Close ad

أزمة المصداقية

27-3-2019 | 13:23

فى الوقت الراهن الذى تبنى فيه مصر مجدها لكى تصبح أم الدنيا أصبحت كل كلمة تقولها أو تكتبها محسوبة، فإما أن يُحكم بها عليك بأنك من المؤيدين الذين يجيدون الظهور فى كل المواقف، ولا يتركون غيرهم حتى ولو كانت حجتهم هى القوية، ويستطيعون إبرازها بشكل يقبله الجميع؛ حيث إن مثل هؤلاء المؤيدين أصبحوا عملة زائفة للجمهور؛ لا يعبر عنهم بصدق، ولم ولن يكونوا لسان حال الوطن، فأطلقوا عليهم معارضوهم "أهل التطبيل"..

وإما أن تكون من المعارضين الذين أصبحوا معادين لوطنهم وشعبهم ولأنفسهم، يخترعون القصص الزائفة، ويعظمون كل صغير، ويسفهون كل كبير؛ حتى يقتلوا الانتماء وحب الوطن عند شبابنا، وتجدهم فى قنوات فضائية خاصة لا تحمل إلا كل سوء، يظهرون فيها للسخرية من بلدهم والتحريض على مؤسساته، إلى أن يصل الأمر أن تجد زميلا فى العمل أو راكبًا فى السيارة أو جارك فى المنزل لا يرى إلا هذا السوء، فيردد ما يقولون دون تردد أو تفكير.

تأتى لتقول رأيًا أو تكتب مقالا بمصداقية يتضمن بعض الإيجابيات التى لا تخفى على أحد ولا ينكرها عاقل، فهى تتحدث عن نفسها فى كل مكان، كالمشروعات العملاقة فى مختلف القطاعات كالصحة والكهرباء والطرق وغيرها، تجد من ينظر إليك شزرًا ثم يهمس فى أذنيك "هوه انت هتطبل ولا ايه.. ياعم سيبك"..

هنا تجد الحقيقة والمصداقية مُتهمة بالتطبيل والتأييد الأعمى، الذى انفرد به أصحاب الظهور فى كل المواقف.. وعندما تأتى لتُعبر عن قطاع كبير من المواطنين يعانى من بعض الإجراءات الاقتصادية - التى أراها عاجلة - أو فساد بعض القطاعات أو عدم مرونة بعض المسئولين فى المحافظات المختلفة مع المواطنين، ليصل صوتهم لمتخذى القرار، تجد من يتهمك بالتخوين وعدم الانتماء لهذا الوطن؛ على الرغم من أن نقدك بناء وما تقوله يتسم بالشفافية والمصداقية.

كانت لى تجربة عملية فى هذا الشأن، حيث مرت وتمر بلادنا بفترة يسودها التشكيك والتخوين عبر القنوات الفضائية والسوشيال ميديا وبين المواطنين بعضهم بعضًا، لدرجة أننا كدنا نفقد الأمل فى العودة من جديد كوطن واحد.. فها نحن اليوم نرى العديد من الإنجازات، التي تحققت في السنوات القليلة الماضية، وعندما انتابتنى فكرة البحث عن وسيلة محايدة، لا تكذب ولا تتجمل، كما وصفتها وقتها، وهى برنامج "جوجل إيرث"، فما عليك إلا كتابة اسم المشروع المختلف عليه؛ من حيث وجوده على أرض الواقع أو المكان المراد البحث عنه في مربع البحث، ثم مشاهدة الموقع في الزمن الحالي، ومن ثم تحريك مؤشر التسلسل الزمنى للفترة الزمنية التي ترغب فيها لمشاهدة الموقع نفسه في تلك الفترة السابقة؛ حتى نخرج بهذه الوسيلة من هذا الجدل العقيم، ونثبت بالدليل القاطع - غير القابل للشك - وبكل مصداقية وشفافية، أن هناك إنجازات غير مسبوقة تتم فى هذا العصر دون غيره، وما إن عرضت الفكرة على البعض، إذ بالنظرات والهمسات فى الوقت الذى أبدوا فيه أعجابهم بها، إلا أن لسان حالهم يقول: "لا تشغل بالك كده.. إنت هتطبل" وقالها لى البعض صراحة، إلا أننى قلت لهم هب أننى طبيبا، ودخلت لأكشف على مريض فوجدته ممن لا يرتاح قلبى له أو بينى وبينه خصومة، هل أعالجه أم أتركه يموت؟.. قالوا لى عالجه فإن الطب رسالة إنسانية، فقلت لهم وإن كنت صحفيًا وأملك دليلا قاطعا لا يقبل الشك أو الجدل حول ما تشهده مصر من إنجازات فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى أقوله أم أكتمه لم يستطيعوا الرد!

هكذا أصبحت المصداقية فى عالمنا اليوم بين مطرقة "التطبيل" وسندان" التخوين".. فهل يغيب المعتدلون من أصحاب الرأى عن الساحة فى هذا الوقت حتى لا يُتهموا بإحدى الجريمتين التأييد الأعمى الذى لا يكون مرآة حقيقية لمتخذى القرار، أو المعارضة الغاشمة التى تهدم ولا تبنى، تخون وتشكك فى كل شيء ولم ولن ترضى إلا بوجهة نظرها فقط، أم أنهم سيفرضون وجهة نظرهم المعتدلة، فى مختلف المواقف، التى تتسم بالمصداقية والشفافية بمعطيات ومعلومات موثقة وصحيحة من مصادرها الرئيسية التى لا تقبل الشك؛ لكى تكون هناك صورة إعلامية صادقة بمثابة المرآة الحقيقية للواقع بعيدا عن التطبيل والتخوين وتعطى المثل لمثل هؤلاء.. كيف تُبنى الأمم بنقد بناء يعرف خطورة الكلمة وتأثيرها الإيجابى والسلبى على الوطن مع مراقبة حقيقية من الجهات المسئولة عن الإعلام بكل صوره؛ كالنقابات والهيئات لصيانة الكلمة، وتشجيع ودعم من يمتاز بالشفافية والمصداقية والنقد البناء؛ حتى لا يكون بيننا مؤيد "أعمى" أو معارض "أحمق" فيدمران أى أمة!.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
ثورة يونيو .. والوفاء بالوعد

مصر لا تنسى من يقف بجانبها، كما أنها لا تنسى من يقف ضدها وأقول لمن وقف ضد شعب مصر.. مصر هتبقى أد الدنيا.. اعملوا حساب اليوم ده وإن انتصار أكتوبر لم يكن

انتصار السوشيال ميديا على الإعلام!

لم تكن المرة الأولى أن يقع الإعلام بوسائله المختلفة فريسة للمعلومات الزائفة والمفبركة عبر السوشيال ميديا، حتى أصبح مستخدموها في سباق لإثبات ذلك عمليًا

الأكثر قراءة