• صدق أو لا تصدق، ففي 179 شارع الجيش بباب الشعرية بوسط القاهرة يرقد أقدم أطلس جغرافي لمصر، وأقدم جهاز عرض سينمائي، ولوحة عمرها 100 عام بخط شيخ الخطاطين، وأشياء أخرى لا تقدر بمال ولا ثمن!
فهذا العنوان هو "مدرسة خليل أغا السلحدار" بباب الشعرية، والتي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1923 فى عهد الملك فؤاد الأول، وأنشأها خليل أغا، وأمين باشا أغا، ووالدة الخديو إسماعيل السيدة خوشيار قادن؛ حيث تعتبر المدرسة تحفة معمارية، إلا أن مقتنيات المدرسة من التحف لا تقدر بمال، ففي المكتبة يوجد أقدم أطلس جغرافي لمصر صدر سنة 1927، وأشرف عليه حسين باشا سري رئيس الوزراء فيما بعد، وكذلك أقدم جهاز عرض سينمائى بمصر والشرق الأوسط.
والأهم من كل ذلك لوحة تاريخية عمرها يزيد على مائة عام وضعت داخل المكتبة كتبها الشيخ على الشريف شيخ الخطاطين فى وصف الرسول "عليه الصلاة والسلام"، وأسماء الخلفاء الراشدين مزخرفة بماء الذهب، وهى مسماة بـ "الحلية الشريف"، بالإضافة إلى عدد كبير من اللوحات النادرة كتبت عليها بخط الثلث أبيات شعرية ودينية، كما تحتفظ المدرسة بمجلد علم 1904 لنصوص أعداد جريدة "الوقائع المصرية" أقدم صحف العالم والتى صدر العدد الأول منها في 3 ديسمبر 1828.
وبرغم كل ما سبق، فإن النص التأسيسي للمدرسة القابع في المخزن هو الآخر تحفة أثرية لا تقدر بثمن؛ فهو عبارة عن ثناء ومدح لمشيد المدرسة "خليل أغا السلحدار" بخط عربي على لوحة رخامية مستطيلة الشكل ذات أرضية زرقاء، وجميع ما خط عليها مطلي بالذهب؛ حيث يرجع تاريخ هذا السند إلى عام 1290 هجرية، بالإضافة إلى لوحة أخرى كتب عليها بالخط الكوفي: " إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ".
• مع بدء شهر سبتمبر من كل عام يترقب أهالى مدينة بورسعيد موسم السردين والسمان، والذي كان يفيض خيرًا في العقود الماضية قبل أن يتراجع فى السنوات الأخيرة، مما أتاح الفرصة لاستيراد السردين المجمد من المغرب واليمن وإقامة آلاف المزارع لتربية السمان، ولا ينسى الأجداد والآباء ببور سعيد العصور الذهبية لصيد السردين والسمان خلال شهر سبتمبر من كل عام، وارتباط السردين تحديدًا بموسم فيضان النيل؛ حيث يهاجر من شواطئ إيطاليا وأسبانيا وجزر البحر المتوسط، ومن بينها السردين إلى شواطئ بور سعيد بحثًا عن طمي النيل المنصرف للبحر المتوسط.
لقد كان موسم صيد السردين حتى الستينيات بالنسبة للصيادين كموسم القطن للفلاح؛ حيث ارتبطت مشروعات الزواج وشراء الأثاث الجديد وملابس الأولاد، وحتى سداد الديون بحصيلة بيع السردين، وكانت كل عائلات بور سعيد على اختلاف حالتها المادية تأكل السردين بشكل يومي، وتنوعت أشكال تناوله ما بين المشوي (صاج وبلاطة)، والمقلي والمملح والطلياني، وكانت بورسعيد تصدر السردين إلى كل محافظات مصر؛ سواء كان طازجًا أو مملحًا، وكانت له عربات خاصة تنقله من الميناء إلى الأسواق والمخازن التي يعد فيها، وكان الصبية الصغار يجرون وراء هذه العربات لكي يجمعوا ما يتساقط منه، وكان كل صبي يستطيع جمع ما يشبع عائلة كاملة، وكانت كل الأفران تعج بالزبائن، ومن يريد أن يشوي في الصاج، ومن يريد أن يشوي على البلاطة كل حسب ما تعود، ووصل الأمر إلى ذروته حين كانت النقود الورقية المتداولة بين الناس بالمدينة تكتسب كلها رائحة السردين، لقد كان موسمًا للخير يعم الجميع، ولكنه ذهب مع حجز مياه الفيضان خلف السد العالى.
• لكل عصر رجاله فهناك من يأتي بجوقة من التابعين يروجون لبضاعته الكاسدة، يأتي ليشتري الأنفس والذمم، يلوح بأمواله وخيراته، فينحني أمامه الطامعون ويلهثون خلفه، ويقبلون أقدامه، ويلعقون أياديه، ويتصارعون على فتاته ليستمتع بإذلالهم، ويلهو بأحلامهم ويقايضهم على واقعهم؛ لينتزع منهم المبايعة للتحكم في مصائرهم والقضاء على الجميع، أراه متجولا بين مناحي حياتنا تارة رياضية وأخرى فنية وثقافية آتية لتمحو هوية أجيال، يمارس دوره في بلدنا وكأنه مفوض من جهات غير معلومة لزرع الفتنة والشقاق والكراهية بين الجميع، والغرابة أنه يتجول بأريحية عجيبة بلا رادع أو رقيب، وشيد أمام الجميع مسرحًا للعبثية، والتطاول باسم الاستثمار؛ فأي استثمار هذا؟ وهل من مآرب أخرى خافية لا نعلمها؟ وهناك مثل شعبي يقول: "العينة بينة"، فمن يفسد في مجال يفسد في جميع المجالات، وهل هناك من منحه حق إدارة هذه المجالات، وبأي صفة؟ الرجاء الأخير أن ينتبه الجميع إلى ما هو آت نحن نقرع الأجراس، ولكن لا نستطيع إيقاف كارثة قد تنال من الجميع اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.