Close ad

زعيم ثورة "يونيو" ورئاسة الاتحاد الإفريقي!

14-2-2019 | 18:43

إن تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي في هذه المرحلة الفارقة من تاريخها يُعد نجاحًا متواصلاً لمصر على مستوى المحافل الإفريقية؛ لتقود القارة السمراء التي وضعت شعوبها كل الثقة في الرئاسة والقيادة للرئيس عبدالفتاح السيسي؛ لحرصه الدءوب على استعادة مصر لدورها الفاعل في إفريقيا، وكانت بداية الغيث قطرة في اكتساح التصويت على استضافة بطولة الأمم الإفريقية أمام جنوب إفريقيا بحصولها على كل الأصوات الستة عشر مقابل صوت واحد للمنافس.

ولا عجب في إعطاء هذه الثقة الرائعة لمصر وقيادتها؛ فالتاريخ يحكي عما كشفته البرديَّات عن رحلات الفراعنة العظماء إلى بلاد بونت؛ وعن مخطوطات الأناجيل وحكم الكتاب المقدس؛ ثم هذا التلاقي المدهش بين الشمال والجنوب مع امتدادات الحضارة القبطية والإسلامية من مصرنا المحروسة إلى عموم إفريقيا؛ ثم تعمقت في زمن الكشوف الجغرافية وكان الارتباط بها عميق الجذور.

ويذكر التاريخ أيضًا أن الإنسان الأول خرج من فوق أرضها؛ ليصنع أول وأعظم حضارة راقية عرفها البشر وهي الحضارة المصرية التي قامت على ضفتي نهر النيل وحوضه؛ لتجري دماء الحياة في جسدٍ واحد لشعوب هي الأقرب لبعضها البعض معيشيًا وثقافيًا وحضاريًا، والدليل الأكبر على اتصال مصر بالعمق الإفريقي منذ قديم الزمان؛ هو وجود رحلاتهم بالبعثات التجارية التي أرسلتها الملكة حتشبسوت إلى بلاد "بونت" على سواحل البحر الأحمر الموازية للصومال؛ حيث تم تسجيل رحلات تلك البعثات على جدران معبدها بالدير البحري بالأقصر، وإن كانت هناك اختلافات جوهرية بين تلك الأقطار؛ فهي من صنع الاستعمار الفكري والعسكري الذي سيطر على بعض تلك البلاد في غيبة الوعي وسيادة الفقر والجهل والمرض؛ والعمل على إثارة القلاقل بتحريك النعرات القبلية والعرقية بين أبناء الوطن الواحد وجيرانه.

ولا يخفى على المتابعين لأنشطة الرئيس السيسي وتحركاته الفاعلة في جنبات القارة الإفريقية، وبخاصة زياراته المتعددة إلى دول حوض النيل، أنها تُعد أهم حدث سياسي في بداية هذا العام، وما سيتبع تلك الزيارات من انعكاس إيجابي على الحالة الاقتصادية والحياة المعيشية بزيادة التعاون والتكامل بين مصر وجميع الأشقاء الأفارقة، ولا شك أن القيادة المصرية تعي تمامًا أن إفريقيا هي العمق التاريخي والإستراتيجي لها؛ فهي المالكة لناصية القارة في هذه البقعة السحرية وسط خريطة العالم.

ومن الأجدر لنا أن نقف على أهم الفعاليات وأهدافها؛ فنستضيء بكلمات الرئيس في الدورة الثانية والثلاثين التي أقيمت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بقوله:

" ... سنعمل خلال العام 2019 على تعزيز أُسس التنمية المُستدامة بما يُطوِّر من إمكانات مُجتمعاتنا، ويوفر المزيد من فرص العمل لشبابنا، ويمهد الطريق نحو إفريقيا المزدهرة القوية، معتمدين في ذلك على علاج جذور الأزمات التي تعاني منها القارة، ومُسلطين جهودنا على حل أزمات النازحين والمهاجرين واللاجئين بشكل شامل وجذري، تتكاتف فيه جهود الدعم الإنساني العاجلة مع خطط بناء السلام وإعادة الإعمار، وكذا مساعي تعميق التنمية ووصول عائداتها لكل ربوع القارة بشكل عادل...".

ولم يفُت الرئيس تأكيد دور المرأة الإفريقية؛ حين وجَّه إليها هذه الكلمات وسط استحسان هائل من الحضور مؤكدًا أنها"... تستعيد يومًا تلو الآخر دورها المحوري في المساهمة في قيادة الدولة..." ، ثم وجه تحية تقدير إليها لما تحملته من ويلات الحروب بالصبر وتحمل قلة الموارد بالجهد قائلا: "لا يوجد ما يمنعكن من تحقيق آمالكن وترسيخ قيادتكن وعليكن مواصلة الجهد والعمل والتسلح بالعلم والإرادة، وعلينا أن نفتح جميع الأبواب أمام تحقيق الآمال والأحلام للمرأة الإفريقية " .

تلك هي المكاسب والمنجزات التي يضعها الرئيس نصب عينيه لتحقيق أهدافه ومقاصده، ولتأكيد أهمية البدء في التعاون في المجال الإفريقي؛ بادرت مشيخة الأزهر الشريف بزيادة منح الطلبة الأفارقة به إلى 100% مع بداية تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي، ويبلغ عددهم أكثر من خمسة آلاف طالب وطالبة، علاوة على تسهيلات الإقامة بمدينة البعوث الإسلامية بالقاهرة، ومواكبة لهذا الحدث الجلل؛ أعلن المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء المصري أن أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي تتمثل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال العمل على توفير فرص عمل للشباب الإفريقي، وتطوير منظومتي التصنيع والزراعة في إفريقيا لتحقيق الأمن الغذائي، وضرورة العمل على مد جسور التواصل الثقافي والفكري والحضاري بين الشعوب الإفريقية؛ لإمكان مواجهة الضربات من عملاء الداخل والخارج لتفتيت مسيرة قارة إفريقيا نحو الريادة وامتلاك مواردها ومناجمها الغنية من البشر والمعادن النفيسة التي تنتظر الكشف عنها والاستفادة بها.

إننا يجب أن ندرك تمامًا أن تحقيق التقارب المصري مع الدول الإفريقية، سيؤتي ثماره في عدة اتجاهات سياسية وأمنية واجتماعية، ولعل أهم الملفات التي تحرص عليها الإدارة المصرية بقيادة زعيم ثورة "يونيو"؛ هو "ملف العامل المائي" وحماية مجرى النيل من المنبع إلى نهاية رحلته في المصب، والعمل على الحفاظ على المخزون الإستراتيجي للمياه خلف السد العالي، والعمل على حماية وتفعيل الاتفاقيات الخاصة بحصة مصر وحقها التاريخي في مياه النيل، والعمل على مواجهة ودحض الافتراءات الصهيونية في أطماعها داخل القارة الإفريقية وبخاصة في الادعاء الكاذب بأن لها حقًا تاريخيًا في مياه النيل؛ والتي أوحى بها إليهم "هرتزل" منذ أنشأ حركته الصهيونية والاستيلاء في غفلة من الزمان على أرض فلسطين.

إنها مصر المحروسة القابعة على ناصية القارة.. والتي لن تتخلى عن ريادتها لصالح كل البشر القاطنين على أرضها؛ لتحقيق رفاهية الحاضر والمستقبل.

وحسنا فعلت إفريقيا بوضع ثقتها في رئيسنا المتواضع شديد الاعتداد بمصريته، وكذلك بالانتماء لإفريقيا على الصعيدين الإنساني والجغرافي بغير تعالٍ ولا خيلاء.. تحيا مصر.. وتحيا إفريقيا!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة