عاد محمد عيد إلى قريته، بنجع حاجر الجبل التابعة لمركز الوقف في محافظة قنا، ليراها بشكل مختلف، فالقرية الصغيرة التي ترعرع فيها لطالما داعب تصميمها المحاط بالأراضي الزراعية مخيلته، محاولا تحسس شوارعها ببصيرته، فقد خرج منها كفيفا وعاد إليها مبصرا.
موضوعات مقترحة
محمد عيد هو ثاني الأشقاء الثلاثة فاقدي البصر، الذي يرتد إليه بصره، بعد أن أجريت له عملية جراحية ناجحة، ليلحق بأخيه جابر، الذي أبصر هو الآخر بعد عملية ناجحة منذ عدة أشهر، مكنته من الامتحان هذا العام في لجنة امتحانات الثانوية في مدرسة الأمل للمكفوفين، وهو مبصر بعين واحدة.
الأشقاء الأكفاء بقنا البيت لا يخلو من الزائرين والمهنئين، من الأقارب وجيران القرى المحيطة ومن المعارف، مشهد يتراقص معه القلب فرحا عند رؤيته، وتزداد الطمأنينة في نفس الأم عايدة أحمد توفيق، لتسجد شكرا لله، على عودة بصر اثنين من فلذات كبدها، داعية الله أن تكتمل فرحتها ويبصر ابنها الثالث "عطيت الله" الشهير بـ"عبدالله".
تزوجت الأم وهي في الثالثة عشرة من عمرها، ورزقت بـ3 أبناء أشقاء جميعهم فاقدو البصر، ونالت بصبرها إبصار اثنين منهم، لتعيش الآن لحظات توزيع الحلوى على المهنئين فرحا بإبصار محمد.
وانفردت "بوابة الأهرام" بنشر قصة الأشقاء الثلاثة فاقدي البصر، الذين يعملون في الزراعة، ويحملون حشائش الأرض، يقومون بتسميدها، وينزلون إلى الآبار العميقة ويبيتون في الخلاء لحراسة الأرض دون خوف من ذئاب أو كلاب أو حتى الأفاعي.
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كان قد كلف وزارة التضامن الاجتماعي ببحث حالة الأشقاء الثلاثة لصرف معاش "تكافل وكرامة"، بالإضافة إلى صرف معاش لوالدهم المريض، فضلا عن علاجه على نفقة الدولة.
الأشقاء الأكفاء بقنا كما كرم اللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، الأشقاء الثلاثة بعد نشر "بوابة الأهرام" قصتهم، وذلك في اليوم العالمي للمعاق، مشيداً بمجهودهم الخارق في العمل الشاق رغم إصابتهم بالعمى، مؤكداً أن الدستور المصري كفل رعاية ذوي الإعاقة، والعمل على تأهيلهم وحصولهم على كافة حقوقهم، فيما اتخذت مديرية التضامن الاجتماعي في قنا إجراءات لإلحاق الأشقاء بمعاش تكافل وكرامة وبرنامج الرعاية الاجتماعية.
"محمد" الشاب حديث العهد بالبصر أكد لـ"بوابة الأهرام" أنه يدين بالفضل للصحافة، التي لولاها ما عرفت مصر ولا دول العالم بحالتهم، ومعربا عن شكره لمؤسسة "صناع الخير" للتنمية هي التي تكلفت بكافة مصروفات العلاج، ومقدما الشكر للدكتورة رانيا صبحي على إجرائها هذه الجراحة الناجحة في مدة 7 ساعات.
وأوضح محمد عيد، إجراء عملية زرع قرنية له في عينه اليسرى، متمنيا أن تكتمل فرحتهم بإجراء عملية جراحية لشقيقه "عطيت الله" – الشهير بـ"عبدالله "- ليتمكنوا جميعهم من مواصلة العمل في الزراعة وقد أبصروا.
وكان الشقيق الأصغر "جابر"، قد أبصر منذ عدة أشهر، وأكد لـ"بوابة الأهرام" –وقتها- أن نعمة الإبصار لا تعادلها نعمة في الكون، مشيرا إلى أن أول شخص أبصره كانت الطبيبة المعالجة الدكتورة رانيا صبحي أستاذ الرمد بقصر العيني.
وأوضح أن عمليته الجراحية كانت غير سهلة على الإطلاق، فقد كان يعاني انعدامًا للرؤية.
الأشقاء الأكفاء بقنا وأشار هاني عبد الفتاح، المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الخير للتنمية، إلى أن المؤسسة تكفلت بتكاليف العملية كاملة، بدءًا من الانتقال من قنا إلى القاهرة والعكس وحتى إجراء العملية لحالة "جابر"، وموضحا أن دعم أهل الخير من المتبرعي للمؤسسة، كانوا خير سند لحالة جابر حتى استطاع أن يرى من جديد، لافتا إلى استيراد نوع معين من القرنيات لتلائم حالة جابر.
وكان برنامج مصر النهاردة المذاع على القناة الأولى المصرية، قد استضاف الأشقاء الثلاثة، وفي مداخلة للمستشار الإعلامي لمجلس الوزراء، هاني يونس، أكد "أن هذه النماذج ننحني لها تقديرًا واحترامًا، لأنها تعطي الأمل في غد أفضل".
وأشار يونس، إلى أن هؤلاء الأشقاء نماذج لعدم الاستسلام، رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها، وأوضح –وقتها- أن الأشقاء سيتم ايصالهم بجمعيات المجتمع المدني لإعطائهم المساعدات اللازمة.
الأشقاء الأكفاء بقنا