حللت على بينالي الشارقة الدولي للفنون، فلم أكن أعرف أني على موعد مع كل هذا الجمال وسأشرب الدهشة من بئر عميقة! أعلم أن لتلك الإمارة الهادئة المشيدة على ربوة عالية من الرزانة والتحفظ تملك خصوصية ثقافية تعهدها بالرعاية والسقاية الشيخ سلطان القاسمي، الذي لم يأت وصفه بـ "حاكم الشارقة وحكيمها" من فراغ. لكني لم أتوقع أن أجد البينالي منفتحا على الحداثة وما بعدها على هذا النحو، ويبدي كل هذا القدر من التسامح مع الحس التجريبي في الأعمال التشكيلية المعروضة.
كانت الشارقة بمثابة قبلة حانية في رحلتنا إلى الإمارات نحن الوفد الدولي المكون من نقاد وكتاب وإعلاميين جاءوا أساسا لتغطية فعالية أخرى هي "آرت دبي؛ قالت لنا الشارقة، فلتنسوا الإيقاع اللاهث وناطحات السحاب ومروق السيارات وانفجارات الصخب التي عايشتموها بدبي، ولتعرفوا أن للإمارات وجها آخر.. مرحبا بكم هنا حيث الطابع المعماري الأصيل وخرير الموج وصوت النوارس القادم من سماء الخليج.
صحبنا في جولتنا الفنية بالبينالي الصديقة سيزر والصديق غيث، سوريان يقفز الذكاء من عيونهما وتنفرط حبات المحبة لتسيل على كلماتهما. رأينا الحداثة والتجريب في أشد لحظاتها صخبا وحضورا؛ ملابس معلقة في الفضاء، وقرون شياطين على جدارية، مياه تجري حرفيا من تحت أرجلنا، شجرة محاطة بالتراب والثمار، ووحش خرافي أسود تحدده أضواء بيضاء!، مجرد نماذج من تكوينات تشكيلية غير مألوفة قد تتخذ من الفيديو آرت والهابننج آرت عنوانا، لكنها تظل محاولة جادة لسرقة الدهشة من عيونك!..
وللحديث بقية.