Close ad

من باريس لباليرمو ولوكسمبورج.. يا "ليبي" احزن

15-12-2018 | 23:18

لا أدعي أنني عالم ببواطن الأمور الخاصة بالأزمة الليبية.. ولكنني استغرب من حالة "اللا حل"، التي يستعذبها كل الأطراف ويشقى بسببها المواطن الليبي البسيط، الذي صار في الشتات حول العالم، وجلهم في مصر الجارة الأقرب لهم، وبيننا وبين الليبيين مصاهرة ونسب، ويعيشون في مصر بين أهلهم وأخوالهم معززين مكرمين، وكل من أعرفهم من خيرة الشباب الليبي.

فمنهم الطبيب الناجح والطالب النابه والمهندس والتاجر، وكلهم يتمنون حلا للأزمة، وأن تعود ليبيا موحدة كما كانت، وأن يتوقف نزيف الثروات الليبية التي هي ملك للشعب الليبي وليست ملك تلك الفرق المتناحرة فيما بينها، في صراع محموم على السلطة فقط لا غير.

وها هم جماعة الإخوان والمتأخونون.. يخلعون رداء الجماعة، ويرتدون بدلا منها رداء البيزنس، وتتوارى الميليشيات على أطراف المدن، وكل منها مدعوم من جماعات مصالح ودول أوروبية..

وأستغرب أيضًا لماذا الإصرار الأوروبي على التدخل في الشأن الليبي.. وما هي فائدة تلك المؤتمرات التي يتم عقدها في دول أوروبا المختلفة، والجلسات التي يتم عقدها في لوكسمبورج لمناقشات عديدة؛ للبحث عن حل أوروبي للأزمة الليبية، وقبلها كان باليرمو في إيطاليا، والذي تمخض ثم ولد فأرًا، وقبله كان مؤتمر باريس بلا طائل أو حل..

وها هي روسيا أيضًا تدخل على الخط وطبعًا بريطانيا هي محور الشر - كعادتها دائمًا - في كل مشكلات الشرق الأوسط وأزماته؛ نجدها حاضرة بقوة في الأزمة الليبية..

وحسب ما جاء في جريدة الحياة اللندنية كشفت مصادر روسية: أن موسكو مهتمة فعلا بالتدخل في ليبيا لأسباب عدّة.

وكشف الخبير الروسي في شئون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، سيميون باغداساروف، في حديث إلى صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» عن مساعٍ تقوم بها موسكو لتوسيع نفوذها في ليبيا، وقال: «في ليبيا، جميعهم مهتمون في المقام الأول بالنفط، وبريطانيا نفسها لا تخفي ذلك، ويريد الاتحاد الأوروبي بشدة التعلّق بهذا الصنبور»، لافتًا إلى أن روسيا أيضا، مهتمة بـ«الذهب الأسود»، وزاد: «في حال نجاح الانتخابات الرئاسية القادمة في ليبيا يمكننا توسيع نفوذنا بشكل ملحوظ هناك، لكنه أشار إلى أن «ليس النفط فقط ما يهم روسيا»، مؤكدًا أن «تطهير هذا البلد من الإرهاب، يصب أيضًا في مصلحة روسيا».

وأضاف باغداساروف: «نحن مستعدون تمامًا، كما في سوريا، لضمان أمن ليبيا؛ لذلك أنا متأكد من أن وجود قاعدة عسكرية على النمط السوري في ليبيا فيه مصلحة روسيا»، مشيرًا إلى أن موسكو «تتعمق أكثر في المشهد الليبي»..

وطبعا أفلحت روسيا إذا صدقت فيما يخص محاربة الإرهاب والقضاء عليه في ليبيا.. وطبعا ذلك سيصب في مصلحة دول الجوار وعلى رأسها مصر، التي أصابها ضرر كبير بسبب الإرهاب، وجزء كبير منه جاء من ليبيا وحدودنا معها ممتدة..

والحمد لله أن الجيش المصري نجح في تحجيم خطره بشكل كبير..

وأعود إلى الجارة ليبيا وأسأل لماذا لا تلتقي كافة الأطراف داخل ليبيا لإيجاد حل للأزمة بدلا من سياحة المؤتمرات في أوروبا؛ للبحث عن حل لإعادة الاستقرار لليبيا في عواصم لا تريد الخير لليبيا ولا لليبيين.. بل هي المستفيد الأول من استمرار الشقاق والانقسام وحالة الاستقطاب الحادة التي يشهدها المجتمع الليبي.. ولازلت أذكر خلال زيارة لي إلى مقر حلف الناتو في مطلع عام 2017، سألت أحد قادة الحلف المعنيين بمنطقة الشرق الأوسط لماذا لا يصحح حلف الناتو الخطأ الجسيم الذي ارتكبه في ليبيا عام 2011؟

فاجأني الرجل باعتراف حلف الناتو بالخطأ الجسيم الذي ارتكبوه في ليبيا، ولكنهم لا يعرفون كيفية تصحيح هذا الخطأ، وأن الوضع حاليًا لا يسمح لهم بالتدخل.. وذكرت له وقتها كيف تسمحون لتركيا بالتدخل في ليبيا وزيادة حدة الصراع برغم أن دور الحلف كما يدعون هو عدم التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة؟ وطبعا لم يجب عن السؤال.

ومعروف للجميع أن لإيطاليا ولفرنسا وغيرها من دول أوروبية وتركيا وقطر مصلحة في ترسيخ الانقسام الليبي - الليبي، ولكل منهم أطماع قديمة جديدة في ثروات ليبيا الهائلة التي تبددت على مدار عقود.

وللأسف مازال النزيف مستمرًا مادامت حالة الانقسام المدعوم من الخارج مستمرة.. وللأسف ليس لدي ما أقدمه أو أقوله إلى كل مواطن ليبي ها أنت محاصر من كل صوب وحدب بمؤتمرات باليرمو ولوكسمبورج، ومن قبلها باريس والصخيرات، وصرت بين حكام وطلاب السلطة رهينًا، وفي هواهم صرت بلا شك سجينًا أو شريدًا ولاجئًا.. وكما قال صديقي الليبي النبيل: "فقلوبكم غدت ما بين هؤلاء طعينًا.. ولكم بالرافدين خير دليل".. والله المستعان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة