Close ad

الولع المصري بإفريقيا

15-12-2018 | 23:17

مصر استضافت "منتدى إفريقيا 2018" بحضور رؤساء ووزراء أفارقة، وكذلك رجال أعمال وبنوك ومستثمرون.. وتبدو مصر بهذا المنتدى وبغيره من مؤتمرات حول القارة في الفترة الأخيرة تحتشد إفريقيًا كمقدمة لرئاسة الاتحاد الإفريقي اعتبارًا من فبراير 2019.

الإعلام المصري اهتم بشكل لافت بالمنتدى، وهي المرة الثالثة التي يعقد في مصر.. والرئيس السيسي افتتحه وقدم ما اعتبره البعض "روشتة" عاجلة للقارة الإفريقية عبر تنمية شاملة ومستدامة.

والرأي العام في مصر يراقب ما يحدث، ويعرف أن مصر ركن أساسي في القارة التي طالما أسعدتنا في ملاعب كرة القدم، وذلك بحصولنا على كأس القارة مرات كثيرة، كما تحصل الأندية المصرية على بطولات عدة تسعد بدورها مشجعي هذه الأندية..

وأكثر من الكرة قليلا، لن تجد إلا خبراء، وهم كثر في الحكومة وخارجها.

لكن المهم دائمًا هم الناس الذين لا يمانعون في سفر فرقهم على طائرات خاصة لملاقاة الفرق والمنتخبات الإفريقية، ولا ينظرون بغضب إلى مكافآت الفوز.. حسبتهم بسيطة للغاية: الإنفاق والمكافآت في مقابل البطولات.

هؤلاء المواطنون على استعداد في نفس الوقت لكي تنفق الحكومة بسخاء؛ برغم الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري، ما دام يجري التوظيف المثالي لأي مصروفات واهتمامات بالقارة، بحيث يكون هناك عائد واضح وجلي.

إن توظيف الولع المصري الحالي بإفريقيا سينعكس بالإيجاب على المصريين عندما تستقيم عناصر المعادلة، فيجب أن تُعَبد الطرق البرية والحديدية والطيران والسفن، وكل ما يخص النقل، حتى تصبح مصر هي بوابة إفريقيا.. ومعنى أن تهتم بالقارة وبالرأي العام وبالشباب، أن تكون جامعاتنا جاهزة لاستقبال الطلاب الأفارقة، ليس هذا فحسب؛ وإنما تقدم ما يجعل هذه الجامعات التي تتجاوز الستين، حكومية وخاصة وأجنبية، جاذبة للشباب الإفريقي. ومعنى رؤيتك لإفريقيا باعتبارها سوقًا واعدة، هو أن تكون لديك صناعات ومنتجات تبيعها أو تروج لها، إذا لم تكن منتجاتك من الأصل في هذه السوق، لتحقق أرباحًا من التجارة مع إفريقيا.

ولدينا تجارب سابقة في سنوات الستينيات من خلال شركة النصر للتصدير والاستيراد وشركة المقاولون العرب وتجارة الأدوية والمنتجات الجلدية، تلك التجارب تستحق الدراسة لمعرفة ما أنجزت وما فشلت فيه وكيفية إعادتها إلي التوهج والفعالية على أرض القارة.

كما يجب دراسة تجارب ربما أدق في تخصصها، وهي التجربة الطبية المصرية في إفريقيا؛ فأعرف أطباء تم إرسالهم عن طريق الحكومة إلى مدن وقرى في إفريقيا، وأثبتوا نجاحات مشهودة، جعلت بعضهم يستمر لعشرات السنين، وبعضهم لم يترك القارة حتى الآن بضغوط من أهل هذه البلاد الذين تمسكوا بهم لما لمسوه منهم من جدية وكفاءة وإنسانية.

والأمل يطرح نفسه؛ لأننا لسنا بعيدين عن هذه الأفكار، فمصر تساعد في مشروعات مائية، وترسل خبراء مياه وزراعة إلى مدن إفريقية عدة، وهناك خطط لقطار القاهرة – كيب تاون في جنوب إفريقيا..

كل هذا عمل مستمر أو ينبغي أن يكون كذلك، أما سنة رئاسة الاتحاد الإفريقي فلها خصوصية، ربما تبدو احتفالية بعض الشيء، لكن هذا هو الشكل الخارجي، وأما الجوهر فهو ما يجب الحرص عليه.

ومرةً أخرى يجب أن يكون لدينا حقيبة جديدة خاصة بالشئون الإفريقية، وزارة دولة، أو مستشار لرئيس الجمهورية، ولننظر إلى السعودية التي استحدثت في مطلع العام الحالي وزارة دولة للشئون الإفريقية، بينما هي في قارة أخرى.

في الوقت الذي يجب فيه تأسيس - عبر هيئة الكتاب - سلسلة تهتم بالكتاب الإفريقي، نشرًا وترجمة؛ فالمعرفة تساعد على تقارب الشعوب، وعبر وسائل الإعلام يمكن تخصيص ساعات أو موجات موجهة وبرامج خاصة بالقارة.. بذلك نؤسس "أجندة" إفريقية في مصر بالمواعيد والأهداف والوسائل التي يمكن أن تحول الاحتفالات إلى نواة تأسيس هيئات ومؤسسات تقدم عناية دائمة بالشأن الإفريقي، ومسارات للمستثمرين ورجال الأعمال وتبادل يفتح الباب واسعًا للتجارة البينية بين مصر ومختلف دول القارة.

في الوقت الذي يجب أن يعي الجميع أن لدينا معهدًا للدراسات الإفريقية، وكان تأسس عام 1947 باعتباره معهدًا للدراسات السودانية، ثم تحول إلى معهد الدراسات الإفريقية عام 1954، ومنذ ذلك الوقت خرج عن المعهد خبراء في الشأن الإفريقي ودراسات وأبحاث ورسائل علمية متخصصة، يمكن نشرها أو إعادة نشر ما صدر منها، ويمكن لخبراء المعهد أن يشكلوا خلية عمل في سنة رئاسة مصر للاتحاد، تقدم المشورة والخبرة، لتكون السنة بداية وليست نهاية العودة إلى إفريقيا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: