Close ad

مركز عالمي للسكر في مصر

17-4-2019 | 18:41

في مفارقة طريفة، اكتشف صديق لي إصابته بالسكر، فقد تطوع للذهاب مع صديق له إلى الصيدلية لشراء جهاز قياس السكر في الدم، ولكن صديقه خشي أن يوخزه الصيدلي في إصبعه ليريه كيف يعمل، فتصدى صديقي متطوعًا للوخزة، فتلقى الصدمة بأن "سكره عال"، فأسقط في يده!!

ومنذ ذلك اليوم، وصديقي يشجب ويدين اللحظة التي اكتشف فيها إصابته بالسكر، برغم أنها كانت في صالحه!!

والمؤسف أن كثيرًا من مرضى السكر لا يدركون أنهم مصابون بالسكر، فهناك مريض بين كل 4 أشخاص تجاوزوا سن الخمسين، يُضاف لهم حالات ما قبل السكر، أي: المعرضون للإصابة بالمرض وأعدادهم في المتوسط قريبة من أعداد المصابين.

ومن بين نحو نصف مليار مريض في العالم، تتفاوت التقديرات لدينا في مصر بين 8 و11 مليونًا، وهو رقم يضعنا ـ من دون فخر ـ ضمن قائمة أكثر الدول العشر الأكثر إصابة في العالم؛ حيث نحل سابعًا بعد 6 دول عربية هي الأكثر إصابة، وهي السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وعمان!.

وحتى نأخذ حذرنا، فإن الدولة التي تحتل المرتبة الأولى عالميًا، جزيرة صغيرة في المحيط الهادي اسمها "ناورو" عدد سكانها 15 ألفًا، جميعهم مصابون بالسكر! نتيجة اعتمادهم في غذائهم على أطعمة محفوظة تأتيهم كمساعدات دولية بما يوضح مخاطر هذا النوع من الغذاء، والوضع في بعض الدول العربية لن يختلف عن هذا المصير إذا ما استمرت على نمط حياتها الحالي.

وحتى نقف على الكلفة الاقتصادية لهذا المرض في مصر، فإنه كان يستنزف أكثر من 50% من ميزانية وزارة الصحة في عام 2015، بحدود 25.2 مليار جنيه؛ حيث كانت ميزانية وزارة الصحة آنذاك 48 مليار جنيه، فما بالنا اليوم بعد ارتفاع أسعار الدواء، علما بأن هذا المرض يكلف العالم 800 مليار دولار سنويا.!

من أجل ذلك تأتي أهمية موافقة جامعة هارفارد، من حيث المبدأ، على إنشاء فرع لمركز جوزلن للسكر في مصر، وهو أحد أهم مراكزها الطبية، وذلك بجهود هائلة يبذلها العالم المصري الدكتور أسامة حمدي، والذي يعمل أستاذًا للسكر والباطنة في هذا الصرح العالمي.

وحتى ندرك أهمية هذه الخطوة، فإن هارفارد تتربع على رأس جامعات العالم، وعدد الحاصلين من خريجيها على جائزة نوبل في الفروع المختلفة يربو على ١٥١ عالمًا في فروع العلم المختلفة! وكلية الطب بها يدور في فلكها العديد من المستشفيات العالمية الضخمة والمراكز الطبية المتميزة.

ومستشفياتها تعتبر دولًا في حد ذاتها، فمستشفى ماساتشوستس العام، الأول في أمريكا لعدة سنوات به ٤٥٠ قسمًا طبيًا ومركزًا بحثيًا، وميزانية أبحاثه سنويا نحو 1.7 مليار دولار! لذا فليس من الغريب أن يُثمر هذا المستشفى وحده عن٥٤٠ اختراعًا منها أسلوب التخدير الذي نستخدمه الآن في جميع العمليات حول العالم منذ عشرات السنين.

والمراكز الطبية المتخصصة - كمركز جوزلن للسكر الذي يعمل فيه العالم المصري منذ 21 عامًا - تساهم في وضع الأسس الطبية لعلاج أكثر الأمراض شيوعًا، فأبحاثها غيرت على مدار السنين كيفية معالجة هذه الأمراض، وأنقذت باكتشافاتها ملايين الأرواح، ومنها استخدام الليزر في كي شبكية العين في مرضى السكر، الذي أنقذ الملايين حول العالم من فقد البصر، كما أن الأبحاث الحديثة لهذا المركز في علاج السكر والسمنة والتغذية والتي يسهم فيها عالمنا المصري ستخفض تكلفة علاج المرض ومضاعفاته بنسبة ٤٤%.

وقد سعى العالم المصري حثيثا على مدار العامين الماضيين لإقناع جامعة هارفارد بالتعاون مع مصر، وها هو اليوم يزف لنا البشرى بأن ما كان حلمًا تمناه من قبل على استحياء أصبح يقترب من الحقيقة، فقد وافق أخيرًا مركز جوزلين من حيث المبدأ على التواجد في مصر بكل ثقله، ووافقت شركة بارتنرز العالمية والتي تدير أكبر مستشفيات هارفارد أن تساعد في إنشاء مستشفى تعليمي بحثي على غرار مستشفى ماساتشوستس العام الذي تديره، بل ومن المتوقع الحصول من كلية الطب جامعة هارفارد على المناهج الدراسية الطبية وتأهيل أعضاء هيئة التدريس على نفس مستواها لنمتلك بذلك أكبر وأفضل مدينة طبية في الشرق الأوسط لتنافس مباشرة على قدم وساق المراكز المماثلة في أوروبا وأمريكا، وهي خطوة بلا شك ستكون جاذبة للسياحة العلاجية بكثافة لمصر، حيث يوجد حاليًا 25 مليون مريض بالسكر في المنطقة العربية وحدها.

سيتكلف المشروع عدة مليارات من الجنيهات، ولكن كل جنيه يوضع فيه سيدر عشرات الأضعاف ربحًا. ويتمنى الدكتور أسامة حمدي أن تتكاتف الجهود، وأن يجد دعما كافيا لتحقيق هذا الحلم، فوجود أكبر مركز للسكر في العالم على أرض مصر، وأعظم مستشفى تعليمي، وأضخم جامعة طبية بالتعاون الدولي مع مؤسسات جامعة هارفارد، هو فعلا ما نستحقه ونتمناه.

ومن يدري، لعل قادم الأيام يجعل هذا الصرح الطبي حقيقة واقعة عما قريب، تضاف إلى المراكز الطبية العالمية في مصر، ومنها مركز الكلى في المنصورة، ومركز أسوان للقلب!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،

الأكثر قراءة