تطورت أنواع الحروب إلي عدة أجيال لتلائم أهدافها المتغيرة، خاصة مع التطور التكنولوجي الرهيب الذي نعيشه، والذي أدي لتطوير تقنيات في الواقع الافتراضي لتتحول الحرب إلي حرب معلومات بدلاً من حروب المدافع.
موضوعات مقترحة
وتنقسم الحروب إلي أجيال كالتالي: الجيل الأول "جيشين نظاميين ومواجهة صاروخ ضد صاروخ"، ثم إلى "حروب الجيل الثاني العصابات"، ثم حروب الجيل الثالث وهي وقائية وسريعة وخاطفة ثم حروب الجيل الرابع و من أدواتها"الحرب النفسية، العصابات، شبكة الإنــترنـت وتغيير مفردات اللغة العربية إلى جانب الضغوط الاقتصادية، وتضم "اللعب في البورصة، زيادة الأسعار، أزمة الدولار، ضرب السياحة، تصدير الأزمات".
وتهدف حروب الجيل الرابع إلى زعزعة الاستقرار والتشكيك في الجيش والشرطة والقيادات السياسية وضرب الاقتصاد بضرب السياحة ونشر الشائعـات واستخدام التكنولوجيا في التنظيمات الإرهابية.
وحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن حروب الجيل الرابع والخامس تمثل قضية شديدة الخطورة على أمن مصر، مشيرًا إلى أن الأحداث التي شهدتها مصر منذ عام 2011 والتي كان هدفها هو تدمير أجهزة الدولة، كذلك شدد على خطورة تطور وسائل القتال في تدمير الدول والقضاء علىيها من خلال حروب الجيل الرابع والخامس والتي تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة ونشر الشائعات وتحطيم ثقة الناس في بعضها وقياداتها.
"بوابة الأهرام" حاورت الخبراء والمختصين لعرض رؤيتهم في كيفية مواجهة حروب الجيل الرابع...
الوعي وبناء الإنسان
يقول الدكتور محمد المرسي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، لكيفية التصدي لحروب الجيل الرابع، علينا إدراك أهمية الوعي وبناءة، لأننا بهذا ننظر إلى غد أفضل، حيث إن المشاركة الفعلية تبدأ من الاهتمام ببناء الوعي وهو الفهم والإدراك السليم ويأتي هذا من نشر المعرفة والخبرات الحياتية، وكذلك إعمال العقل وبالتالي نجد أننا أمام عملية عقلية يستطيع خلالها الإنسان أن يفهم ويدرك بشكل سليم ليحلل ويقارن لاتخاذ القرار السليم.
وأضاف أن الوعي لا يقتصر فقط على ما نعانيه من مشاكل خاصة بـ"الشائعات أو الحرب على الإرهاب، أو الانزلاق بالانضمام للفكر الإرهابي"، وإنما بالوعي الذي يشمل كافة جوانب حياتنا، فنحن بحاجة إلى أن نقوم ببناء الوعي لدى المرأة من كافة الجوانب الحياتية، وكذلك بناء الوعي لدى الطفل من ناحية الإرشاد والتعليم، وأيضا توعية الشباب كيف يفكر ويتخذ قرار سليم، فإذا أردنا التغيير والتطوير وانتظار غد أفضل علينا ببناء الوعي.
ولفت الدكتور محمد المرسي، إلى أن بناء الوعي مرتبط بـ "بناء الإنسان" عقليا وبدنيا وليس فقط مسئولية الإعلام وحده ولكن لابد من تكاتف وتعاون وتنسيق بين مؤسسات متعددة وهي: المؤسسة الدينية، المؤسسة الثقافية، المؤسسة التعليمية، الشباب والرياضة، والإعلام والذي له دور مهم من خلال نشر المعرفة والحقائق والاهتمام بتغذية العقل لما يتيح للإنسان أن يقارن ويحلل ويفهم ويتخذ القرار الصحيح، وكذلك يدرك إدراك صحيح، هذا بالإضافة إلى أن الوعي هو حائط الصّد أمام أي أفكار متطرفة أو سلوكيات منحرفة وبالتالي الرهان على الوعي.
قوى البعد الثالث
وتوضح الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسي والعسكري بجامعة الزقازيق، كان في الماضي نعتاد الحرب التقليدية بمواجهة الجيوش لبعضها البعض، ولكن بدأت حروب أخرى وهي ممارسات "قوى البعد الثالث"، وهي السيطرة على العقل كـ" السيطرة في التعليم ووسائل الإعلام" وهي التي تمثل أفضل ممارسات القوة كما قال "ستيفن لوكس" في كتابه بعنوان" القوة"، فلقد أصبح للحرب مفهوم آخر وهو مفهوم القوة وليست الحرب بالجيوش وهي كيفية ممارسة القوة بالقوة الفكرية، وهي التأثير في الوعي، فبدلا أن يذهب عسكري أو جندي للحرب، تم استبدالهم بكتاب نتأثر بآرائهم فيكون هناك تبعية ثقافية للعدو، وهنا ليس هناك وعي بمن هو العدو، فالعدو كان بالماضي واضحا، أما الآن فالعدو ليس ظاهرا يؤثر عليك يجعلك تفقد الثقة بنفسك وبوطنك وذلك بالتدخل بما يمسى بالوعي الزائف.
وأشارت، إلى أنه ينبغي أن تتم مجابهة ذلك عن طريق المواجهة بالإعلام، فمن الضروري أن يتم إحداث ثورة حقيقية وطنية ترفع الوعي وتكون لها رؤية عميقة، وكذلك نعيد بناء الذاكرة الاجتماعية على النحو الذي يقوى الشعور بالهوية، فقضية الذاكرة والحروب تحتاج إلى احتشاد وطني وثقافي ومعرفي.
حروب الجيل الرابع
ومن جانبه يضيف اللواء محمود منصور رئيس الجمعية العربية للدراسات الإستراتيجية، لقد تميزت السنوات الماضية بلجوء القوى المعادية للعالم العربي والأمة الإسلامية لاستخدام أساليب جديدة في فرض إرادتها على دولنا ومتجنبة بذلك الحروب التقليدية التي تعودنا عليها من اصطدام جيشين أو أكثر يترتب عليه خسائر فادحة في جيوش الأطراف المشاركة، ونظرا لعدم تحمل القوى الكبرى التي كان لها الهيمنة على العلم تكليف وتبعات الحروب التقليدية لجاءت إلى استخدام ما يسمى بحروب الجيل الرابع وفيه يتم التمييز لتلك الحروب من خلال تجميد أفراد ومنظمات وأحزاب داخل الدولة المستهدفة بحيث يتم إقناعهم بحتمية إسقاط الحكومات القائمة من خلال إزاحة الحاكم والقضاء على جهاز الشرطة والأمن الداخلي والقوات المسلحة والقضاء وما يترتب على ذلك من دمار اقتصادي واجتماعي والاضطرار إلى هجرة أماكن المعيشة وفقدان الرعاية الصحية وكل أشكال الحياة التي تمكن الإنسان البقاء حيا.
وأشار إلى استخدم وسائل الدعاية من خلال الإذاعات والقنوات الفضائية والسوشيال ميديا "الإنترنت" لتفتيت الكيان النظامي للمجتمع في الدولة المستهدفة لتسهيل عملية اختراق الحياة داخل الدولة المستهدفة، في الواقع فان المشكلة ليست في الجهة المعادية لها فلها تفكر كيفما تشاء وهذا حقها ، وبما أننا لنا حقنا فمن الضروري أن لا تكون آذاننا وعقولنا أكياسا لتجميع القمامة الصادرة من العدو إلينا ولا يجب أن نمنح ثقتنا لما يقولون وهنا تبرز قيمة الشعب وقدرته ولذلك يحدد الشعب ما يستحقه في الحياة من كرامة وعزة ورفاهية اجتماعية أو العكس.
دور الإعلام
وفي السياق ذاته يوضح النائب أحمد إسماعيل عضو لجنة الأمن القومي بمجلس النواب، أن الدولة ومجلس الوزراء لا يدخروا جهد في مجابهة أمثال تلك الحروب، فهناك مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء والذي يقوم بالرد على الشائعات بالحقائق والأرقام والمعرفة، وكذلك يجب على المواطن المصري أن يقوم تلقائيا بالرد على أي شائعة، لذلك يجب أن يتكاتف الشعب لمواجهة ذلك، وأيضا من الضروري تكاتف الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب للتصدي لمثل هذه الحروب وخاصة الإعلام عن طريق التوعية وعدم ترديد الشائعات لما يعود بمردود سلبي على الشعب المصري.