرقام مقابل الإهلاك الذي يجري في الموارد الطبيعية للدولة بسبب العمليات الإنتاجية والاستهلاكية فيها، فقد ظهر مصطلح الاقتصاد الأزرق، ويشير هذا الاقتصاد إلى ضرورة الاستفادة من كل مخلفات الإنتاج والاستهلاك، أما الاقتصاد البني" وهو الذي يشير إلى الصناعات القذرة، والتي تحدث فساداً كبيراً في البيئة، أما الاقتصاد الرمادي، فهو يشير إلى الاقتصاد غير الرسمي، وهذا ليس بالضرورة اقتصاداً غير مشروع، ولكنه يعمل خارج اطر الضريبة وقوانين العمل بعلم الحكومة أو بعدم علمها، أما الاقتصاد الأحمر، فهو اصطلاح كان يشير إلى الاقتصاديات المركزية، ذات الصبغة الشيوعية، حيث تسيطر الحكومة على معظم وسائل الإنتاج والتوزيع، وهذا الاقتصاد فقد كثيراً من وزنه بعد سقوط الشيوعية في روسيا والصين.
وأوضح شوقي، في حوار لـ" بوابة الأهرام" تفاصيل لون الاقتصاد الجديد وهو اللون " الأصفر". والي نص الحوار :
ما هو الاقتصاد الأصفر؟
يمكن تعريف " الاقتصاد الأصفر " بأنه ( الاقتصاد الذي يهتم بدراسة الطاقة الشمسية وكيفية الاستفادة منها لتحقيق التنمية المستدامة ) لكونها تمثل ” المصدر الرئيسي لمعظم مصادر الطاقة ”، كما أنها مصدر مجاني وغير محدود للطاقة علاوةً على أنها طاقة مأمونة المصدر ويمكن وصولها إلى المناطق النائية التي لايمكن لأي مصدر آخر من مصادر الطاقة الأخرى الوصول إليه .
ولا يمكن احتكارها والسيطرة عليها كالوقود الأحفوري وعدم مساهمتها بأي شكل من الأشكال في حدوث التلوث البيئي ، وذلك بهدف الحفاظ على حق الأجيال الحالية والقادمة في مجالات الطاقة غير المتجددة كالفحم ، والبترول ، والغاز الطبيعي ، وجعل فترة الاستفادة من هذه الثروات طويلة الأمد وبطريقة مستدامة.
ما هي أهمية الاقتصاد الأصفر؟
تتميز الطاقة الشمسية بخصائص عديدة تجعلها الأفضل مقارنة بجميع أنواع الطاقة الأخرى فهي طاقة نظيفة وغير ملوثة للبيئة، بخلاف مصادر الطاقة الأخرى التي تحدث انبعاثات ملوثة للبيئة، هذا بالإضافة إلى أنها تعتبر مصدرًا مجانيًا للحصول على الطاقة التي لاتنضب. وللشمس أثر كبير في تكوين مصادر الطاقة المتجددة على سطح الأرض، حيث تسهم إسهامًا أساسيًا في عملية التمثيل الكلوروفيللي الذي ينتج عنه تكوين وتخزين السكر في النبات، ومن ثمً دخولها في تكوين جميع النواتج الزراعية والتي تمد البشر بالطاقة والغذاء اللازمين لحياتهم، وكذلك تكوين جميع النموات الخضراء والحدائق والغابات التي تقوم عليها صناعات عديدة .
كما أنها تشكل أهم مصدر للطاقة الحرارية والتي يتم تحويلها إلى طاقه كهربائية فيمكن اللجوء إلى الطاقة الشمسية في محطات توليد الكهرباء ليتم استخدامها في الحصول على بخار ماء يعمل على تشغيل توربينات توليد الكهرباء التي يمكن استخدامها في تشغيل المصانع وإنارتها ، وإنارة المنازل ، وتسخين وتحلية المياه وتوليد الكهرباء أيضًا من خلال السخانات الشمسية ، ويمكن استغلال الطاقة الشمسية في أي مكان في العالم بالإضافة إلى استخدامها في العديد من المجالات الزراعية والصناعية.
مما اشتقت فكرة الاقتصاد الأصفر؟ وما أهدافه ، وما هي أبعاد التنمية المستدامة؟
التنمية المستدامة هي " التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة علي تلبية احتياجاتها الخاصة " , كما أن الاستدامة هي نموذج للتفكير حول المستقبل الاقتصادي الذي يضع في الحسبان الاعتبارات الاقتصادية ، والبيئية ، والاجتماعية في إطار السعي للتنمية وتحسين جودة الحياة ، وبتطبيقها على الاقتصاد الأصفر نجد أن الطاقة الشمسية تقوم على فكرة التجدد والاستدامة حيث تراعي جميع الأبعاد الاقتصادية ، والبيئية ، والاجتماعية ، وبهذا يكون الاقتصاد الأصفر محققًا أبعاد التنمية المستدامة التي هي مطلبًا أساسيًا لتحقيق العدالة والإنصاف في توزيع مكاسب التنمية والثروات بين الأجيال المختلفة .
ما العلاقة التبادلية بين الاقتصاد الأصفر والتنمية المستدامة؟
يعتبر قطاع الطاقة مفتاح التنمية الاقتصادية , حيث توجد علاقة قوية بين النمو الاقتصادي والتوسع في استهلاك الطاقة الشمسية , واستخدمت مؤشرات مثل الناتج المحلي الإجمالي ، ومتوسط دخل الفرد , كمؤشرات للتنمية الاقتصادية لعدة عقود ، وتعتمد التنمية الاقتصادية على توافر خدمات الطاقة اللازمة سواء لرفع وتحسين الإنتاجية أو للمساعدة على زيادة الدخل المحلي من خلال تحسين التنمية الزراعية وتوفير فرص عمل خارج القطاع التقليدي , ومن المعلوم أنه بدون الوصول إلى خدمات طاقة ومصادر وقود حديثة يصبح توفر فرص العمل وزيادة الإنتاجية ، وبالتالي الفرص الاقتصادية المتاحة محدودة بصورة كبيرة.
ويتجلى الدور الأساسي للاقتصاد الأصفر المعتمد على الطاقة الشمسية في ضمان إمداد نظام التنمية الحالي بمصدر موثوق ومستدام للطاقة من خلال الاعتماد على قاعدة اقتصادية متنوعة تتيح إطالة أمد الاستثمارات القائمة على موارد كالنفط والغاز وزيادة مساهمات القطاعات المتجددة في الناتج المحلي الإجمالي، والحفاظ على مكانة الدول في أسواق الطاقة العالمية وتعزيز نمو الاقتصاد الوطني .
ما دور الاقتصاد الأصفر في تحقيق البعد الاقتصادي للتنمية؟
يقوم الاقتصاد الأصفر على فكرة التوسع في تبني استخدام الطاقة الشمسية إذ يجب أن ترتفع إجمالي حصة الطاقة الشمسية من نحو 15 % من مجموع إمدادات الطاقة في عام 2015 إلى نحو الثلثين بحلول عام 2050، ولتحقيق الأهداف المناخية المنشودة المتمثلة في خفض إنبعاثات الغازات الدفيئة فإنه لابد من خفض كثافة استهلاك الطاقة في الاقتصاد العالمي بمقدار الثلثين بحلول عام 2050 بما يخفض مجموع إمدادات الطاقة الأولية في ذلك العام إلى مادون مستويات عام 2015 بقليل.
وتشير خارطة طريق الطاقة المتجددة لعام 2050 " التحول في نظام الطاقة العالمي " Remap، وهي تقرير عالمي أعدته IRENAالوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن مصادر الطاقة المتجددة ، والتي من بينها الاقتصاد الأصفر" الطاقة الشمسية " قادرة على تعويض 60% أو أكثر من مجموع الاستهلاك النهائي من الطاقة لكثير من البلدان .
وعلى سبيل المثال يمكن للصين أن تزيد حصة الطاقة المتجددة في استخدامها من الطاقة من 7 % في عام 2015 إلى 67 % في عام 2050 ، وفي الاتحاد الأوروبي يمكن أن ترتفع هذه الحصة من نحو 17 % إلى أكثر من 70 % ، وقد تشهد الهند والولايات المتحدة ارتفاعًا في حصص الطاقة بمقدار الثلثين أو أكثر.
إن قطاع الكهرباء الخالي من الكربون، والذي يقوم على الاقتصاد الأصفر " الطاقة الشمسية " يندرج في صلب عملية الانتقال إلى مستقبل الطاقة المستدامة ، وقد ترتفع حصة الطاقة المتجددة في قطاع الكهرباء من 25 % في عام 2017 إلى 85 % بحلول عام 2050 ، وسيكون ذلك غالبًا من خلال النمو في توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح .
وسيتطلب هذا التحول وضع منهجيات جديدة في تخطيط منظومات الكهرباء وعمليات النظم والسوق ، وحالما تصبح الكهرباء منخفضة الكربون هي المصدر الرئيسي للطاقة عندها قد تتضاعف حصة الكهرباء المستهلكة في قطاعات الاستخدام النهائي من 20 % تقريبًا في عام 2015 إلى 40 % في عام 2050 ، أما من حيث الطاقة النهائية فمن شأن الكهرباء المتجددة أن توفر نحو 60 % من مجموع استخدامات الطاقة المتجددة ، وهذا أكثر بمرتين ونصف من مساهمته الحالية.
وتساهم الطاقة الشمسية في تحقيق الأبعاد الاقتصادية المرتبطة بالتنمية المستدامة من خلال التحول من أنظمة الطاقة العالمية التقليدية إلى الطاقة الشمسية بالرغم من أن التكاليف الإضافية لتحول نظام الطاقة العالمي قد تصل إلى 1,7 تريليون دولار أمريكي سنويًا في عام 2050، غير أن وفورات التكلفة الناجمة عن انخفاض معدلات تلوث الهواء وتحسين ومستويات الصحة العامة وتراجع الضرر البيئي ستفوق هذه التكاليف بكثير وتشير خارطة طريق الطاقة المتجددة إلى أن الوفورات المحققة ضمن هذه الجوانب الثلاثة وحدها ستبلغ 6 تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2050.
كيف يساهم الاقتصاد الأصفر " الطاقة الشمسية " في تحقيق إستراتيجية التنمية المستدامة 2030؟
إن استخدام الطاقة الشمسية يحقق العديد من الأهداف التي هي أساس كل تنمية وخاصةً التنمية المستدامة ، وهو الاتجاه الذي يجب أن تتبناه العديد من دول العالم المتقدمة والنامية على السواء والمؤسسات الدولية المعنية بالتنمية المستدامة، لذا من الضروري إلقاء الضوء علي كيفية الاستفادة من الطاقة الشمسية في تحقيق إستراتيجية التنمية المستدامة 2030 ، وفيما يلي سنتناول المحاور والأهداف التي يحققها الاقتصاد الأصفر" الطاقة الشمسية " في سبيل التنمية المستدامة كما يلي:
مضاعفة الإنتاج الزراعي
يتضح من علم فسيولوجيا النبات أن " الطاقة الشمسية " هي المحدد الرئيسي للإنتاج الزراعي، ومن ثَم فإنه يمكن تكثيف المحاصيل وتحميلها على بعضها بما يتيح لكل محصول منها الحصول على حقه من الطاقة الشمسية متمثلةً في عدد الساعات الضوئية التي يحتاجها كل محصول ، بما يفتح المجال الآن لعمل الأبحاث اللازمة للتكثيف والتحميل لأنواع متعددة من المحاصيل لتحقيق أقصى استفادة من الطاقة الشمسية .تنويع مصادر الطاقة يؤدي الاستخدام اللاواعي لمصادر الطاقة التقليدية إلى مشكلتين هما ( الاستنزاف ، والتلوث ) علاوةً على محدوديتها في دول العالم ، لذا وجب التنبيه والإشارة إلى ضرورة توازنها في الطبيعة من حيث الاستخدام ، وهو ما يؤدي إلى الأخذ بالتنمية المستدامة لمصادر الطاقة للحفاظ على حق الأجيال القادمة ، وذلك يكون عن طريق البحث والدراسة والاستفادة من تجارب الدول التي سبقت في هذا المجال فضلاً عن أن تنويع مصادر الطاقة يقلل من اعتمادها على البترول ، والفحم ، والغاز الطبيعي التي تحتل نسبة كبيرة من الطاقة المستغلة في دول العالم.
كذلك يمكن للطاقة الشمسية أن تخفض من كميات البترول ، والغاز الطبيعي المستخدمة في إنتاج الكهرباء ، والاستفادة منها في مجالات أخرى تدر عائد أكبر هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى يجب العمل على تصحيح سياسات دعم الطاقة التقليدية حتى يتم ترشيدها والحفاظ عليها ، وتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
تطوير الميزة التنافسية للطاقة الشمسية؟
تستمر تكلفة الطاقة الشمسية في الانخفاض بفضل التطور التكنولوجي ، كما أنه إذا استمرت أنماط التكلفة على نحو هذا الانخفاض التاريخي ، فإنه يمكن توقع انخفاض تكاليف تركيب الألواح الضوئية ما بين معدل ( 3 – 7 % سنويًا ) خلال الأعوام المقبلة، وبذلك يمكن أن تصبح تكلفة الطاقة الشمسية عبر الألواح الضوئية غير المدعومة في منطقة الشرق الأوسط ، وشمال إفريقيا أكثر تنافسية مع تكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي في الفترة بين 2015 - 2025 .
كيف يمكن المحافظة على البيئة عن طريق تطبيق استخدام الاقتصاد الأصفر؟
يساعد استخدام الطاقة الشمسية" الاقتصاد الأصفر" على خفض نسبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، ومواجهة التغير المناخي ، وتساعد على حل مشاكل البيئة ؛ فمناطق العالم المختلفة تواجه ارتفاعًا كبيرًا وسريعًا لمستويات التلوث المختلفة وترافقه تكاليف عالية وتدهور لنوعية الحياة ، وعند مقارنة مصادر الطاقة المختلفة ، ينبغي أيضًا الأخذ في الاعتبار تكلفة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ، حيث يمكن الاستفادة ماليًا من تبني آلية التنمية النظيفة التابعة للأمم المتحدة.
هذا ومن الصعب تحديد الأضرار غير المباشرة الأخرى الناتجة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تزداد تركيزاتها مثل غاز ثاني أكسيد الكربون ، والميثان ، وأكسيد النيتروز، والهيدروكلوروفلوروكربونات (HCFCs)، والهيدروفلوروكربونات( (HFCsخاصة إذا كان الأمر يتعلق بصحة البشر، وكذلك البيئة.
هل يوفر" الاقتصاد الأصفر" فرص عمل جديدة؟
إن توجه الدول نحو بناء محطات طاقة شمسية جاء من واقع جدواها الاقتصادية، مدفوعةً بتوقعات بارتفاع الطلب على الكهرباء عالميًا مع تطور النمط المعيشي الذي بات يعتمد بشكل كبير على الطاقة ، إضافةً إلى حاجتها إلى مراكز تدريبية وبحوث تطبيقية مما يعني توليدها للعديد من الوظائف.
كيف يمكن تحقيق التوازن بين الأجيال الحالية والقادمة؟
يُعد الاقتصاد الأصفر " الطاقة الشمسية " الوسيلة المثالية لتوليد طاقة نظيفة على مستوى العالم والتي عن طريقها يمكن تحقيق المساواة بين الأجيال الحالية والقادمة فاستخدام الطاقة الشمسية اليوم لن يقلل من نصيب الأجيال القادمة، بل إن الاعتماد على الطاقة الشمسية سيجعل مستقبل الأجيال القادمة أكثر أمانًا.