صحة الإنسان هي من أهم النعم التي وهبها الله سبحانه وتعالى للبشر وليس هناك سعادة أو تنمية أو إنتاج بدون صحة جيدة للشعب، واليوم تتعرض قطاعات عديدة من الشعب المصري لإخطار صحية عديدة ومتنوعة؛ مما يستلزم سرعة البحث والدراسة والمواجهة.
ويمكن تحديد العديد من الأسباب المتفاعلة معًا وتؤدي في النهاية لأخطار صحية عديدة، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب ما يلي:
1- انتشار التلوث البيئي بكافة صوره.
2- الجهل بأساليب التغذية الصحية، وضعف الوعي الصحي بوجه عام.
3- ارتفاع نسبة الفقر طبقًا للإحصاءات الرسمية.
وهذه الأسباب الثلاثة تتفاعل معًا وتنتشر في معظم أنحاء الوطن بشكل يحاصر كثيرًا من فئات الشعب؛ فمثلا تلوث نهر النيل يبدأ من مصانع حكومية من أسوان إلى حلوان.. وغير ذلك، بجانب المبيدات والأسمدة ومعظمها يستوردها القطاع الخاص، وقد تكون شديدة السمية مع انتشار تلوث الهواء وعوادم السيارات القديمة وزحام المدن؛ مما أدى إلى أن تكون القاهرة من أكثر المدن تلوثًا وازدحامًا بعد نيودلهي، ثم يمثل غياب الوعي الصحي لكثير من فئات الشعب وانتشار العديد من العادات والتقاليد الغذائية السلبية خطرًا كبيرًا يضاعف من الأخطار، بداية من حلوى وطعام الأطفال وما به من سكريات كثيرة ومضيفات الطعم والنكهة واللون، وأنماط مختلفة من الحلوى والسكريات والنشويات والمملحات أو المخللات لمختلف طبقات المجتمع، مع قلة الحركة والمجهود البدني بوجه عام ومختلف دول العالم الآن تعتبر السكر والملح ومنتجات الدقيق من الموانع أو تسمى السموم البيضاء وتفرض ضرائب كبيرة وتكتب على النشرة الخارجية أن هذا المنتج ضار بالصحة، وتحذر منه وتزداد كل هذه المشكلات مع ارتفاع نسبة الفقر وسوء حالة المسكن في كثير من المناطق، وندرة الملاعب وعدم الإقبال على الرياضة لأسباب مختلفة.
ويترتب على كل ما سبق انتشار أمراض سوء التغذية والأنيميا والسمنة وتدهور الحالة الصحية بوجه عام لدى قطاعات كبيرة من المواطنين؛ مما يمثل تهديدًا للأمن القومي؛ حيث هناك تكلفة للمرض والعلاج، وينعكس ذلك سلبيًا على مجالات العمل والإنتاج والتنمية بوجه عام.
ولمواجه كل ذلك هناك مدخلان للمواجهة؛ الأول يتمثل في نشر الوعي الصحي السليم وأساليب التغذية الصحية؛ من خلال عدة محاور أهمها تضمين الوعي الصحي في كافة المناهج الدراسية، ولكافة المراحل التعليمية منذ مرحلة التعليم الأساسي إلى الجامعي، مع عقد الندوات واللقاءات مع الخبراء فى المدارس والجامعات لمناقشة هذه القضية، ثم للإعلام دوره بمختلف صوره، ولوزارة الصحة دورها من خلال موقع رسمي لها يجيب عن تساؤلات المواطنين ونشر الوعي الصحي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ثم هناك دور الجمعيات الأهلية؛ سواء في نشر الوعي الصحي أو في المساعدات الغذائية للفقراء أو توفير كوبونات لأنواع محددة من الطعام الصحي للفقراء يصرف تحت رقابة حكومية، وللوجبة المدرسية أهميتها أيضًا.
والمدخل الثاني يتمثل في الردع والقوانين الحازمة، وهذا في البداية يتطلب قوانين صارمة لمنع الملوثات من أي جهة؛ سواء تتبع الحكومة أو القطاع الخاص، ولكافة المصانع أو الجهات الملوثة ومراقبة مستمرة لتنفيذ القوانين بصرامة وكذلك بالنسبة لاستيراد المبيدات والأسمدة والتي يفضل أن تتولاها الحكومة أو الجمعيات الزراعية وبجانب ذلك مطلوب تشريعات جديدة فى مجالين الاول ضرائب جديدة على كل الاطعمة غير الصحية والتى يدخل فى تكوينها السكر والملح على سبيل المثال ويطبق هذا فى كثير من الدول ويمكن دراسه هذا النموذج وتطبيقة والمجال الثانى هو ضرائب التلوث وهنا مطلوب تطبيق قانون الملوث هو الذى الذى يدفع الثمن وهو مطبق من عقود في العديد من البلدان ويتم تنفيذه من خلال دراسة علمية دقيقة لكافة انواع ودرجات التلوث الناتجة عن أي أنشطة بشرية أو صناعية؛ حيث يتم قياس التلوث الناتج عن أي سيارة أو مصنع أو خلافة بوحدة قياس محددة فمثلا السيارة الصغيرة ينتج عنها ألف وحدة تلوث كمتوسط عام سنويًا، في حين السيارة ضعف القوة أو الحجم ينتج عنها ألفا وحدة تلوث، وأيضًا مثلا السخان الصغير قد ينتج مائة وحدة تلوث، وأيضًا كل مصنع يقاس التلوث الناتج عن أي نشاط أو آلة ينتج عنها تلوث، ثم تفرض ضريبة مثلا جنيه واحد على كل وحدة تلوث؛ فالسيارة مثلا التي ينتج عنها ألف وحدة تلوث تكون ضريبتها السنوية ألف جنيه، والمصنع الذي ينتج عنه خمس آلاف وحدة تلوث يدفع ضريبة تلوث خمسة آلاف جنيه.. وهكذا.
وينتج عن تطبيق هذا التشريع عدة مزايا منها سيترتب على ذلك قلة التلوث بوجه عام، ثم تشجيع التكنولوجيا النظيفة، وانتشارها حتى لو تكلفتها أعلى نسبيًا، ثم توفير حصيلة مالية من هذه الضرائب يمكن للحكومة استغلالها في تركيب مرشحات وفلاتر للمصانع الحكومية الملوثة، وفي النهاية يحقق هذا القانون العدالة في أن من يتسبب في التلوث هو الذي يدفع الثمن في الضرائب بدلا من المواطن العادي الذي كان يعاني من أخطار التلوث.
فهذه هي العدالة البيئية، وهنا الدور الأساسي على مجلس النواب والحكومة في دراسة وتنفيذ هذه المقترحات؛ لأن صحة المصريين أمن قومي.. والله الموفق!!