Close ad

لماذا لا يقرأ شبابنا الصحف؟!

21-11-2019 | 16:41

عندما نبحث عن سبب عزوف المصريين عن قراءة الصحف بشكل ملحوظ ومتزايد في السنوات الأخيرة، ولكي نجد إجابة شافية على هذا السؤال فإننا نطرح عدة خيارات، هل لأننا متشككون.. أم أن الأقلام غائبة أم أن عادة القراءة باتت عديمة الجدوى، أزعم أن هذه القضية مهمة وأعتقد بأنها تعكس "أزمة" حقيقية يعيشها المصريون بشكل عام والشباب بشكل خاص، خاصة وأنها مسألة تتعلق بمستوى الوعي والثقافة في المجتمع، تقدمًا أو تراجعًا، وهي في الأساس عادة قديمة على ما يبدو بدأت تأخذ طريقها إلى الاضمحلال و الاندثار.

هي قضية تستحق بحق دراسة علمية وتحليلا أعمق من المعنيين؛ للوصول إلى الأسبابأ؛ لأن أمة بلا وعي حقيقي فهي تعاني من الجهل، وعندما يسود الجهل ويغيب الوعي فلا أمل في الإصلاح والنهوض والتقدم، إنها يا سادة معركة الوعي التي يجب أن نراهن عليها؛ لكي نشارك جميعًا في بناء بلدنا، ومن أجل مستقبل أرحب يعرف فيه كل شاب وفتاة وكل مواطن في هذا البلد - رجلا وامرأة - ما عليه من التزامات وماله من حقوق، يا سادة إن أولى خطوات مكافحة الفساد تبدأ من معركة الوعي، ولن يأتي الوعي بدون قراءة وبدون شفافية وبدون حقائق وبدون زيف أو تزييف، وبدون نخبة مثقفة تقع على عاتقها مسئولية نشر الوعي؛ لأن المجتمع الذي يتسلح بالوعي فإنه يشكل حائط الصد الأول في مواجهة الشائعات؛ وهي الوسيلة الأنجح التي يمكن من خلالها التصدي لكل محاولات زعزعة الاستقرار ونشر الأكاذيب، وبشكل عام فالمجتمع الذى لايقرأ يتحول إلي أرض خصبة لتغييبه والتحكم في اتجاهاته وآرائه وميوله وتشكيل وعيه الفكري..

أعود إلى سؤالي الرئيسي عن سبب عزوف المصريين عن قراءة الصحف، وهي حقيقة لابد أن نعترف بها وأسبابها متعددة، كما أراها ويراها غيري من المتخصصين، وليس العامل الاقتصادي في مقدمتها؛ لأن عادة القراءة بشكل عام لم تمت في الدول الفقيرة، ولكني أرى أنها تتعلق بأسباب أخرى، وأبرزها فيمن يتصدون للمشهد الإعلامي بالشكل الأعم؛ من فضائيات ومطبوعات من صحف ومجلات ونشرات أخبار لايسمعها أحد؛ سواء عبر الشاشات أو الراديو، بالإضافة إلى عدم تباين الآراء ووجهات النظر، مع ظهور بدائل أسهل وأيسر مع سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" الأسرع في تداول المعلومة؛ وإن افتقدت أحيانا إلي الموضوعية وربما المصداقية، ولكنها تبقى في النهاية واقعًا يتم تداوله بين كافة أطياف المجتمع وبخاصة الشباب.

اهتمامات الناس تحولت نحو ثقافة النت، ولا يجد أغلبهم من يرشدهم إلى الصواب، والى حقيقة أن الجمال الحقيقي يبقى في متعة القراءة الورقية، وصحيح أن الصحف تصدر صباحًا وكل مضمونها تم الاطلاع عليه في الليلة السابقة عبر الفضائيات؛ ولذلك تراجعت قيمة الخبر في صفحات الجرائد والمجلات، الحل في رأيي أن نعود من جديد إلى الصحافة الخدمية، وأن يستحوذ الرأي على القاسم الأعظم من الصفحات، مع الاهتمام بالصحافة الاستقصائية التي تعتمد على الأرقام والحقائق، ولتحقيق ذلك لابد أن يزخر الوسط الإعلامي بكفاءات تتحلى بالمصداقية والقبول والموضوعية، كفاءات ليست زائفة، ويبرز هنا دور الهيئات والنقابات المسئولة إداريًا عن المشهد الإعلامي ككل في مصر في الوقت الحاضر.

إننا ياسادة نحتاج إلى مكاشفة واضحة وصريحة وشفافة؛ لكي نعرف هل المجتمع المصري في الوقت الحاضر بحاجة إلى هذا الكم الهائل من المطبوعات التي لايشتريها ولايقرأها أحد، وبعضها لا يقدم أي إضافة جادة في التوعية.

ولماذا لايوجد لدينا أرقام معلنة ومحددة لعدد النسخ المطبوعة لكل صحيفة جريدة أو مجلة؟ ولماذا لايتم الإعلان عن الأرقام؛ وهي ليست من النواحي السرية، وإنما يجب الكشف عن أرقام التوزيع من خلال مكاتب معتمدة أو هيئات محايدة داخل مصر على الأقل؛ لأن صحافتنا للأسف غارقة في المحلية ومنكفئة على نفسها، وتأثيرها خارج الحدود أصبح معدومًا، ولماذا لا يوجد تقييم أو مراجعة حقيقية للمحتوى، الذي أرى أنه يحتاج إلى تطوير شامل في ظل وجود الفضائيات والتوك شو، وتطبيقات السوشيال ميديا؛ لأنه بصراحة لايوجد في المضمون الحالي لبعض صحافتنا ما يستحق القراءة، إما لأنها تفتقد التحليلات الاحترافية للأحداث، أو بسبب ندرة الكفاءات (إلا من رحم ربي) وانعدمت الموضوعية والمصداقية في مواجهة التطور المستمر للميديا الرقمية.

ياسادة.. هذا هو الواقع الذي نعيشه في السنوات الأخيرة، وما أسوقه ليس جلدًا للذات، ولكنه رصد لهذا الواقع بكل ما فيه من مشكلات وتحديات؛ لكي لا نترك شبابنا فريسة سهلة للإعلام الفضائي القادم من الخارج برسائل موجهة، ولا يهمه سوى مصالح من يحرك هذه الآلة الإعلامية الأجنبية، علينا أن نعيد المصريين - وبخاصة الجيل الجديد من الشباب - إلى عادة قراءة الصحف، وهذا لن يتحقق إلا عندما يشعر أن إعلامه أصبح مرآة صادقة تعكس همومه، وتساعده على إيجاد الحلول الموضوعية لمشكلاته؛ لكيلا نسأل مرة أخرى عن سبب عزوف المصريين عن قراءة الصحف.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
كورونا "من تاني"!

الكورونا لم تنته وربما لن تختفي من حياتنا في مصر والعالم كله، هذه هي الحقيقة الأولى التي نعيشها على أرض الواقع هذه الأيام، والحقيقة الثانية تؤكد أن ما

الكأس راحت فين؟!

بعد سبع سنوات اكتشفنا اختفاء كأس الأمم الإفريقية التي احتفظت بها مصر بعد فوز منتخبنا لكرة القدم باللقب 3 مرات متتالية، الكأس المختفية التي تعتبر في حكم

الفقاعة التعليمية والمصروفات الجامعية!

الشباب هو المستقبل وهو أيضا عماد الأمة، وكذلك التعليم والصحة، والأمم التي تزخر بأعداد كبيرة من الشباب أمة قوية وواعدة، ولكن بشروط محددة، ولا شك فإن التعليم

انتصار الحياة

فجأة دون سابق انذار جاءنا "الكورونا" ضيفا ثقيلا وحتما سيرحل أو نتعايش معه ككائن منبوذ غير مرغوب فيه، وهكذا تستمر الحياة بحلوها ومرها وبمفاجآتها السارة

الحياة في زمن الكورونا

في وقت الأزمات من الطبيعي أن تتغير الأنماط السلوكية للبشر، ويكون تغير السلوك في بعض الأحيان في الاتجاه السلبي المرفوض، وكثيرا ما يكون التغيير نحو الجانب

كورونا "الحرب العالمية الجرثومية" .. ماذا بعد؟!

وحتى إشعار آخر.. لا حديث يعلو فوق حديث الكورونا الذي أصاب العالم بالخوف والفزع والهلع؛ مع كل مراحل تفشي الفيروس؛ الذي تحول إلى وباء ومن ثم إلى جائحة؛ مما

المتحف الكبير .. والحلم الكبير!

من المفترض أن تصبح مصر الوجهة السياحية المفضلة في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة، ولم لا ومصر تمتلك من المقومات التي ترشحها بالفعل لاحتلال هذه المكانة

كلمة صدق.. يجعلها سنة "بيضا"

ها نحن ودعنا 2019 بكل حلوها ومرها، ونستقبل 2020 بكل ما تحمله من أسرار وأحلام وأمنيات..

كلمة صدق.. تعمير سيناء بسواعد شبابنا

خدعوك فقالوا إن اتفاقية السلام "معاهدة كامب ديفيد" تمنع مصر من إقامة مشاريعها التنموية في سيناء، خدعوك فقالوا إن مياه النيل سيتم نقلها إلى إسرائيل، مرة

كلمة صدق.. "بيزنس" الثانوية العامة!

بدأ العام الدراسي ومن قبله بدأ "بيزنس" الثانوية العامة.. عفوا أقصد مراكز الدروس الخصوصية المجمعة والتي تسمي بـ"السناتر" وقولا واحدا أؤكد أن الثانوية العامة

كلمة صدق.. أفسحوا الطريق للدراجات!

مبادرة حقا مهمة وملحة للغاية، تلك التي أطلقتها وزارة الشباب والرياضة بالدعوة إلى استخدام الدراجات الهوائية كوسيلة انتقال آمنة وصديقة للبيئة داخل المدن،