Close ad
16-10-2019 | 18:06

الحديث عن الضمير شيق ومثير؛ ودائمًا ما يطرب الآذان؛ ولما لا وهو حديث ذو شجون؛ يأخذ من الأبعاد ما يجعله رنانًا؛ فدائما حينما ينجرف الحوار إلى الضمير؛ تجد ما يثير شهية النفس لتدلي بدلوها في مفهومه وأهميته.

إلا أننا في الآونة الأخيرة؛ بدأ الناس يتندرون عليه؛ ويتساءلون أين الضمير؟ وما هو؟ وكيف يتم توصيفه؟ وآليات التعامل معه؟ حتى تعددت وجهات النظر حوله بدرجة أمست تشكل خطرًا على مفهومه.

ولأنه مستتر؛ ويصعٌب الإمساك بأٌطره؛ تختلف حوله الرؤى؛ كنا في جلسة خاصة؛ بها العديد من الشخصيات المثقفة الواعية؛ وتطرق الحديث للأحوال؛ وكيف يمكن صلاحها؛ إذا تعامل الناس بضمير مع بعضهم بعضًا.

وكان مبعث الحديث؛ صديق لنا؛ أٌصيب بمرض ما؛ فذهب لأحد الأطباء المشهورين؛ فطلب منه إجراء بعض التحاليل؛ وكانت نتيجتها صادمة؛ وبناء عليها شخص الطبيب الحالة؛ وبدأ الصديق في تناول الدواء المناسب؛ ومع مرور الوقت؛ لم تظهر بوادر التحسن؛ فطلب الطبيب إجراء التحاليل مرة أخرى؛ بمكان آخر؛ فجاءت النتيجة غير متوقعة على الإطلاق.

فقد أكدت التحاليل الأخيرة عدم إصابته بالمرض الخطير؛ وأن الأعراض التي كانت لدية متشابهة مع بعض أعراض الإنفلونزا؛ فما كان من الطبيب إلا أن طالب بإجراء التحاليل في مكان ثالث؛ وجاءت النتيجة مؤكدة للمكان السابق؛ أي أنه خال من المرض الخطير.

تنفس الصديق الصعداء؛ وبدأ الطبيب في التعامل مع الحالة وفق الظروف الجديدة؛ وعندما هدأت نفس الصديق؛ توجه للمكان الأول الذي أكد إصابته بالمرض الخطير؛ معربًا عن دهشته للنتيجة الصادرة؛ ومعه التحاليل من المكانين اللاحقين؛ فسمع ردًا لم يتوقعه على الإطلاق؛ أن نتيجة التحاليل الخاصة به تبدلت مع شخص آخر؛ وأعربوا عن اعتذارهم بشدة؛ وتأملوا منه أن يقبل الاعتذار.

هكذا وبكل بساطة؛ تبدلت نتائج تحاليل شخصين لتكون النتيجة لهم مؤثرة على طرق العلاج؛ وما يستتبعه ذلك من إجراءات قد تكون نتائجها غريبة؛ والأمر لم يأخذ أكثر من اعتذار!

وبدأت المجموعة المجتمعة كلٌ منها يحكي عن واقعة مشابهة؛ لنخلص في النهاية إلى أننا أمام أزمة ضمير؛ بسببها ساءت الأمور؛ وأخذت مناحي مؤلمة للناس؛ ومع بعض الدقة واستحضار الضمير والتعامل وفق آلياته؛ كان يمكن تجنب تلك الأزمات.

ودخلنا في مناقشة بعض التفاصيل الخاصة بالناس؛ كل في موقعه؛ هل يستحضر الضمير في تعامله مع من حوله؛ وبدأنا في تعريف الضمير؛ لنصل لمفهوم اتفقنا عليه جميعًا.

أن الضمير؛ يعني العمل بدقة متناهية وإخلاص بيٌن؛ لنحصل على النتائج المرجوة؛ فهل هذا ما يحدث الآن؟

كان ذلك السؤال بداية لحوار دسم؛ تطرقنا به لأمور كثيرة؛ وخلصنا لأن الغرب المتقدم؛ انشغل بهذا الموضوع؛ حتى أضحى منهجهم في التعامل؛ فأحرز تقدمًا ملموسًا؛ جعله في مكانة رفيعة؛ ونحن بما نملكه من حضارة راسخة امتدت لآلاف السنوات؛ أولى منهم بذلك؛ فحتى الآن ما زال الغرب يعيش حالات من الانبهار بالحضارة المصرية القديمة؛ في التحنيط والعمارة والطب والهندسة وأمور أخرى كثيرة.

ونحن ما زلنا نتباهى بحضارة الأجداد؛ ولا نسعى لتطوير أنفسنا لنكون امتدادًا لها؛ بل انشغلت الغالبية بمصالحها الضيقة على حساب المصالح العامة؛ والدليل طريقة تعامل الناس مع المواصلات العامة؛ تشعر أن هناك من يتفنن في تشويهها؛ على العكس تمامًا من طريقة تعامله مع ممتلكاته الخاصة؛ وهكذا ودون التطرق لتفاصيل كثيرة؛ يتضح أن هناك من أسكن الضمير المستتر في مكان مستتر، وبات يعمل وفق أهوائه.

وأخيرًا؛ أرى أن الضمير أضحى يئن من تجاهله؛ متسائلًا متى نتعامل به وتعود له مكانته وبريقه المأمول؛ سؤال تبدو إجابته صعبة؛ أليس كذلك؟

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.