Close ad

"المنيل السعيد".. و"الشرق التعيس"

1-9-2019 | 13:11

مصر أم الدنيا.. لم تأت من فراغ، وبرغم أنه وللأسف الشديد هناك الكثيرون من المصريين يتهكمون على هذه العبارة ولا يعرفون قيمتها.. إلا أن أبناء الشرق الأوسط التعيس يعرفونها جيدًا خصوصا وقت الشدة ووقت الضيق والنزاعات والحروب الأهلية كالتي تشهدها عدة دول عربية وشرق أوسطية منها طبعًا سوريا واليمن وليبيا وعدة دول في القارة السمراء.. ومن قبلهم العراق..

ونذكر جميعًا ما حدث عقب غزو صدام حسين للكويت.. ما علينا.. مصر الأم تفتح ذراعيها لأبنائها من جميع أنحاء الشرق الأوسط التعيس.. راعية وحامية ولا تعرف في مصر كلمة لاجئين ولا مخيمات، وآخر الإحصائيات لعدد الأشقاء اللاجئين أظهرت أن العدد يتجاوز العشرة ملايين وهو رقم لو تعلمون ضخم.. ومنهم لاجئو الشعب اليمني الشقيق وهم يعيشون في حضن الأم وسط المصريين نسيجًا واحدًا.. لا تستطيع التفرقة بينهم وبين المصريين إلا بعد الحديث معهم لعدة مرات ومن يرتدي منهم الزي اليمني المميز..

بعد اندلاع الحرب الدائرة إلى الآن في اليمن خرج الآلاف منهم إلى مصر وبعضهم ميسور الحال والآخر يعيش على التبرعات.. بعضهم أحضر أسرته معه هربًا من أصوات المدافع والرشاشات والخراب والدمار والكارثة الإنسانية والتي تعد الأسوأ في العالم.. جاءوا بحثا عن حياة لائقة وآمنة وجدوها في مصر.. بعضهم جاء من أجل العلاج بعد أن فقد الأمل في الحصول على علاج في بلاده التي دمرتها الحروب والنزاعات وآخرون جاءوا من أجل تعليم أولادهم في المدارس والجامعات المصرية والبعض الآخر جاء بحثًا عن عمل.. والبعض من ميسوري الحال جاءوا للاستثمار..

وحسب المفوضية السامية للاجئين غادر اليمن 200 ألف شخص بسبب النزاعات مصر استقبلت الغالبية العظمى منهم.. يشيد أغلبهم بتعامل المصريين معهم وأنهم لا يشعرون بالغربة؛ بل يؤكد بعضهم الرغبة في البقاء في مصر.. ما دفعني لكتابة هذا المقال هو انتشار المطاعم اليمنية بشكل كبير ولافت للنظر في أغلب أحياء القاهرة والجيزة.. وخصوصًا حي منيل الروضة، وهو معروف للإخوة اليمنيين؛ لأنه قريب من المستشفيات والأطباء وأيضًا من جامعة القاهرة ووسط البلد.. وأنت متجه إلى المنيل وفي نهاية كوبري الجامعة ستواجهك لافتات المطاعم اليمنية والمقاهي.. اليمن السعيد.. انتقل إلى المنيل وأسعده بالضرورة وإذا قمت بالسير على الأقدام في شارع المنيل ستشعر بأنك في صنعاء بمنطقة الصياد أو في شارع الستين أو باب اليمن.. وطبعًا لا أحد يتذمر أو يشتكي..

ما دامت مصر أم الدنيا.. ستظل الملاذ لكل أشقائنا من كل الدول العربية وخصوصًا تلك التي حولتها ثورات ما يسمى بالربيع العربي إلى خريف وخراب ودمار.. يقول أحد الأشقاء اليمنيين المقيمين في منطقة المنيل.. (منذ أن جئت إلى مصر وحالي كباقي المصريين أفرح لفرحهم وأحزن لحزنهم الأسعار ارتفعت، ولكن المتابع للوضع سيجد أن تلك الأسعار على مستوى العالم كله.. وأن الحياة والمعيشة في مصر هي الأنسب بالنسبة لظروفنا والأرخص ويكفي أنني لا أشعر بالغربة، وصار لي الكثير من الأصدقاء المصريين والجيران والأحبة.. فعلا مصر أم الدنيا)..

والكثيرون لا يعرفون أن هناك ما يُعرف باللجنة الطبية في مصر لخدمة المرضى اليمنيين القادمين إلى مصر للعلاج أسسها أحد الأطباء اليمنيين الذي درس وعاش في مصر ويقول عن تجربته في مصر: (مصر حقيقة أم الدنيا فى الوقت الذي تغلق فيه الدول العربية أبوابها في وجهنا مصر تفتح ذراعيها لنا، بالإضافة إلى أن المصريين يتعاملون معنا أحسن معاملة وكأنهم إخواننا من نفس الدم، وأكثر الجوانب الإيجابية التي أراها يومياً من المصريين هي تعامل المستشفيات والأطباء مع المرضى اليمنيين؛ حيث يبادرون بتقديم المساعدات، بالإضافة إلى مراكز الأشعات والتحاليل والتي تقدم تخفيضات للمرضى إلا أننى لا أنكر بعض السلبيات الموجودة مثل جشع بعض الأطباء والذين يتقاضون مقابل الكشف فى عياداتهم الخارجية من المصريين مبلغ 400 جنيه، ويطلبون من اليمنيين ألف جنيه باعتباره أجنبيًا)..

مصر تُرحب بكل الأشقاء وبالنسبة لليمنيين تم استثناء الرجال من هم دون الـ 20 عامًا وفوق الـ 40، والنساء تم استثناؤهم من شرط الحصول على تأشيرة الدخول وعدة تسهيلات أخرى منها السماح لليمنيين المقيمين في دول الخليج لمن هم فوق سن الـ 45 عاما بدخول مصر للعلاج دون تأشيرة دخول مسبقة بشرط تقديم التقارير الطبية.. بالإضافة إلى السماح لمرافقي المرضى اليمنيين القادمن من أي دولة في العالم بدخول مصر دون تأشيرة مسبقة إذا كانت أعمارهم فوق الـ 18 عامًا وأقل من 45 عامًا.. أما بالنسبة للطلاب الراغبين في القدوم إلى مصر للدراسة فعليهم تقديم ما يفيد قبوله بإحدى الجامعات المصرية؛ سواء الخاصة أو الحكومية.. مصر تُرحب بكل الأشقاء.. ونتمنى أن يعود اليمن سعيدًا، وأن يعود آمنا ومستقرًا وأن يعود كل يمني في الشتات إلى وطنه، ونتمنى نفس الشيء لإخوتنا الليبيين والسوريين.. وستظل مصر أم الدنيا.. والله المستعان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة