أكذوبة دولة مكتب الإرشاد المدنية

21-6-2019 | 23:32

منتهى العته الفكري أن تجد من النخبة السياسية والثقافية من يرون أن حكم مكتب الإرشاد لمصر كان حكمًا مدنيًا ديمقراطيا تم الانقلاب عليه، ويسيرون كالقطيع خلف الآلة الدعائية الإخوانية مرددين نفس الشعارات والجمل، دون أدنى تفكير، ربما يكون مرسي أول رئيس منتخب بعد الثورة... "برغم أن هناك الكثيرين الذين يشككون في نزاهة الانتخابات، واستباق جماعة الإخوان بإعلان نتيجة الانتخابات قبل إعلانها رسميًا.. وتهديدهم المعلن إذا جاءت النتيجة مخالفة لما أعلنوه"

الرئيس المدني ليس من ارتدى "بدلة" مدنية أو أنه كان يعمل بوظيفة مدنية، وأذكر أن هناك من طالب مرسي بإعلانه الخروج من جماعة الإخوان، وفك البيعة التي في عنقه لجماعته، وهو ما لم يحدث، فقد كان يحكمنا بالفعل مكتب إرشاد جماعة الإخوان طوال فترة رئاسة محمد مرسي.. فالدولة المدنية هي دولة لا عسكرية ولا دينية.

مات مرسي ولن يعود إلى كرسي الرئاسة يومًا واحدًا ولا ساعة واحدة ولا دقيقة واحدة، لكن حازت الجماعة شارة جديدة يمكنها أن تضم إلى ذخيرة الموت الذي تعتز بعلاقتها به، فبعد الإمام الشهيد والمفكر الشهيد أصبح هناك بالنسبة لها الرئيس الشهيد.

وبرغم مطالبة الجماعة للجميع في خطابها الدعوي التقليدي بعظة الموت، يبدو لي أنها الطرف الوحيد الذي لا يتعظ به في غمار صراعها المستميت على السلطة، وهو صراع ظل عبر قرن كامل يكرس باتجاه نشر العنف باسم الشريعة، وممارسات التلاعب بالدين، وتقديم الحجة الجاهزة للتسلط والديكتاتورية، وتعظيم مخاطر التدهور والإرهاب.

صراع الجماعة السلطوي الاستشهادي ظل يعمل طيلة قرن كامل تقريبًا على عرقلة وتقويض كل نضال مصري مدني؛ من أجل الدولة الديمقراطية والحريات الفكرية، والسياسية والحقوق الدستورية والقانونية، ثم إن (مرسي مش راجع القصر)... الواقع الذي أربك الإخوان وحساباتهم ... من ساعة إعلان خبر وفاته، وقنواتهم في حالة انهيار تام ليس حزنًا على مرسي، ولكنه أقرب بحزن على مصدر رزقهم وبضاعتهم التي كانوا يجمعون بها عبيدهم...

الناس التي تأكل عيش على حس عودة مرسي والقضية التي بنوها على أساس وهم الشرعية ـ اتهدت من أساسها ـ وبالتالي سوف تسد مجاري التمويل والأنظمة التي كانت تعمل على عودة مرسي سوف يتغير موقفها بتغير الواقع، ولهذا شاهدنا هستيريا إسطنبول والدوحة وغلمانهما في عزف أنشودة المظلومية التاريخية، ثم يقولون ما لا يفعلون؛ لم يترحموا على عبدالناصر أو السادات... يلعنون الأول، واغتالوا الثاني ولكيلا نكون مثلهم يجب أن نتحلى بأخلاقنا وأخلاق ديننا ونحتمي بقيمنا الإنسانية، ونسقط خصومتنا الشخصية عندما يحين الموت، ويتولى رب العالمين أمر الشخص، ولن يفيد دعاؤنا في زيادة لعنته، أو تزيد دعواتهم في مزيد من النعيم في الجنة؛ لأننا أمام القاضي العدل.

إنها اللحظة التي نترحم فيها على شهداء الوطن من الجنود والضباط والمدنيين الذين سقطوا بأيدي الإخوان... وندعو لمصر ونرفض كل المزايدات التي تصف الخائن بالشهيد، وتضع من ثاروا عليه في خانة الانقلابيين، وألا ننجر خلف قوالب وشعارات بلا جدوى أو مضمون حقيقي على الأرض مثل أول رئيس مصري منتخب أو مدني منتخب وفقًا لكتالوج اختيار الرئيس على الطريقة الغربية؛ لأنهم في الغرب ينتخبون ويختارون رؤساءهم دون النظر إلى خلفيتهم مدنية كانت أم عسكرية.

رحم الله شهداء الوطن ـ من رجاله الشرفاء ـ جيشًا وشرطة ومدنيين.. رحم الله من بذلوا حياتهم دفاعًا عن وطن ليس حفنة تراب..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصر الغريبة بأسمائها

الزائر لمصر لأول مرة لن يصدق أنه في بلد عربي لغته العربية فمعظم الأسماء للمحال والشوارع والمنتجعات، بل الأشخاص ليس لها علاقة باللغة العربية وباتت القاهرة

مصر تخطت الفترة الانتقالية

جاء حين على مصر كانت شبه دولة عندما تعرضت لهزة عنيفة ومحنة سياسية واقتصادية قاسية، عقب ثورتين تخللتهما موجات إرهابية تصاعدت فى ظل غياب وانهيار لمؤسسات

ثوار ما بعد الثورة

لابد من الاعتراف بأن كل ما في مصر الآن نتيجة مباشرة لأحداث ٢٥ يناير بحلوه ومره، فأي إصلاح هو ثمرة مباشرة لشجاعة ووعي ودماء شرفاء سالت لتحقق حلم الأمة في