Close ad

نعم.. تستطيع الدراما

17-10-2019 | 20:33

بحكم طبيعة عملي الصحفي، وركضي الحثيث للبحث عن المعلومة الموثقة الهادفة التي أقدمها لقارئي الحبيب، أجدني مقلا في متابعة الأعمال الدرامية على مختلف أنواعها، (التليفزيونية، والسينمائية، والإذاعية)، بيد أنه إحقاقًا للحق، لا يشبع شهيتي العقلية، ولا يروي ظمئي الفكري إلا الدراما التاريخية الموثقة التي تعرض جانبًا من تاريخ بلادنا الحبيبة وأمتنا الإسلامية الحقيقي الموضوعي، أو تكشف وتميط اللثام عن إسلامنا الراقي بأخلاقه، ومبادئه، وقيمه، وما أرسل به نبينا محمد "صلى الله عليه وسلم"، أو تعرض جانبًا من سيرة عظماء قادة ومفكري الوطن والأمة، الذين كان لهم شأن وباع كبير، في ميدان الجهاد الترسيخي لتاريخ أمتنا وحضارتها وفتوحاتها، والمحافظة عليه من عبث العابثين، وكيد الكائدين الماكرين من أعدائها المتربصين بها وبمواطنيها في الأزمان والأمكنة المختلفة.

في التاسع من فبراير العام الفائت، كنت قد كتبت مقالًا هنا تحت عنوان "عندما توظف الدراما لخدمة الإسلام"، إشادة للفيلم الهندي "اسمي خان"، الذي استوقفني إعجابًا، مشدوهًا بإنتاجه الدرامي الضخم، تقديرًا وتميزًا لإجادته في محاولة تغيير الصورة النمطية المأخوذة ظلمًا وبهتانا وزورا عن الإسلام والمسلمين في كل بقاع البسيطة، منذ حادث الحادي عشر من سبتمبر2001 بالولايات المتحدة الأمريكية، وقبله وحتى الآن.

وها أنا ذا أعود مرة أخرى متحدثًا عن عظيم أهمية توثيق نصر حرب أكتوبر المجيدة كاملا، وما حوته فترة الإعداد لها قبلها، ورصد وعرض بطولات عظيمة مجهولة لشعبنا ولأعدائنا، توثيقًا دراميًا، بديعًا، مهنيًا، تتعرف منه الأجيال الحالية والناشئة عن بطولات رجال وأبطال وطنهم في معاركه المختلفة، استردادًا للأرض، وحفظًا للكيان والكرامة، والعرض، بعد أن ألقى فيلم "الممر" - بنجاحه الساحق، وإشادة الجميع بتحقيق أهدافه، ورسالته ومحتواه - بحجره في بركة صناع الدراما الآسنة، التي لا هم لها إلا صناعة وتصدير ما يشوه مجتمعنا، ويبذر فاسد وعاطن الخلق السيئ في عقول وقلوب نشئنا وشبابنا، خالقًا حالة من التشويه المتعمد عما كان عليه مجتمعنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا المصرية الأصيلة الطيبة، مصورًا البلطجة وأهلها هم نمط وأصحاب المجتمع الآن بصفة عامة.

نعم كان هناك العديد من الإعمال السينمائية الأخرى التي صورت وحاولت توثيق ورواية ما جرى قبل وبعد وأثناء الحرب، لكن يبقى الأثر الفعلي المحفور، الذي تركته لدى المشاهد في لبه وفؤاده ووجدانه، فكان أفلام "الرصاصة لا تزال في جيبي" الذي أنتج عام ١٩٧٤، و"العمر لحظة" عام ١٩٧٨، و"أبناء الصمت" عام ١٩٧٤، و"الوفاء العظيم" عام ١٩٧٤، و"بدور" عام ١٩٧٤، و"إعدام ميت" عام ١٩٨٥، و"حكايات الغريب" ١٩٩٢ و"الطريق إلى إيلات" عام ١٩٩٣، و"أيام السادات" عام 2001، و"يوم الكرامة" عام ٢٠٠٤، ثم أخيرًا "الممر" 2019، لكن يبقى السؤال الأهم، أي منها أثر وحفر في وجدان المشاهد، وأصبح توثيقًا دراميًا صحيحًا يعتد به، وتتوارثه الأجيال؟.

ولأهمية الدراما وجدناها تعني "العمل"، في اللغة الإغريقية القديمة، كما تعد الدراما تجسيدًا بـارزًا لطرح القضايا الاجتماعية، والتاريخية الوطنية، بصورة واقعية، ووصفًا لحالات الإنسان المختلفة، وانعكاسًا جيدًا لما يجول في داخله من مشاعر تسكنه تجاه الأمور المختلفة التي يتعرض لها، من ثمة رأينا عددًا من الأفلام المصرية تناولت القضية الفلسطينية، دعمًا لها، ودفاعًا عنها، منها الفيلم الدرامي المصري "أرض السلام" الذي أنتج عام 1957، وفيلم "الله معنا"، الذي أنتج عام 1955، وفيلم "الأقدار الدامية"، أنتج عام 1982، وفيلم "أصحاب ولا بزنس"، أنتج عام 2001، وفيلم "باب الشمس"، أنتج العام 2004، وفيلم "عيون حرامية"، أنتج عام 2014 .

صفوة قولي إن الدراما عمومًا تستطيع أن تفعل وتلعب على دغدغة مشاعر المشاهدين، ومخاطبة العاطفة عامة، والدراما المصرية خاصة، تستطيع هي الأخرى ذلك بالحقائق التاريخية، وإعاشة المشاهد أجواء تلك الحقب الزمنية بكل أبعادها تفصيلا حقيقيًا، بيد أن بيت القصيد ومربط الفرس أن تكون بعيدة عن القالب القديم، بالتصوير في الأستديوهات المغلقة، بل بانفتاحها على العالم أجمع، ليس على المحيط العربي فحسب، كما رأينا في "الممر"، جنبا إلى الاستعانة بكتّاب ومخرجين وفنانين مهرة كبار يستطيعون تجسيد تاريخنا، وبطولات رجالنا، تجسيدًا حيًا مؤلفًا، كما تفعل الدراما السورية والتركية، قبل كونه مصورًا؛ لأن "مصير القصص التي لا نحكيها، أنها تصبح ملكًا لأعدائنا"، كما يقول الكاتب والروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله، فهل تستطيع الدراما المصرية بفنانينا وكتابنا ومخرجينا المبدعين، تحقيق ذلك والنجاح فيه؟ أجيب مؤكدًا، نعم نستطيع.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
المعذرة العملية لله ورسوله

المعذرة العملية لله ورسوله

ملتقى القاهرة الدولي الخامس للخط العربي

بادئ ذي بدء، أسجل عشقي وهيامي بفن الخط العربي كفن إسلامي أصيل يأخذ بالأفئدة والألباب قبل أخذ الأبصار، ذلك أنه حاضن رئيس لوعاء هويتنا العربية والإسلامية

عمارة.. ونشر علمه وفكره

عمارة.. ونشر علمه وفكره

صناعة التطرف والعنف .. بفيلم كارتون

أثار انتباهي هذا التقرير المنشور للزميلة إيمان عباس بـ"بوابة الأهرام" تحت عنوان (صناعة التطرف والعنف تبدأ بـ"قصة وفيلم كارتون".. والبرلمان يفتح الملف)،

تعلموا الحب الحقيقي

لا حديث الأمس واليوم وغدًا، يسيطر على عقول الكثير منا، إلا الحديث عن "عيد الحب"، "الفلانتين" والترتيب لإحياء ذكراه، لينعم فيه كل محب بحبيبه - حالمًا وواهمًا

القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية

في خبر سار يضاهي واقع ومكانة قاهرتنا وتاريخها الإسلامي التليد، أعلن في التاسع عشر من الشهر الماضي - وعبر المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"-

الطيب.. والخشت.. وأهل الفتن

الطيب.. والخشت.. وأهل الفتن

الليبرالية .. التخلص من قيود السلطات الثلاث

الليبرالية .. التخلص من قيود السلطات الثلاث

حضارة نبينا.. نموذج عملي لحياتنا

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الآباط

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟

عطفًا على حديثي بمقالي السابق "هذا هو الإسلام"، الذي تحدثت فيه عن حملة وزارة الأوقاف العالمية الدعوية "هذا هو الإسلام"، التي أطلقتها لهذا العام بأكثر من

هذا هو الإسلام

جميل، وبديع، ومثمن، صنيع وزارة الأوقاف حين أطلقت حملتها العالمية الدعوية لهذا العام "هذا هو الإسلام" بأكثر من عشرين لغة، بيانا لصحيح الإسلام للدنيا بأسرها،

الأكثر قراءة