بداية، التهنئة واجبة، وأتوجه بها، مخلصًا، إلى جمهورية الصين الصديقة، عامة، وإلى إقليم الحكم الذاتي، ذي الأغلبية المسلمة "شينجيانج إيجور"، خاصة؛ بعد ما شاهدته، على الطبيعة هنا في المنطقة من علامات مبشرة ومبهجة للأمن والأمان، والتنمية والتقدم والازدهار، ضمن خطة طموحة ومحكمة، تتبعها الحكومة المركزية في بكين، لانتشال الإقليم الحدودي الغربي، المترامي الأطراف، من الفقر المدقع، والقضاء نهائيًا وإلى الأبد على كل مظاهر العنف والإرهاب.
أكتب هذا المقال من مدينة كاشقر الـ"إيجورية"، ذات الأغلبية المسلمة، في أقصى غرب الصين، حيث مناخ شديد البرودة، تصل فيه حرارة الجو إلى 10 درجات تحت الصفر، وبالرغم من هذه البرودة، تتزين المدينة - وكذلك المناطق التابعة لها - لاستقبال عيد الربيع "تشون جيه"، الذي يصادف يوم غد الخامس من فبراير 2019، وهو اليوم الأول من العام الجديد، وفقًا للتقويم القمري الصيني التقليدي.
قبل الوصول إلى كاشقر، التقيت في العاصمة الصينية بكين، بصحبة وفد رفيع المستوى من الإعلاميين والصحفيين المصريين، مع السيد "جيانج جيان قوه"، نائب رئيس دائرة الدعاية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وقد أجاب المسئول الصيني الكبير، بدرجة وزير، بحرية وصراحة تامة، على كل أسئلة الوفد، وهي كما يلي:
• تعتبر الصين دولة ذات قوميات وأديان مختلفة.. فكيف تحقق التعايش السلمي بينها؟
- يقول السيد " جيانج جيان قوه": إن الصين تواجه منذ تاريخ قديم مشكلة التعايش بين قوميات وأديان مختلفة، ومنذ بداية حكم الحزب الشيوعي للبلاد، يتمسك الحزب بوضع الشعب في المركز الأول، وتحديد سياسات التنمية للقوميات انطلاقًا من موقف الشعب كله، وضمان حرية الاعتقاد، وقد حققنا التعايش المنسجم بين القوميات المختلفة والاحترام والضمان التام لحرية الاعتقاد الديني.
ولدي دليلان على تحقيق الصين هدفها في التعايش السلمي بين القوميات والأديان المختلفة؛ الأول: إن الصين من الدول الأكثر استقرارًا وأمانًا في العالم، وذلك لا يتحقق بدون التعايش السلمي بين القوميات والأديان.
الثاني: خلال 70 سنة من تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تضاعف عدد معتنقي الأديان والمنشآت الدينية في البلاد باستمرار، ولم يكن ذلك ليتحقق، بدون الحرية الدينية.
• تشوه وسائل الإعلام الغربية دائمًا صورة الصين وتهاجمها، وتعاني مصر من هذا التشويه أيضًا، فكيف تواجه الصين هذه المشكلة؟
- "جيانج جيان قوه": لدى بعض الدول الأوروبية والأمريكية وشخصيات في هذه الدول شعور بالتفوق على الدول الأخرى وإصرار على إصدار الأحكام المسبقة، فتهاجم طريقتنا التنموية وتشوهها، وتنكر إنجازاتنا الاقتصادية، وتنتقدنا مهما قلنا أو فعلنا، وهذا السلوك يرجع إلى أسباب أيديولوجية واعتبارات إستراتيجية، وهذا ليس مفاجئًا، أو مثيرًا للخوف، فنحن نواجه الهجوم والتشويه بمبادئنا التي تعتمد على التمسك بالثقة بالنفس، والاتزان والتفاؤل والنضال.
• لماذا أنشأت الصين مراكز التدريب في "شينجيانج"؟، وهل تضمن الحياة الدينية لطلاب هذه المراكز؟
- "جيانج جيان قوه": منذ تسعينيات القرن الماضي، انتشر التطرف والإرهاب في العالم، وبسبب ذلك، عززت قوى الانفصال والتطرف والإرهاب تأثيراتها على شينجيانج، وخاصة في الجنوب، وبعض الناس أساءوا تفسير الإسلام، وأثاروا العداوات ضد من سموهم الكافرين، ودبروا الآلاف من الحوادث الإرهابية، التي أدت إلى مقتل عدد كبير من المواطنين ومئات من رجال الشرطة وخسائر مادية جسيمة، وهذه الأنشطة الإرهابية أضرت بالاستقرار والتنمية في شينجيانج، وانتهكت الأمن وحقوق الإنسان الأساسية لأبناء القوميات المختلفة في المنطقة، وبالتالي لن يقف الحزب الشيوعي والحكومة مكتوفي الأيدي إزاءها.
إن مواجهة الأنشطة الإرهابية والتطرف الديني تعتبر مشكلة عالمية صعبة، بناء على الأوضاع في شينجيانج، تبنت الحكومة المحلية سياسة "المكافحة والوقاية" معًا، التي تراعي التوازن بين توقيع العقوبات على الجرائم وحماية حقوق الإنسان، وتلتزم بالقانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية وقانون مكافحة الإرهاب في الصين، بالإضافة إلى مبدأ العدل والرحمة.
فتخفف العقوبات على من تأثروا بأفكار الإرهاب والتطرف والمشتبه بهم في ارتكاب أعمال إجرامية غير جسيمة حسب القوانين، وفي الوقت نفسه، توفر لهم تدريبات مهنية مجانية ليتعلموا اللغة والقانون والمهارات، وذلك لمعالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب والتطرف.
وقد أثبتت الحقائق، أن إنشاء مراكز التدريب المهنية إجراء فعال، حيث لم تشهد شينجيانج أي حادث إرهابي لـ 25 شهرًا متتاليًا منذ بدء عملها.
كما تلتزم مؤسسات التدريب المهني بدستور الصين ولوائح البلاد الخاصة للشئون الدينية وغيرهما من القوانين واللوائح، وتحترم عادات وأعراف أبناء مختلف القوميات.
• ما هو اتجاه التنمية الصينية وآفاقها؟
- "جيانج جيان قوه": خلال العقود الماضية، ومنذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، حققت الصين تغيرات هائلة وإنجازات تاريخية وقفزة عظيمة، وظهر فيها هذا الزخم الإيجابي للتنمية، بفضل الخطط العلمية والجهود الدؤوبة.
وحول التنمية في المستقبل، فقد حددت الصين أهداف "الذكريين المئويتين"، وهي: إتمام بناء المجتمع الرغيد الشامل بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي في عام 2021، وإتمام بناء دولة حديثة اشتراكية مزدهرة وديمقراطية وحضارية ومنسجمة وجميلة بحلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 2049، وهدفنا الحالي هو إتمام بناء المجتمع الرغيد بشكل شامل، ونعمل حاليًا على تحقيق النصر في المعارك الثلاث، هي: الوقاية من المخاطر الكبيرة وتسويتها، وتخفيف حدة الفقر، ومنع التلوث ومعالجته.
• كيف تلعب مصر دورًا مميزًا في عملية بناء "الحزام والطريق"؟
- "جيانج جيان قوه": تتمتع الصين ومصر بالكثير من النقاط المشتركة، منها:
أولًا: تمتاز كلتاهما بحضارة عريقة يعود تاريخها إلى ما قبل آلاف السنين، وقد بدأت التبادلات الودية بينهما منذ القدم.
ثانيًا: هما من الدول النامية، واختارت كل منهما طريق التنمية والنظام الأساسي وفقًا لظروفهما الخاصة، وقد حققتا إنجازات كبيرة وتتمتعان بأفاق واعدة.
ثالثًا: تلعب كل من الصين ومصر دورًا مهمًا في محيطها والعالم وتقدم إسهامات كبيرة، ولكنهما تواجهان تحديات خارجية كبيرة.
هذه النقاط المشتركة تفسر بداية الصداقة بين البلدين منذ قديم الزمن واستمرارها لأجيال كثيرة، وتؤكد ضرورة الحفاظ عليها في المستقبل.
فالصين ومصر من الدول ذات الطموحات الكبيرة، وترغبان في الإسهام في تنمية العالم عبر التنمية الذاتية، وقد طرح الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، رئيس الدولة، شي جين بينج، مفهوم بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، ومبادرة بناء "الحزام والطريق" ما يؤثر تأثيرًا عميقًا على الصعيد الدولي.
• ما رأيكم في آفاق التعاون بين وسائل الإعلام الصينية والمصرية وتوطيد العلاقات بينهما؟
- "جيانج جيان قوه": هناك ظروف جيدة لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال الصحافة:
أولًا: هذا التعاون يمتاز بأساس راسخ؛ حيث تعود الصداقة بين وسائل الإعلام الصينية والمصرية إلى تاريخ قديم، وهي دائمًا تقوم بتغطية صحفية موضوعية وفعالة وشاملة وعقلانية، ما يعزز الصداقة بين الشعبين.
ثانيا: التبادلات بين الطرفين مكثفة، وقد شهد التعاون بين وسائل الإعلام من الجانبين تعمقًا وتوسعًا مستمرين، كذلك يتمتع التعاون الصحفي الثنائي بإمكانات هائلة وآفاق واسعة.
انتهى حديث المسئول الصيني الكبير، بقي أن أوافي القارئ الكريم، لاحقًا بما شاهدته على الطبيعة من أمن وتطور وازدهار في إقليم شينجيانج الصيني ذي الأغلبية المسلمة - بإذن الله.
[email protected]