هل تعلم أنك سوف تدخل التاريخ، مثلما حفر اسمه - بامتياز- فرعون مصر، الملك خوفو، باني أكبر الأهرامات، وصاحب أول عجائب الدنيا السبع؟
بادرت بتقديم هذا الخاطر الأولي، إلى المدير العام التنفيذي لمشروع البرج الأيقوني، المهندس الصيني، جيان شون وي، وأنا أقف في حالة انبهار وفخر واعتزاز، أمام المبنى الخرساني الضخم للبرج، وهو تحت الإنشاء والتشييد، بمنطقة الأعمال المركزية، في العاصمة الإدارية الجديدة.
على الفور وبكل تواضع، رد المهندس الشاب جيان شون وي (39 سنة)على انطباعاتي قائلا: أشعر أن " البرج الأيقوني" مثل ابني...
البرج الأيقوني ICONIC TOWER ، الذي يشيد على شكل مسلة فرعونية، يصل ارتفاعه إلى 385 مترًا، بعدد 78 طابقًا، وسوف يصبح فريدًا من نوعه، من حيث الارتفاع والتصميم والتنفيذ، على المستويين المصري والإفريقي.
أيضًا، يعد البرج الأيقوني واحد من 20 ناطحة سحاب، يضم كل منها 12 مبنى للمكاتب التجارية، و5 مبانٍ سكنية، وفندقين راقيين 6 نجوم.
كل هذه الأبراج والمباني والفنادق، الشاهقة الارتفاع، تقع في منطقة الأعمال المركزية، بالعاصمة الإدارية الجديدة CBD، وتقوم على عملية التشييد والبناء الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية CSCEC–مصر، بإجمالي استثمارات تصل إلى 3 مليارات دولار أمريكي.
خاطر آخر طاردني، وأنا أقف، بكل فخر واعتزاز، في موقع العمل أمام البرج الأيقوني، هو: لماذا لا يتسابق الشعراء والمبدعون المصريون، لزيارة المعجزة المعمارية، التي تبنى بمنطقة الأعمال المركزية، في العاصمة الإدارية الجديدة، مثلما تباروا - ذات يوم – في وصف بناء السد العالي في عقد الستينيات.
فملحمة البناء والتشييد في العاصمة الإدارية الجديدة، تترك في النفس البشرية المشاعر- ذاتها - من قوة الإرادة والعزيمة والإصرار، والافتخار، التي تولدت وألهمت، مثلا، الشاعر الكبير، عزيز أباظة، في عام 1960 ليؤلف قصيدته الخالدة "قصة السد" ولحنها رياض السنباطي، وأنشدتها أم كلثوم، قائلة:
كان حلمًا فخاطرًا فاحتمالًا.. ثم أضحى حقيقة لا خيالا، عمل من روائع العقل جئناه بعلم.. ولم نجئه ارتجالا.. إنه السد فارقبوا مولد السد.. وباهوا به الأجيالا.. حقق المعجزات عزم جمال.. فاحمدوا الله أن حباكم جمالا.
بروح الإرادة والهمة والنشاط والإنجاز والإبداع، نفسها، يقود المهندس الصيني جيان شون وي فريقًا من المصريين والصينيين، لتشييد البرج الأيقوني، مستندًا إلى خبرته العملية، في بناء أبراج شاهقة كثيرة، أقامتها شركة CSCEC في عموم الصين، وفى غيرها من دول العالم.
بدأ العمل رسميا في حفر أرض مشروع البرج في يوم 2 مايو عام 2018، أما أعمال البناء والتشييد، الفعلية، فقد بدأت في يوم 25 فبراير عام 2019، بصب 18 ألف متر مكعب من الخرسانة المسلحة، على مدار 38 ساعة متواصلة، لتسجل أكبر " لبشة" خرسانية من نوعها فى قارة إفريقيا.
حسب المهندس جيان شون وي، من المتوقع الانتهاء من بناء البرج الأيقوني في 13 يناير عام 2022، وقال إنه يجري الجمع بين الخبرتين المصرية والصينية في بناء البرج، كما أن أعمال البناء تسير بدقة شديدة، وهي السمة التي تتميز بها شركته، ولأن البرج الأيقوني يعتبر مشروع دولة لا يتحمل الخطأ.
درس جيان شون وي الهندسة في محافظة شين يانغ شمال الصين، وشارك في بناء برج بارتفاع 400 متر، في مسقط رأسه بمنطقة داليان شرق الصين، وهو متزوج، ويبلغ عمر ابنه الوحيد 6 سنوات، وقد زارت أسرته مصر خلال الربيع.
وصف مدير مشروع البرج الأيقوني زملاءه ومرءوسيه من العاملين المصريين بأنهم يعملون بكل جد واجتهاد، ويتعلم منهم الكثير، مؤكدًا أن الحضارتين المصرية والصينية هما من أقدم الحضارات، وإن كانت الحضارة المصرية أقدم، وقد بدا ذلك واضحًا خلال زيارته للمتحف المصري بميدان التحرير.
قال جيان شون وي إن نهر النيل يعد ثروة للمصريين بكل المقاييس، وبفضله مصر غنية بالمنتجات الزراعية والحيوانية، وبالذات، الخضراوات والفاكهة الطازجة، مؤكدا أنه لاحظ عدم وجود فوارق طبقية ملموسة في المجتمع المصري، وأنه لا يشعر بالغربة، لأن الشعب المصري يتعامل بلطف وبمحبة مع ضيوفه الأجانب، عمومًا، وخاصة الصينيين.
المهندس جيان شون وي يشجع لاعب الكرة المصري الشهير محمد صلاح، ويتابع مبارياته بشغف مثل المصريين، كما يحب السباحة، ويمارس هواية المشي كلما أتيحت له الفرصة، حتى وإن جاءت في أثناء الصعود والنزول بالمباني، ويستمتع بالموسيقى والأغاني المصرية، بالذات، في رحلات المراكب السياحية بنهر النيل.
يقول المدير التنفيذي لمشروع البرج الأيقوني إن هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها خارج الصين، وقد تم اختياره لكفاءته وخبراته المتعددة في بناء أبراج بالصين، موضحًا أنه يجري توظيف أحدث التقنيات من حيث الخامات والمعدات والعمالة في بناء الأبراج الشاهقة بمنطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية.
يختتم المهندس جيان شون وي حديثه قائلا: ما تقوم به الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية في مصر يأتي ضمن علاقات التعاون والصداقة الوثيقة بين مصر والصين، مؤكدًا أن فرص المشاركة والتعاون بين الجانبين سوف تزداد خلال الفترة المقبلة، في إطار انضمام مصر بقوة إلى مبادرة الحزام والطريق.
[email protected]