أكد اللواء محمد إبراهيم، عضو المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن القضية الفلسطينية أحد القضايا الهامة المسكوت عنها، وقال "نحن نعيش فى إقليم شرق أوسط مضطرب وبه العديد من المشاكل، وأرى أن القضية الفلسطينية يجب أن تكون على رأس هذه الأزمات للتعامل معها، لأنها قضية شعب محتل يبحث عن أقل حقوقه المشروعة".
موضوعات مقترحة
وأشار اللواء محمد إبراهيم خلال كلمته فى المؤتمر الذى يعقده معهد الشرق الأوسط بواشنطن بالتعاون مع المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية تحت عنوان مصر في شرق أوسط متغير"، بنيويورك، أن الشرق الأوسط يواجه العديد من المشاكل الحيوية، خاصة فى سوريا واليمن ولبنان والتهديدات الإيرانية فى الخليج، لكن هذه الأزمات ستجد طريقها للحل عن طريق الدبلوماسية، ولن تستمر 50 عاماً أو أكثر كما ظلت القضية الفلسطينية، مضيفاً " هذا يقودنا إلى توصيف الوضع الحالى للقضية الفلسطينية، وهى أننا أمام مفاوضات سياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين متوقفة منذ أبريل 2014، والفترة التى سبقت 2014 تمت فيها كثير من المفاوضات والجلسات التى وصلت إلى حلول لكثير من القضايا، لكنها للأسف لم يتم تنفيذ أي منها، كما أننا كعرب لدينا مبادرة سلام عربية طرحت منذ أكثر من 17 عاما، وهى مبادرة أرى أنها متقدمة وواقعية وعملية للغاية، وتستند على مبدأ العالم كله وافق عليه وهو الأرض مقابل السلام، وقام العرب بطرح المبادرة لحل الصراع بالكامل من خلال تطبيع وسلام كامل مقابل انسحاب كامل، لكن للأسف الشديد لم نجد أى حركة تحرك هذه المبادرة".
وأضاف محمد إبراهيم " أننا أمام موقف إسرائيلى يبتعد كثيرا عن توجهات السلام ويرتكز على تأييد أمريكى واضح، ويمتلك أدوات للحفاظ على هذا الموقف فى مواجهة موقف فلسطينى أضعف لا يمتلك أى أدوات، سوى مناشدة المجتمع الدولى بالتدخل، وبالتالى فإن الفلسطينيين يتحركون سياسيا وقانونيا لكن على الأرض لا توجد أى نتائج لهذه التحركات"، لافتاً إلى أن الموقف الإسرائيلى يمكن تلخيصه فى 5 نقاط، فمنذ توقيع اتفاق الخليل المنبثق عن اتفاق أوسلو فى 1997 لم يحدث أن تحركت إسرائيل ولو لسنتيمتر واحد من الأراضى الفلسطينية، كما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أسقطت من أجندتها بالكامل حل الدولتين الذى تم الموافقة عليه دوليا، كما أن إسرائيل تركز فى تحركاتها بالمنطقة العربية على قواسم مشتركة مع العرب مثل الإرهاب وأنها قريبة من المحور السنى فى مواجهة المد الإيرانى بالمنطقة لتقفز على أى حل، وأن إسرائيل حاولت التعامل مع مبادرة السلام العربية بشكل معكوس، وقالت أعطونى التطبيع الكامل أولا ثم أفكر فى الانسحاب، كما أن هناك اتجاها إسرائيليا واضحا، لضم بعض أجزاء الضفة الغربية، التى تساوى 60% من مساحة الضفة، وهنا يتفق نتانياهو رئيس حزب الليكود، وبنى جانتس، رئيس الحزب المنافس، فكلاهما يتخذ نفس المواقف المتشددة".
وأشار اللواء محمد إبراهيم فى كلمته إلى الموقف الفلسطينى، وقال إن الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن مازال يمثل محور الاعتدال والتوازن فى المنطقة والمنظومة الفلسطينية، لافتاً إلى أن غيابه عن الساحة الفلسطينية والعربية سيؤثر سلبا على الاستقرار الفلسطينى وفى المنطقة، لأنه رجل سلام منذ توليه السلطة فى 2005، كما أن السلطة تعانى من وضع اقتصادى صعب للغاية، والسلطة للآن تقدم مبادرات سلام وتحرص على أن يكون محور التحرك فى المرحلة المقبلة، وتدعم هذا التوجه بعيدا عن العنف والمقاومة، لأن أبو مازن لا يتحدث عن المقاومة، ورغم استمرار المشاكل بين إسرائيل وفلسطين، إلا أن التنسيق الأمنى بين السلطة وإسرائيل لايزال قائما.
وتحدث اللواء محمد إبراهيم عن الوضع فى قطاع غزة، وقال إنه يمثل القنبلة الموقوتة التى قد تفنجر فى أى وقت فى وجه الجميع، وقال " هنا نأتى للموقف المصرى الذى تحاول احتواء القطاع وتأمين الحدود وتحريك المصالحة الفلسطينية والتدخل للتهدئة وعدم انفجار الموقف بين إسرائيل وحماس، وهذا جهد مصرى لا تستطيع أى دولة أخرى فى العالم أن تبذله"، مؤكداً فى الوقت نفسه أننا "أمام شعب فلسطينى فى الداخل قوامه أكثر من 5 ملايين فلسطيني، وكل ما يريدونه دولة فلسطينية، مستقلة على حدود 1967، والتى تمثل 22% من مساحة فلسطين التاريخية".
وحول الموقف الأمريكى من القضية الفلسطينية، قال اللواء محمد إبراهيم " علينا أن نعيد قراءة الموقف الأمريكى الذى بدأ متقدما للغاية بعد حرب 1967، فلم يعترفوا بأى عمل انفرادى لإسرائيل فى القدس، وكانوا شريكا كاملا فى المفاوضات ثم حدثت النقلة النوعية وتحول من شريك كامل إلى اللاشريك من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، مشيراً إلى أن مستقبل القضية، فى ضوء ما طرح شديد الصعوبة والتعقيد ولا أمل فى المدى المنظور، وقال "عندما نتحدث عن صفقة القرن، نحتاج إلى طرح عدد من الأسئلة حولها، منها هل ستؤدى لاستقرار المنطقة والحفاظ على أمن فلسطين وإسرائيل ومعالجة قضايا الوضع النهائى، وهل الفلسطينون بحاجة فقط للسلام الاقتصاد أولا؟.. فكل ما يأتينا من تسريبات يؤكد أنها صفقة غير مطمئنة".
وأضاف اللواء محمد إبراهيم " إذا كانت الصفقة متماشية مع الموقف العربى الفلسطينى نقبلها وعكس ذلك لن تقبل ولن يجرؤ أحد على تنفيذها"، مشدداً على أنه لا يوجد للقضية إلا حل سياسى، لأنه لا يوجد حل عسكرى، لافتا إلى أنه من الآن وحتى تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، علينا التفكير فى بدء مفاوضات فلسطينية إسرائيلية جديدة بمعايير خمسة، وهى عدم وجود شروط مسبقة، ووجود رعاية دولية يمكن الرجوع إليها عند حدوث أزمات، وأن كل المرجعيات المسبقة بدءا من القرار 242 تندرج، وأن المفاوضات تناقش جميع قضايا الحل النهائى الثماني، وأن يكون للمفاوضات وقت زمنى حتى لا تأخذ وقتا طويلا.