أظهرت المؤشرات نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، استمرار الأحزاب الرئيسية المؤيدة للاتحاد الأوروبي في الحصول على غالبية المقاعد في البرلمان، فيما ظهرت بعض الأحزاب الشعبوية التي اكتسبت بعض المقاعد الإضافية في البرلمان.
موضوعات مقترحة
وقالت ياسمين أيمن، الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن البرلمان الأوروبي يعتبر واحدا من أهم المؤسسات السبعة المكونة للاتحاد الأوروبي، ويتكون بالأساس من 751 مقعدا، مقسمين بين الدول الأوروبية وفقا للتعداد السكاني لكل منها، وتأتي ألمانيا كأكبر كتلة تصويتية، وصاحبة أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان، والبالغ 96 مقعدا، وبالرغم من أن تشريع القوانين يكون من نصيب المفوضية الأوروبية، إلا أن البرلمان الأوروبي يختص بالتصديق على تلك القوانين، ويقر ميزانية الاتحاد الأوروبية والاتفاقيات التجارية، وهذا في حد ذاته يشكل خطرا على الاتحاد الأوروبي في ظل تصاعد أحزاب شعبوية داخل بلدان أوروبية عدة.
أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية
وأضافت الباحثة، "في انتخابات عام 2014، حاز حزب الشعب الأوروبي، والذي يمثل يمين الوسط على أكبر كتلة تصويتية، فأدار البرلمان بطريقة ائتلافية مع أحزاب يسار الوسط وأحزاب الوسط، إلا أن تصاعد أصوات الأحزاب الشعبوية داخل دول أوروبا من الممكن أن يؤثر على طبيعة البرلمان، فاستقالة تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا، دعم فوز نيجيل فاراج، زعيم حزب البريكست في البرلمان الأوروبي، بالإضافة إلى تشكيل تحالف يضم حزب البديل الشعبوي في ألمانيا، وحزب نائب رئيس وزراء إيطاليا سالفيني، وحزب ماريان لوبان في فرنسا إلى جانب رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يدير حزب فيديسز الشعبوي، وهو ما يقود لوجود قوي للأحزاب الشعبوية داخل البرلمان الأوروبي؛ مما سيعرض الاتحاد لهزة قوية في سياسته وخاصة تجاه الهجرة، التي تعد القوام الأساسي لقيام تلك الأحزاب الشعبوية الرافضة لاستقبال مزيد من اللاجئين والمهاجرين".
ايمانويل ماكرون وزوجته يصوتان في الانتخابات الأوروبية
وتابعت: "بالإضافة إلى قضايا اللجوء والهجرة والسياسات المتشددة التي من المتوقع فرضها، ستكون هناك انقسامات داخل دول أوروبا بسبب طريق الحرير الخاص بالصين، وكذلك بشأن فرض عقوبات اقتصادية على روسيا".
مارين لوبان قادة المعارضة في فرنسا
فيما ترى آية عبدالعزيز، الباحثة بالمركز العربي للبحوث والدراسات والمتخصصة في الشئون الأوروبية، أنه وفقًا للنتائج التي نشرت حتى الآن للانتخابات، التي استمرت على مدار أربع أيام، شاركها فيها أكثر من 400 مليون مواطن أوروبي، فإنها مثلت ردة فعل قوية من قبل المواطنين الأوروبيين على السياسات التي انتهجها بعض القادة في الآونة الأخيرة التي انعكست عليهم بشكل سلبي، وهو ما تجلى في النموذج الفرنسي؛ حيث فاز حزب اليمين المتطرف في الانتخابات بقيادة ماري لوبان، التي طالبت الرئيس الفرنسي بـ"حل البرلمان، وتغيير نظام الاقتراع النسبي في فرنسا"، الأمر الذي يعد انتكاسة كبيرة للحزب الحاكم، كما أنه يعبر عن استمرار حالة الغضب وعدم رضا الفرنسيين عن سياسات الرئيس "إيمانويل ماكرون" رغم سعيه لتبني سياسات إصلاحية من شأنها خدمة المصالح الوطنية للفرنسيين على الصعيد الداخلي والخارجي.
إلى جانب تقدم القوى السياسية الداعمة للحفاظ على البيئة فقد احتل "حزب الخضر" في ألمانيا المرتبة الثانية، خلف حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وفي فرنسا احتل المركز الثالث بنسبة بلغت 12%، وعليه من المتوقع أن تساهم هذه النتائج في مسار عملية صنع واتخاذ القرار داخل البرلمان بشكل نسبي، مقابل تنامي تأثيرها على المستوى الداخلي بشكل كبير.
ماتيو سالفيني نائب رئيس وزراء إيطاليا
وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي الآن أمام مشروعين أوروبيين الأول بقيادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الداعم للوحدة الأوروربية، والمشروع الثاني بقيادة زعيم حزب الرابطة الإيطالي ماتيو سالفيني، الداعم للحمائية وتنامي السياسات القومية، وبالتالي تعد نتائج الانتخابات رسائل قوية موجهه إلى القادة الأوروبيين لإعادة النظر في تواجهاتهم وسياساتها الداخلية والخارجية بما يتوافق مع المصالح الوطنية الخاصة بالأوروبيين.
المؤشرات الأولية لنتائج البرلمان الأوروبي
وأشارت الباحثة، إلى أنه مع حصول الشعبويين على ما يقرب من 25% من المقاعد داخل البرلمان، فبالتالي لن يتمكنوا من الوصول إلى المناصب العليا فيه، وبالرغم من التقدم الذي أحزته القوى اليمينية إلا إنهم لن يستطيعوا التأثير بشكل حاسم على القرار الأوروبي، وذلك يرجع لعدة أسباب منها إنهم حتى الآن غير مُوحدين تحت مظلة واحدة، علاوة على أنهم غير متوافقين حول الملفات المثارة مثل الهجرة واللجوء، إلى جانب تراجع الثقة بينهم فيما يتعلق بسياسات التعاون والتنسيق المشترك.
انتخابات البرلمان الأوروبي